الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علاقات واشنطن وبيونج يانج... تعقيدات إضافية

2 يناير 2010 23:19
دونالد كيرك سؤول-كوريا الجنوبية قالت كوريا الشمالية إنها اعتقلت مواطناً أميركياً، يرجح أن يكون روبرت بارك، وهو مبشر مسيحي كوري -أميركي كان قد عبر الحدود الكورية بهدف توصيل رسالة إلى القادة الكوريين الشماليين تطالبهم بإغلاق كافة السجون التي يعاني داخلها المنشقون والمعارضون للنظام. وربما يرتبط مصير هذا المواطن الأميركي بمحادثات سداسية تجرى مع بيونج يانج. وكان "بارك" البالغ من العمر 28 عاماً قد عبر نهراً متجمداً على الحدود الكورية الشمالية عشية أعياد الميلاد وهو يحمل رسالة "حب ومغفرة" إلى الزعيم كيم جونج إيل. لكن يبدو أنه بات بحاجة الآن لرحمة الزعيم الكوري حتى يسمح له بمغادرة البلاد عائداً إلى وطنه أميركا. فقد ذكرت وكالة بيونج يانج المركزية للأنباء أن السلطات اعتقلت يوم الثلاثاء الماضي مواطناً أميركياً، تسلل عبر الحدود المشتركة بين الصين وكوريا الشمالية، وأن التحقيقات تجرى معه الآن من قبل هيئة أمنية مختصة. إلى ذلك نقل أحد المواقع الإلكترونية الكورية الشمالية بعضاً من محتوى الرسالة التي حملها السجين الأميركي جاءت فيها ثلاثة مطالب هي: فتح الحدود، وإغلاق كافة معسكرات التعذيب والأعمال الشاقة، إضافة إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين. ومما لا شك فيه أن رسالة كهذه تثير غضب المسؤولين الكوريين الشماليين الذين اعتادوا إنكار ارتكاب بلادهم لأي انتهاكات لحقوق الإنسان. لكن السؤال هو: مدى الصعوبة التي يواجهها بارك، قبل أن يفرج عنه كيم جونج إيل؟ حسب تعليق إيدان فوستر -كارتر، الخبير المختص في الشؤون الكورية لعدة عقود، فمن الممكن أن يكون اعتقال هذا القس الأميركي فرصة لتحسين العلاقات الأميركية -الكورية الشمالية أو لتوترها أكثر من ذي قبل. فربما يدور مصير هذا القس المنتمي إلى تحالف للناشطين المسيحيين عرف بإدارته حملة دولية ضد انتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة لكوريا الشمالية، حول الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية بهدف إعادة بيونج يانج إلى طاولة المحادثات السداسية حول برامجها النووية. وكان ستيفن بوسويرث -المبعوث الأميركي الخاص لكوريا الشمالية- قد زار بيونج يانج في وقت مبكر من شهر ديسمبر المنصرم لمواصلة ما وصفه بأنه "محادثات بناءة" حول عدد من القضايا، ربما تصل إلى وضع سياق لمفاوضات محتملة. لكن فوستر-كارتر، الزميل الفخري بجامعة ليدز البريطانية، يرى أن من شأن اعتقال بارك أن يسبب صداعاً خفيفاً لوزارة الخارجية الأميركية. لكنه نفى في الوقت نفسه احتمال إطالة السلطات الكورية الشمالية فترة اعتقالها لبارك. وتعيد هذه الحادثة إلى الذاكرة تجربة اعتقال الصحفيتين الأميركيتين لورا لينج وإيونا لي في شهر مارس من العام الماضي أثناء عبورهما لنهر تيومن الحدودي المتجمد -وهو نفسه النهر الذي عبر منه بارك يوم الثلاثاء الماضي- في محاولة منهما لتصوير فيلم تلفزيوني عن اللاجئين الكوريين الشماليين لشبكة "كرنت تيفي". وكانت مدة اعتقالهما قد استمرت 140 يوماً بينما حكم عليهما بالسجن 12 عاماً مع الأعمال الشاقة. لكن الرئيس الأسبق كلينتون وصل إلى بيونج يانج على متن طائرة خاصة في بداية شهر أغسطس، والتقى بالزعيم الكوري الشمالي كيم، ثم عاد إلى كاليفورنيا بعد ثلاث ساعات وبصحبته كلتا الصحفيتين المعتقلتين. ويذكر أن وزارة الخارجية الأميركية أعربت عن قلقها، لكنها قالت إنها لا تزال بانتظار ما يؤكد اعتقال بارك هناك. وكان الواجب أن يصدر هذا التصريح من قبل السفارة السويدية في بيونج يانج التي تقوم بالأعمال الدبلوماسية الأميركية بسبب عدم وجود سفارة أميركية في العاصمة الكورية الشمالية. على صعيد آخر أثنى مارك فيتزباتريك -مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأميركية، يعمل حالياً بمعهد الدراسات الاستراتيجية في لندن- على شجاعة القس بارك ونبل الرسالة التي حملها إلى قادة بيونج يانج، غير أنه لم يثن على الطريقة التي اختارها لتوصيل تلك الرسالة. وقال فيتزباتريك إن تسلل بارك بطريقة غير مشروعة عبر الحدود الكورية الشمالية كان عملاً طائشاً لن تكون نتيجته سوى تعقيد الجهود الدبلوماسية المبذولة مع بيونج يانج. واستطرد المتحدث إلى القول إن بارك منح نفسه هدية للقادة الكوريين الذين لا شك سيستثمرون اعتقاله في المساومة على حريته مقابل مزيد من المكاسب الدبلوماسية أو تحسين علاقات بلادهم العامة مع واشنطن. وشكك فيتزباتريك في أن يقدم البيت الأبيض أي مقابل كان لبيونج يانج لتأمين إطلاق سراح بارك، خاصة وأن الأخير ربما يقرر تكرار فعلته مرة أخرى في المستقبل. ويجدر بالذكر أن ها تاي-هيون -من إذاعة كوريا الشمالية الحرة- أشار إلى اختلافات جوهرية بين حالة بارك وحادثة اعتقال الصحفيتين الأميركيتين لينج ولي. ويتلخص هذا الاختلاف في أن لينج ولي لم تتعمدا التسلل إلى داخل الحدود الكورية، على عكس ما فعله بارك. وهذا ما يثير غضب الزعيم كيم جونج إيل الذي ربما لن يبدي تسامحاً مع من قصد إهانة بلاده وانتهاك حدودها. وأشار "ها" الذي تبث محطته الإذاعية الأخبار والتحليلات عن كوريا الشمالية لمدة ساعتين في الجارة الجنوبية سؤول- إلى أن سلطات بيونج يانج دأبت على معاقبة المواطنين المسيحيين الذين يباشرون شعائرهم الدينية سراً. وفيما لو كان بارك مواطناً كورياً شمالياً لأمرت السلطات بإعدامه أو إرساله إلى معسكرات التعذيب والأعمال الشاقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©