الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النساء الأميركيات... صعود فوق جدار التمييز

النساء الأميركيات... صعود فوق جدار التمييز
28 ديسمبر 2009 20:51
معدلات التأييد الشعبي لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في ارتفاع. وسارة بالين باتت اليوم مؤلفة واحد من الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة. من هذا المنطلق، تبدو الخلاصة واضحة تقريبا؛ وهي أن الولايات المتحدة لا بد أن تنتخب، ذات يوم قريب، امرأة لمنصب الرئاسة... أليس كذلك؟ قد يكون من السهل، من منظور تاريخي، أن ننسى المعاناة التي طبعت سباق المرأتين اللتين كانتا السباقتين للتأسيس لوضع جديد في حملة 2008 الانتخابية. لكن هل تتذكرون التركيز على عيون هيلاري المتهدلة في الصورة التي نشرت على موقع "درادج ريبورت" على الإنترنت، بينما المذيع "راش ليمبو" حول ما إن كان الأميركيون يرغبون في رؤية امرأة تشيخ في منصب الرئاسة؟ وهل تتذكرون الصدمة الجماعية التي أثارها الجدل حول طفل سارة بالين الخامس، وما إن كان طفلها حقا، وحول خبر حمل ابنتها المراهقة، على نحو ألقى بظلاله القاتمة على المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري؟ الواقع أن معظم الناس، بمن فيهم المرشحون أنفسهم، يفضلون نسيان هذه اللحظات والتركيز بدلا منها على الاختراق الذي شهدناه في انتخابات 2008 التي خاضها وفاز بها أوباما، أول رئيس أميركي من أصول إفريقية. لكن المحطة الأخرى مازالت تبدو صعبة وبعيدة. فهذا العام، تتنافس نساء على بعض من أكثر المقاعد أهمية، في ماساتشوسيتس وكاليفورنيا وتكساس وفلوريدا وولايات أخرى. ورغم كل الانتقادات والتوصيفات القدحية، فإن انتخابات 2008 لم تكن مجرد مجموعة من الذكريات السيئة بالنسبة لمرشحتين، وإنما شكلت فرصة بالنسبة للبلاد وللنساء اللاتي يترشحن للمناصب السياسية العليا كي يتعلمن ما يتطلبه وصول امرأة ما إلى البيت الأبيض ذات يوم في المستقبل. وبوصفي صحفية متخصصة في الأخبار السياسية، فقد أمضيتُ أكثر من عامين ونصف العام في تغطية حملة هيلاري الانتخابية، كما سافرتُ مع بالين بعد اختيارها نائبة لماكين على بطاقته الانتخابية. وفي ما يلي بعض الدروس التي جمعتها واستخلصتها من مشاهداتي خلال الحملة الانتخابية، والتي يجدر بالنساء اللاتي يهدفن للترشح وكسر ما سمته هيلاري "أعلى وأقوى جدار تمييز ضد النساء غير معلن على الإطلاق"، أن يأخذنها بعين الاعتبار. حسب وثائق داخلية للحملة، افترض كبير المخططين الاستراتيجيين في حملة هيلاري، "مارك بين"، أنها ستفوز بنسبة 94 في المئة من أصوات النساء الشابات، وأن النساء عموما سيُقبلن على دعمها بشكل تلقائي. والواقع أن ذلك ما حدث بالفعل عند نهاية الحملة، لكن الأمر لم يكن كذلك خلال أول محطة من محطات الانتخابات التمهيدية، في ولاية آيوا، حيث احتلت هيلاري المرتبة الثالثة خلف أوباما وجون إدواردز. لقد أخطأت هيلاري استراتيجيا في مرحلة مبكرة من حملتها، حيث أهملت الجامعات وتخلت عنها لأوباما. كما واجهت مشكلة بخصوص ما إن كان ينبغي أن تصف حملتها بـ"التاريخية"، مناقشةً فكرة خطاب حول "الجندر" على مدى أشهر. ولأنها كانت تركز كثيرا على إثبات صرامتها، فقد أضاعت فرصة الحصول على دعم نساء مؤثرات مثل أوبرا وينفري وكارولين كينيدي. وفقط حين بدأت النساء ينظرن إليها كمرشحة محاصَرة خلال حملة الانتخابات التمهيدية في نيوهامبشر، أخذت كلينتون تستجمع قوتها بين الناخبين الذين وقفوا إلى جانبها خلال ما تبقى من الانتخابات التمهيدية. لكن الوقت كان قد فات. والواقع أن مستشاري ماكين ارتكبوا خطأ مماثلا في حالة بالين، حيث افترضوا أن ملايين النساء اللاتي دعمن هيلاري سينتقلن للتصويت لتذكرة "ماكين- بالين" من أجل صنع حدث تاريخي. لكن ذلك لم يحدث؛ حيث صوت 82 في المئة من النساء "الديمقراطيات" اللاتي قلن إنهن دعمن هيلاري لأوباما، حسب استطلاعات الرأي التي أُجريت لدى خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع، مما يُظهر مرة أخرى أن الحزب أقوى من "الجندر". وفي الماضي، جرت العادة أن يكون مصدر القلق الأكبر بالنسبة للنساء السياسيات هو الثلاثي: الشعر والسترة والأزواج. لكن وبفضل مشهد سياسي يقوم على المساواة على نحو متزايد، وحيث لم يعد زي الرجال يسلم هو أيضا من العيون الفاحصة والانتقادات، فإن مجالا واحدا فقط مازال يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للنساء ألا وهو الأزواج، والعائلات بصفة عامة. وذاك ما حدث بالنسبة لهيلاري التي لابد أنها كانت تعلم منذ البداية حقيقة أن كون زوجها ترأس الولايات المتحدة لولايتين سيجلب لها مزيداً من التركيز والتمحيص. وقد كانت هيلاري أقل استعدادا للتعليق بشأن ابنتها: فعندما علمت أن أحد مقدمي البرامج التلفزيونية قال في بث مباشر إن تشيلسي كلينتون "تُستغل استغلال بشعا" من قبل الحملة، انهارت هيلاري باكية كما ذكر مساعدون لها. ولعل المثال الأكثر قوة هو سارة بالين التي لم يكن حمل ابنتها مصدر هجوم سياسي صريح. ويذكر هنا أن أوباما اعتبره موضوعا محظورا عندما انكشف الخبر. لكن ذلك الحمل أصبح مادة إعلامية دسمة بالنسبة للكوميديين والمعلقين الذين أثاروا أسئلة حول ما إن كانت بالين تستطيع الاضطلاع بمهامها كنائبة للرئيس وتربية هذا العدد الكبير من الأبناء في الوقت نفسه. وأثبت التركيز الإعلامي قدرته على الإلهاء وصرف الانتباه، بل وإلحاق الضرر. لكن ذلك لم يكن جديدا: فهذه جين سويفت، الحاكمة الجمهورية السابقة لماساتشوسيتس، شُجعت من قبل حلفائها السياسيين على عدم الترشح من أجل إعادة انتخابها بعد أن وضعت توأمين أثناء وجودها في السلطة، حيث مازال حلفاؤها يعتقدون إلى اليوم أن دورها كأم هو أكثر إزعاجا وأثقل وطأة مما تستطيع الطبقة السياسية تحمله. كاتبة وصحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©