الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طفل سوري آخر يحارب للبقاء!

5 سبتمبر 2016 21:56
في معظم الدول، تكون طفلة كشيماء البالغة من العمر ست سنوات في المدرسة، تنظر مقطبة في أوراقها الدراسية قبل أن تهرول إلى الملعب خلال فترة الاستراحة. يقول والدها «محمود طافاي» «لقد اعتادت أن تعود مسرعة إلى المنزل وتؤدي واجباتها المنزلية بسرعة، أشك في أنها كانت تكذب، لكنها كانت فعلاً لا تستغرق أي وقت لإنجازها». لكن لسوء الحظ، ربما لا تستطيع الطفلة الرؤية مرة أخرى، حيث أصابها العمى بسبب رصاصة قناص اندفعت بسرعة خلال الميني باص الذي كانت تستقله أسرتها ومرت خلال رأسها وذراعها في شهر نوفمبر الماضي. لقد دمرت الحرب طفولة شيماء، كما هو الحال مع الملايين غيرها من الأطفال السوريين، حيث أدت هذه الحرب إلى أخطر أزمة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية. ومن بين 4.3 مليون لاجئ سوري، فإن نصف هذا العدد على الأقل من الأطفال. وقبل عام بالضبط، تجلى أثر الحرب على الأطفال بصورة مؤلمة في صورة طفل صغير ملقى على وجهه على أحد الشواطئ التركية. وبموته، أصبح «آلان كردي» رمزاً لـ«الجيل الضائع» في سوريا. وقد تمكنت شيماء بالكاد من الهرب. لقد عاشت السنوات الخمس الأولى من عمرها في ضاحية «سكري» في شرق حلب، قبل أن يقوم والداها في صباح أحد أيام نوفمبر بنقل طفليهما على متن حافلة صغيرة في حالة من الذعر، بينما كان القتال يقترب. وعندما بدأ الرصاص في التطاير من جانب القوات الكردية، تسببت الطلقة في إصابة عينيها. أما شقيقها «عبده» (12 عاماً)، والذي يصفه محمود بأنه «حامي» شيماء، فقد قتل. وفي الأجزاء التي يسيطر عليها المتمردون، فإن الضربات المتكررة على المستشفيات قيدت بشدة من إمكانية الحصول على الرعاية الصحية. وبمجرد أن يصبح السوري لاجئاً، تبدأ مجموعة من المشاكل الجديدة، منها الحاجة إلى أوراق جديدة للوصول إلى نظام الرعاية الصحية في البلد الأجنبي، فضلاً عن الحاجة إلى تحمل قوائم انتظار ممتدة. وبعد وصولها إلى جنوب تركيا، تعين على شيماء البقاء لعدة أشهر في المستشفيات والعيادات، وأحياناً تكون نائمة كالكومة بين ذراعي والدها، لدرجة أن الملاحظ قد لا يراها. وما حدث بعد ذلك تسبب في حيرة الجميع. يقول والدها إنها «حاربت وحاربت واستطاعت البقاء على قيد الحياة». وبحلول عيد ميلادها السادس، تمكنت شيماء من الوقوف مجدداً. وفي صورة لها في ذلك اليوم، كانت ترتدي قبعة الحفل، وعلى وجهها تعبيرات متسائلة، بينما كانت تحمل بالونات ذات ألوان مبهجة. وذكر «محمود» في مقابلة عبر الهاتف من تركيا هذا الأسبوع: «كنا نعتقد أنها ستصاب بالشلل، لكنها مقاتلة. وهي دائماً تقول لي: بابا، لا بأس أن القناص أصابني، إنني لست حزينة. لقد أراد الله ذلك، وأنا أعلم أنني سأتحسن». من الأصعب علاج جراح الحرب غير المرئية. وتقول جماعات المساعدة إن معظم الأطفال السوريين الذين يقابلونهم تبدو عليهم آثار الصدمة، بما في ذلك الجزع الشديد، وذكريات الماضي وحتى محاولات الانتحار. ورغم أن المنظمات المحلية والدولية تقدم مجموعة واسعة من خدمات إسداء المشورة، فإنها تصل فقط إلى قلة من اللاجئين في لبنان وتركيا والأردن، وهي الدول التي استقر بها معظم السوريين. تقول «لينا سيرجي عطار»، المؤسس المشارك لمؤسسة «كرم»، التي تقدم الدعم للاجئين السوريين، إن حجم الاحتياج صدم حتى المتخصصين في علاج الصدمات من ذوي الخبرة. وأضافت «الأمر لا يتعلق فقط بالأطفال، بل بكل شخص كالآباء والمعلمين. والكثير من هؤلاء كانوا في العادة يعتمدون على أسرهم وجيرانهم لنيل الدعم. وجاءت الحرب لتفكك كل هذا». وبمناسبة الذكرى السنوية لوفاة آلان كردي هذا الأسبوع، دعا «سليل شيتي»، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، البلدان الغنية إلى بذل المزيد لمساعدة الأطفال السوريين. وقال: «حتى تتحمل الدول الغنية مسؤولية أكبر بالنسبة للأزمة التي تتكشف أمامها، وتأخذ حصة أكثر عدلاً من الفارين من الحرب والاضطهاد، فإنها ستحكم على آلاف آخرين من الأطفال بالمخاطرة بحياتهم في رحلات يائسة أو بالمحاصرة في مخيمات اللاجئين بلا أمل في المستقبل». *مراسلة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©