الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرجل الأخضر

4 مايو 2011 19:38
وقفت خائفاً من تلك العشبة البشرية الناطقة. أردت أن أصرخ، أن أفجر المكان بصوتي، لكنه أخذ كفي المتعرقة وبدأ يتهجى الورقة اللحمية: - حياتك منعشة في الموت. ثم اختفى بعد أن وضع تميمة خضراء حول معصمي. تلك الحادثة جعلتني لا أسقط في النوم أبداً. كنت حائراً من دخوله المفاجئ لغرفتي ومن وجهه الذي يشبه لحاء شجرة يابسة. الأحداث اللاحقة جعلتني اتكئ على فراغي وكوابيسي المتكررة. ذلك الشيخ بعينيه الدوديتين، أصبح يزورني كل يوم، يقضم كفي بنظراته ويختفي. بعد ذلك بدأت الخطوط في يدي تتشقق وتتسع ثم تمتد. في ليلة بائسة خرجت، باحثاً في نفسي، عن سر تلك التعويذة، وعن سر تلك الحلقة القماشية حول معصمي. لقد حاولت مراراً أن أخلعها.. أن أمزقها لكن دون فائدة.. فقد علقت بجلدي الذي بدا يشع كالفوسفور. سرت في كل اتجاه بقامتي الحلزونية. كنت أضحك والناس يضحكون على ضحكي. ضحكت من اللا شيء الذي يلبسني .. من الوجوه المتصاعدة أمامي كالبخار. رقصت كثيراً. ركضت كثيراً، عندما توقفت نظرت إلى أصابع يدي المتشققة، أردت أن أهرب. ركضت من جديد. شاهدت الرجل الأخضر يخرج من الصحراء التي ابتلعت المدينة.. شاهدت قبوراً تفرغ من هياكلها، وتضرب عظمة عظمة. بكيت كثيراً حتى توحلت عيناي. خرج من تحت الرمل رجل مطمور بالنياشين والأوسمة. اقترب مني ثم وضع حذاءه الأسود الطويل فوق رقبتي. أنا في وسط المدينة، بالضبط في وسط الساحة التي يشنق فيها اللصوص والخونة.. أشاهد جثتي تتدلى وتتأرجح في الهواء، وأرى الناس حولي يضحكون بكثرة على هذا الرجل الأخضر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©