الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ورد لأم العروسين

11 يوليو 2010 21:24
سترقص الأم وتغني فرحتها النادرة، ستنثر الحب والورد والياسمين على كل من حضر وبارك واحتفى وهناً.
الفرح بزواج الأبناء أشبه بغبطة ميلادهم، لأن أسرة جديدة تولد وسوف تكبر وتمتد وتتفرع. زواج الأبناء فروع جديدة في شجرة العائلتين الزوج والزوجة. العريس والعروس.. فروع نضرة شابة ومكتنزة بالأخضر والأمل.. بالحب والهناءة والطمأنينة.
حين يكبر الأبناء وتأخذهم الحياة بتشعباتها وطموحاتهم.. حين يبتعدون عن الحضن والبيت يستبطن الأم قلق خفي عليهم. وتنثال الأسئلة:
كيف يتدبرون أمور حياتهم؟ من يهيئ طعامهم ويرتب مسكنهم؟ من يمر بكفه الحانية على ملابسهم ويهيئ مرقدهم؟ من يطمئن على نومهم ويقظتهم؟ من يمسح متاعبهم بقبلة ويبلل جفاف الأيام حولهم بطراوة الحنو؟. من سيطمئنهم إذا قلقوا؟ ومن سيحدثهم إذا شطت بهم وحشة التوحد؟
أسئلة كثيرة، كثيرة لا تكف عن التدفق ومحاصرة المشاعر وتوالد الأفكار والتخيلات والأوهام. قلق لا يهدأ يستبد بنا نحن الأمهات. حتى يتزوجوا فنطمئن، ففي الزوجة تجتمع الحبيبة والأم والأخت. وفي الزوج يجتمع الأب والأخ والابن.. حين يتزوج أبناؤنا نفرح ونطمئن كما لو أن زواجهم امتداد لحضننا لحناننا ورعايتنا.
لكن ثمة فرقا وافتراق بين المفاهيم القديمة والحديثة في علاقة الأم على وجه الخصوص، بأبنائها. ففي المفاهيم القديمة تعاني الأم من الغيرة وربما الحسد من انصراف اهتمام الأبناء إلى زوجاتهم أو أزواجهن. يتخالط الفرح بزواجهم بالحزن والأسى على افتراقهم، وانفرادهم بمسكنهم أو خروجهم بعد الزواج من بيت العائلة، كما لو أن هذا الانفراد هو خروج على سلطة العائلة أو سطوتها. لذا سنت المفاهيم العائلية القديمة تقليد طالب البيت الممتد، أو العائلة الممتدة” حيث يبقى الابن وزوجته، والابنة وزوجها، تحت سقف إحدى العائلتين والأغلب كانت تحت سقف عائلة الابن تكريسا لسلطة الرجل السائدة في كل المجتمعات البشرية حتى في تشكيل حياتهما وفق رغباتهما. لكن ذلك التغيير لم يشمل كل المجتمعات البشرية، حيث تفاوت التطور سلطته بين مجتمع ومجتمع.
ومن المحزن أن تحت سقف مفهوم “العائلة الممتدة” كانت زوجة الابن وتدعى “الكنّه” وتعني في معجم اللغة المرأة زوجة الابن أو الأخ. وتعني أيضا: المرأة غطت وجهها وسترته حياء من الناس.
ويرمز بـ “الكنّة” إذن إلى أنها ستر البيت وحافظة سره! لكنها كانت في واقع التقاليد المستبدة أشبه بخادمة البيت ( مع الاعتذار لكل الكنّات!) فكان يلقى عليها عبء خدمة العائلة خاصة أم الزوج. وقد تلقت الكنّات وفق تلك المفاهيم ما يثقل القلب عن ذكره من الأذى والقسوة!
في هذا العصر وفي أغلب الأسر تنحى هذا المفهوم واندثر لتصبح حرية الأبناء في اختيار حياتهم والاستقلال بمساكنهم تقليدا يتم التسليم به وقبوله بفرح وغبطة. لتصبح زوجة ابني وزوج ابنتي، بنتي وابني أخا وأختا لأبنائي وبناتي ومصدر فخر وحب فائض، واصبح أنا أما ثانية لهما تفيض بالحب والفرح والتقدير، في العطاء وليس في الأخذ!


حمدة خميس hamdahkhamis@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©