الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رايمون كينو وفنّ اللعب بالكلمات!

رايمون كينو وفنّ اللعب بالكلمات!
2 مايو 2015 22:30
حسّونة المصباحي (برلين) احتكّ الشاعر والروائيّ الفرنسيّ رايمون كينو (1903 - 1976) الذي كان أيضاً صحفياً وناشراً، بكلّ المدارس الأدبيّة التي عرفتها فرنسا خلال النصف الأول من القرن العشرين، غير أنه لم ينتم إلى أيّ منها. ولد كينو في مدينة «لوهافر»، شمال فرنسا، يوم 21 فبراير 1903، أي في نفس السنة التي ولد فيها جان بول سارتر. وهو ينتمي إلى عائلة كانت تهتمّ بالزراعة أباً عن جدّ، غير أن والده كان استثناء في العائلة، إذ إنه كان يعمل محاسباً في مدينة «لوهافر»الساحليّة، وهناك التقى جوزيفين مينو التي كانت تملك محلاّ للألبسة النسائية وتزوجها عام 1901. وكان ينفر من الاختلاط بأنداده، مفضلاً مصاحبة قطّ يدعى «بيبو». ومبكّرا أحبّ الموسيقى، وتعلّم العزف على البيانو. وبين وقت وآخر، كان يرافق والده إلى السينما ليشاهد أفلام شارلي شابلن التي كان يعشقها. وكان في سنّ الحادية عشرة لمّا اندلعت الحرب الكونيّة الأولى، غير أنه لم يهتمّ بفواجعها، بل انشغل بدراسة الفيزياء والكيمياء والرياضيّات والجغرافيا واللسانيّات والفلسفة والأدب، وفي المدرسة، كان رايمون كينو تلميذاً كسولاً، لكنه بدأ يظهر نبوغا، ويحصل على جوائز. في عام 1920، سافر إلى باريس بهدف إنجاز ماجستير في مادة الفلسفة، لكنه لم يطق باريس، لذلك كان يقضي في معابر جامعة «السربون» أياماً قاتمة يهيمن عليها الصمت والوحدة، ومع ذلك تمكّن من أن يقرأ مؤلفات فرويد في علم النفس وكتباً أخرى في الفلسفة وعلم الاجتماع. وفي عام 1924، اقترب من الحركة السوريالية غير أنه سرعان ما ابتعد عنها ليحتفظ منها بحب اللعب بالكلمات الذي سيبرع فيه لاحقاً، وكان «الثورة السوريالية: حكاية حلم»، أول نصّ كتبه حول تلك التجربة، وقد خضبت الخدمة العسكرية التي دعي إليها خطواته الأولى في الأدب والشعر. وها هو في الجزائر جنديّاً، ثم في المغرب، حيث كانت تدور رحى حرب «الريف»، وهناك تعلم العربيّة، وفتن بموسيقاها «العميقة». وفي مطلع شبابه كان رايمون كينو بتجنب الاختلاط بالنساء، بل كان يفرّ منهن، لذلك شكّك اندريه بروتون، عرّاب السورياليّة في رجولته، وعيّره بـ«الشذوذ الجنسي»، لكن ذات يوم جاء رايمون كينو بما أثبت عكس ما توقعه الآخرون، فقد عشق شقيقة اندريه بروتون وتزوجها. ولمّا طلب منه اندريه بروتون أن يطلّق زوجته مثلما فعل هو، رفض ذلك رفضاً قاطعاً، وبسبب هذا الخلاف، انقطعت العلاقة بين الصديقين. وفي هذه الفترة، اقترب كينو من جورج باتاي المعادي للسورياليين، ومعه أصدر مجلة «وثائق» نشرا فيها مجموعة من النصوص الفلسفية والفكرية، وبالتعاون معه كتب نصا بعنوان: «نقد الأسس التي يقوم عليها الديالكتيك الهيجلي». وفي عام 1933، صدرت روايته الأولى «البخيل» عن دار «غاليمار» المرموقة فانفتح أمامه باب الأدب على مصراعيه. أما على المستوى السياسي، فلم يكن على علاقة بأي حزب من الأحزاب تقدمياً كان أم رجعيّاً، وحتى النهاية ظلّ محافظا على استقلاليته الفكرية، رافضا الاقتراب من المجموعات التي كان يسميها«العشائر». وفي أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي قرأ جويس وعزرا باوند، وعندما أصبح رئيسا للجنة القراءات في دار «غاليمار»، رفض نشر رواية مارغريت دوراس الأولى التي حملت عنوان: «عائلة تانران» ناصحاً إيّاها بالعمل على تحسين أسلوبها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©