الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القنبلة الديموغرافية في نيجيريا

21 يناير 2017 22:28
قبل بضع سنوات، عندما كانت ضجة «النهضة الأفريقية» في أوجها، كان عدد السكان الآخذ في الزيادة يُنظر إليه كميزة نسبية. وبينما كانت الشعوب الغربية تتقدم في العمر ومقبلة على التقلص، كانت شعوب أفريقيا المفعمة بالشباب مرشحة لاكتساب ديناميكية اقتصادية وتنموية نشطة. وإذا كانت هناك دولة تجسد هذه الرواية، فهي نيجيريا، البلد الأكثر سكاناً في القارة، والتي كانت تفاخر بمعدل نمو يتراوح بين 7 و8% خلال سنوات العقد الأول من القرن الـ21. لكن الآن، وبعد أن تسبب تراجع سوق السلع الأولية العالمي في جعل نيجيريا تهوي في أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقدين، وارتفعت معدلات البطالة بين شبابها، بات من الواضح أن التركيبة السكانية هناك بمثابة كارثة محققة. والقنبلة الموقوتة تدق بوتيرة أسرع مما كنا نخشاه؛ ففي نهاية العام الماضي، أشارت تقديرات مكتب الإحصاء الوطني في نيجيريا إلى أن عدد سكانها تجاوز 193 مليون نسمة، أي أكثر بكثير من التوقعات السابقة للأمم المتحدة التي تحدثت عن 187 مليون نسمة عام 2016. وبعبارة أخرى، فإن توقعات الأمم المتحدة بأن تتفوق نيجيريا على الولايات المتحدة كثالث دول العالم من حيث عدد السكان بحلول 2050 قد تتحقق في وقت أقرب من ذلك بكثير. وإن جزءاً من التفاؤل حول النمو السكاني في نيجيريا نابع من ثروة الموارد الطبيعية، والتي كان يفترض أن تتيح إقامة استثمارات في مجالات البنية التحتية والصناعة والتعليم. لكن في ظل تقلب الأسواق، فإن عائدات النفط والغاز -التي تمثل 95% من عائدات التصدير و70% من الإيرادات الحكومية- لم تعد كافية للوفاء باحتياجات بلد في حجم نيجيريا. والواقع أنه منذ أن بدأت أسعار النفط بالتراجع منتصف عام 2014، انخفضت قيمة عملة نيجيريا بأكثر من 170% مقابل الدولار، بينما انكمش الناتج المحلي الإجمالي من حيث القيمة الدولارية. وبالنسبة لنصيب الفرد، فإن الوضع أكثر سوءاً، حيث لا تستطيع الحكومة إنفاق أكثر من 77 دولاراً على كل مواطن في 2017. وقد خصصت الحكومة 290 مليون دولار فقط للتعليم هذا العام، أي أقل مما تنفقه جامعة هارفارد على الأبحاث والتنمية. ومن غير المتوقع أن يتغير هذا الوضع قريباً، ما يعني أن عدداً كبيراً من المواليد الجدد سينضمون إلى الأميين في نيجيريا والبالغ عددهم 62 مليون نسمة. أي أن نسبة كبيرة من سكان نيجيريا سيفتقرون إلى المهارات اللازمة لتأمين وظائف ذات رواتب جيدة، أو لإقامة مشروعات مستدامة. ومن المرجح أن ينضم كثيرون إلى جيش ضخم من الشباب العاطلين عن العمل، والبالغ عددهم 30 مليون شخص وتتراوح أعمارهم بين 15 و34. ووفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، فإن أكثر من 45% من شباب نيجيريا، والبالغ عددهم 69 مليوناً، عاطلون عن العمل. ومع هذه الإحصاءات القاتمة، لا عجب أن تزداد معدلات جرائم الخطف والسطو المسلح، بينما أصبحت التوترات العرقية آخذة في النمو. وإلى ذلك، فإن الشباب يرحلون إلى أوروبا بأعداد قياسية: من بين 153 ألف مهاجر دخلوا دول الاتحاد الأوروبي عبر السواحل الإيطالية في 2015، كان هناك 22 ألف نيجيري. فما الذي يمكن عمله لنزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة؟ لقد حان الوقت لتعزيز برامج تنظيم الأسرة، ولكن هذه البرامج ذات تأثير محدود بسبب ضيق نطاقها وعدم قدرتها على تغيير الحساسيات الثقافية والدينية. فالترويج لوسائل منع الحمل ليس عملاً سهلاً في مجتمع تسوده القيم الدينية. وهناك اعتقاد ثقافي سائد، تعززه رواية «نهضة أفريقيا»، بأن نيجيريا تستمد قوتها من عدد سكانها. ولذلك فإن الأشخاص الوحيدين القادرين على تغيير العقول هم الزعماء الدينيون، إذ أن معظم النيجيريين متعلقون بزعمائهم الدينيين، سواء أكانوا أئمة أم قساوسة. * كاتبة متخصصة في الشؤون الأفريقية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©