الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدستور الجديد لكينيا: إسلاموفوبيا ودعم خارجي

11 يوليو 2010 21:22
سودارسان رجفان كينيا منذ 13 عاماً والقاضي مظهر أحمد يعمل في ظل نسبي، حيث يصدر عقود زواج المسلمين، ويطلّق أزواجهم، ويبت في نزاعات الإرث. لكنه اليوم يواجه موضوعاً لا يشبه أياً من المواضيع التي رآها من قبل؛ وله كلمة واحدة فقط لوصفها: "الإسلاموفوبيا"، أو الخوف من الإسلام. أحمد هو رئيس محكمة القضاة، وهي واحدة من بين 17 هيئة قضائية تحكم في قضايا الأحوال الشخصية لمسلمي كينيا، بناءً على أحكام الشريعة الإسلامية، حيث يضمن دستور البلاد عمل هذه المحاكم منذ عقود. لكن زعماء مسيحيين بدأوا مؤخراً يسعون لإزالتها في مشروع دستور جديد من المرتقب إجراء استفتاء حوله في الرابع من أغسطس المقبل، مجادلين بأن كينيا دولة علمانية، وأن على المسلمين ألا يحصلوا على امتيازات خاصة. هذا في حين يقول زعماء مسلمون إن هذه الجهود تندرج في إطار أجندة تروم حرمان مجتمعهم من حقوقه وإضعاف معتقداته، إذ يقول أحمد: "إنهم يزرعون الكراهية بين المسلمين والمسيحيين". والواقع أن الصراع يخفي وراءه صداماً أكبر بين الإسلام والمسيحية في كينيا، والتي تعد حليفا مهماً للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، حيث تحارب في صمت نمو التشدد الإسلامي؛ لذلك يخشى العديد من الكينيين من أنه إذا لم يجر احتواء التوترات، فإنها يمكن أن تعمق الانقسامات السياسية وتولد توترات طائفية من النوع الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص بين العرقيتين الرئيسيتين في كينيا بعد عام 2008. ففي هذا البلد ذي الغالبية المسيحية، بدأ القلق ينتاب المسيحيين بسبب الجالية المسلمة التي تزداد عدداً ونفوذاً؛ وهم يلقون الدعم من منظمات مسيحية أميركية، بينما يبدو المسلمون حذرين من تزايد سلطة المنظمات المسيحية الأصولية، والمدعومة من قبل المسيحيين الأميركيين. والجدير بالذكر هنا أن تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، عام 1998، شنج العلاقات بين المسيحيين والمسلمين، وهي العلاقات التي ازدادت سوءاً خلال عشر سنوات التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث تزايدت المخاوف من التطرف والإرهاب الإسلامي في هذا البلد الواقع شرق القارة الإفريقية. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من الكينيين اليوم يخشون أن تمتد إلى بلادهم الحرب الأهلية الدائرة رحاها في الصومال المجاور، حيث تسعى مليشيا "الشباب" المرتبطة بـ"القاعدة" إلى الإطاحة بالحكومة المدعومة من قبل الولايات المتحدة؛ حيث خلق التدفق الكبير للاجئين الصوماليين، وجميعهم من المسلمين، كراهية الأجانب وكرس التصورات الخاطئة حول الإسلام. وفي هذا السياق يقول راشد عبدي، المحلل المقيم في نيروبي من منظمة الأزمات الدولية: "إن موضوع محاكم القضاة وسيلة لتشتيت الانتباه... إنه لتغذية الأفكار المسبقة حول الجانبين والتصورات الخاطئة التي ازدادت خلال السنوات العشر الأخيرة". وتوجد محاكم القضاة، أو المحاكم الشرعية، في كينيا منذ قرون. وحسب الدستور الكيني، فإن نطاق اختصاصها القضائي يقتصر على المسائل المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية والطلاق والإرث بالنسبة للمسلمين، الذين يشكلون 10 في المئة من سكان البلاد. لكنها لا تنظر في المسائل الجنائية؛ وسلطتها أقل من سلطة محاكم كينيا الأعلى درجة. والواقع أنه منذ عقود وهذه المحاكم تعمل بدون مشاكل، تحت مراقبة معظم الكينيين؛ غير أنه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أصبح زعماء الكنيسة يخشون أن تولد المحاكم التطرف؛ ورفعت مجموعة من الكنائس، في عام 2004، دعوى قضائية لإزالة محاكم القضاة من الدستور الحالي، لكن هذه الأخيرة استمرت لسنوات في عملها. كما يخشى بعض الزعماء المسيحيين أن تُستعمل هذه المحاكم لتبرير توسيع أحكام الشريعة في كينيا. ويعد الدستور المقترح جزءاً من جهود تروم إحداث توازن قوة أكثر إنصافاً بين المجموعات الإثنية في كينيا. وكان اختلال التوازن المتصوَّر هذا هو الذي أدى إلى الأحداث العرقية العنيفة في عام 2008. ولئن لم يلعب الدين دوراً مهماً في تلك الأحداث، فإنه بات يهيمن على النقاش الدائر اليوم حول الاستفتاء المقبل. وفي هذه الأثناء، دعا السفير الأميركي في نيروبي الكينيين علناً إلى التصويت للدستور المقترح، بما في ذلك البند المتعلق بمحاكم القضاة، مجادلاً بأن تمريره يعد أساسياً من أجل الحفاظ على استقرار كينيا. غير أنه على مواقع الإنترنت، وفي مقالات رأي أخرى، تندد بعض المنظمات المسيحية الأميركية المحافظة بالدستور المقترح، حيث تعارض البند الذي ينص على محاكم القضاة، وتنظر إلى جوانب من الدستور على أنها مؤيدة للإجهاض. بل إن بعض تلك المنظمات أطلقت حملات لتوقيع عرائض ضد محاكم الأحوال الشخصية الإسلامية. وفي هذا الإطار، فتح المركز الأميركي للقانون والعدالة، الذي أسسه رجل الدين الإنجيلي الأميركي بات روبرتسون، مكتباً له في نيروبي هذا العام من أجل معارضة الدستور الجديد. ويقول المركز على موقعه الإلكتروني "إن العدد الكبير من المسلمين في الأحياء العشوائية الفقيرة والارتفاع العام في أعداد الصوماليين" يجعلان موضوع محاكم القضاء "موضوع الساعة"، مضيفاً: "ثمة من يرى وجود أجندة إسلامية عامة تروم أسلمة البلاد". غير أنه في الشهر الماضي، حكمت المحكمة العليا في كينيا بإزالة البند الذي ينص على السماح لمحاكم القضاة بالعمل من مسودة الدستور الجديد. لكن القرار استؤنف، كما عارض بعض السياسيين الكبار بقوة إزالة المحاكم من مسودة الدستور، وذلك لأسباب تعود في جزء منها لحقيقة أن المسلمين باتوا يشكلون كتلة انتخابية قوية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©