السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أجندة الإصلاح التركية

11 يوليو 2010 21:22
ليام هاردي كاتب ومحلل سياسي أميركي يعمل في إسطنبول تم في الأسابيع الأخيرة إجراء إعادة تقييم دولية لدور تركيا بعد هجوم القوات الإسرائيلية على سفن الإغاثة التركية المتوجهة إلى غزة، الذي أدى إلى مقتل تسعة أشخاص، وبعد أن أدى الاستقبال الغربي الفاتر لصفقة تركية- برازيلية مع إيران تقضي بمبادلة اليورانيوم وفق ضوابط معينة إلى تصويت تركي سلبي على عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن برنامج إيران النووي. وقد أدّت هذه الأحداث إلى ظهور تعليقات إعلامية حول "تحوّل في المحور" في منظور سياسات تركيا من الغرب إلى الشرق، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً من واشنطن إلى أنقرة، وإلى ما وراء ذلك. إلا أن الإصلاح الدستوري، وهو بند على أجندة الجدل الداخلي التركي، يمكن أن يكون له أعمق الأثر وأبعد التداعيات بالنسبة للمجتمع التركي نفسه. ويرى كثيرون هنا في تركيا أن على السياسيين وأفراد الجمهور أن يعيدوا تركيز اهتمامهم على موضوع الإصلاح الدستوري. ويتفق الكثيرون على أن دستور تركيا الذي تحميه المؤسسة العسكرية يعاني من كثير من الشوائب، حيث يحتوي على قيود على حريات التعبير الأساسية وحريات التعبير الديني وحقوق الانخراط في الجمعيات والتجمعات. وقد طالب الاتحاد الأوروبي، بشكل متكرر بإصلاح الدستور كجزء من حزمة مطالب يقتضيها مسعى تركيا للانضمام إلى الاتحاد. كما أعرب كبير المفاوضين لشؤون الاتحاد الأوروبي، إيغيمين باغيش، إضافة إلى العديد من المسؤولين الأتراك ذوي المناصب العالية، عن هذه الحاجة أيضاً. والواقع أن حزمة من الإصلاحات الدستورية قد تم اقتراحها وسيتم التصويت عليها في استفتاء عام يوم 12 سبتمبر المقبل، على رغم أنها تواجه احتمالات الإلغاء من قبل المحكمة الدستورية بسبب قضية رفعها "حزب الشعب الجمهوري" المعارض. ويجادل البعض بأن حزمة الإصلاحات المقترحة تتخذ إجراءات إيجابية لمعالجة القضايا المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية وسلطة المحاكم العسكرية. ويقول آخرون إن التعديلات ليست كبيرة جدّاً بحيث توفر لتركيا التغييرات الديمقراطية الحقيقية الضرورية. فهي على سبيل المثال لا تخفّض عتبة الـ 10 في المئة الانتخابية لتمثيل الأحزاب السياسية في البرلمان، كما لا تتطلب انتخابات أوّلية للأحزاب، ولا تقلص فعليّاً قدرة الحزب الحاكم على حظر الأحزاب السياسية الأخرى. كما تم انتقاد تغييرات أخرى تتعلق بإعادة تشكيل النظام القضائي ووصفت بأنها انتهازية سياسية من جانب "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، الأمر الذي يقلّل بالفعل من فصل السلطات وموازنة القوى واستقلالية النظام القضائي. وأستطيع تقديم بعض وجهات النظر المعمقة بهذا الشأن مُخاطراً بذلك بأن أتّهم بأنني أجنبي فضولي، أتدخل فيما لا يعنيني، حول كيفية إطلاق حوار فكري حول هذا الموضوع من خلال الإشارة إلى إحالات من التاريخ في بلدي الولايات المتحدة. فأثناء حوارهم حول اعتماد دستور الولايات المتحدة، سطّر مفكّرون بارزون في عامي 1787 و1788، ما لا يقل عن 85 مقالاً تضع الخطوط العريضة لفلسفة وحوافز النظام المقترح للحكم، إضافة إلى العديد من المقالات المعارضة لتلك المقترحات. وقد أصبحت تلك المقالات تُعرَف فيما بعد باسم "الأوراق الفيدرالية" و"الأوراق المضادة للفيدرالية"، وكان مؤلفوها يهدفون إلى التأثير على عملية اعتماد الدستور وأساليب تشكيل تفسيراته المستقبلية. ولم تنتج عن تلك العملية وثيقة كاملة، حيث إن دستور الولايات المتحدة ترك مسألة ممارسة العبودية على الأميركيين من أصول إفريقية. ومع ذلك تمكن من إنتاج أكثر المواثيق استقراراً وبقاءً لنظام حكم في تاريخ العالم الحديث والمعاصر، مع تحديد واضح للحقوق والحريات التي تضع خطوطها العريضة التعديلات العشرة الأولى، وتوازن القوى واضح أيضاً بين السلطات الحكومية الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. وعلى رغم أن الأحوال السائدة في أميركا يومها وتركيا الحديثة تختلف إلى درجة كبيرة، فقد يتمكن المشرّعون والمفكّرون الأتراك من تكرار نجاح التجربة الأميركية وتجنّب مجالات فشلها من خلال إعطاء الإصلاحات الدستورية الأولوية العظمى، كما فعل أولئك الذين قاموا بتأطير الدستور الأميركي. وسينظر مواطنو تركيا بعد سنوات من الآن إلى الوراء ليحكموا على هذه الفترة الزمنية الحالية ويتساءلوا كيف تم الإعداد لهياكلهم الاجتماعية ونظام حكمهم. وسيتساءلون، ما الذي فعله قادتنا، وهل كان هو الخيار الصحيح؟ إن على هؤلاء الذين لهم مصلحة في إيجاد إطار ديمقراطي مستدام لنظام تركيا السياسي أن يُظهروا الآن مستوى جادّاً من بُعد النظر فيما يتعلق بالإصلاح الدستوري ووضعه على رأس أجندتهم. وتستطيع الدولة التركية، بوجود مؤسسات ديمقراطية، أن تستمر في البناء على الحرية والازدهار المتزايدين. ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©