عبيدو باشا يكتب سيراً ذاتية بلغة متقدمة في هم

''إنهم فقهاء اختصاصاتهم، بلا أحكام شرعية أو أحكام مدنية· غير أنهم ليسوا أبناء ثبوت الطاعة ، لأنهم متمردون على الأنظمة الفنية والسياسية والاجتماعية''· هكذا باختصار يصف عبيدو باشا أبطال كتابه الجديد ''هم'' الصادر عن دار الآداب· في كتابه هذا يقدم عبيدو سيرا ذاتية لشخصيات ثقافية واجتماعية أغنت الحياة اللبنانية، ليشكلوا وجه الثروة والثقافة اللبنانية بكل المعاني في القرن العشرين من عاصي ومنصور الرحباني وفيروز إلى عبد الحليم كركلا وكامل مهنا ورفيق شرف وأمين الباشا ووجيه ناصر وبول غيراغوسيان ونصري شمس الدين وحليم جرداق· وهي بالطبع شخصيات تستحق أن تروى سيرها· وكما يقول عبيدو: لقد اخترت 11 شخصية من أصل 22 لكتابة سيرتها الذاتية· وكان مهما التنويع بين مفكرين ومسرحيين وفنانين تشكيليين وأطباء وعاملين في الحقل الاجتماعي· وهنا يعتبر الكتاب محاولة مدونة لأقول لهم شكرا على ما قدمتموه للبنان· وعمد عبيدو إلى تقديم أبطال كتابه كما هم في الحقيقة مبتعدا عن الأسلوب المعتاد غالبا في كتابة السير الذاتية العربية التي تقدم شخصوها على أنهم ملائكة أو شياطين· فلقد رسمهم عبيدو كبشر يخطئون ويصيبون· إنهم كما هم ''بشحمهم ولحمهم'' حيث اختلطت ملامحهم وتصرفاتهم لكي ندرك كم يشبهون أنفسهم وكم يشبهون مدينتهم بيروت التي عاصروها! من ناحية أخرى يؤكد عبيدو على أنه كتب تلك السير الذاتية من وجهة نظره، لأنه يرفض مبدأ تغييب الكاتب عند تناول سيرة ذاتية، حيث يقول:خصوصا أن من كتبت عنهم هم أصدقائي الذين أؤمن بهم وبمناخاتهم ولي وجهة نظر في حياتهم· ولم يكن هدفي الترويج لهم بل نقل سيرتهم لجيل ربما لا يعرف ماذا قدموا لهذا الوطن، لأن مشروعي هو كتابة تاريخ المرحلة الماضية في لبنان وتحديدا الحرب الأهلية التي يميل اللبنانيون إلى نسيانها وعدم تدوينها حتى لا تتفاقم أزمة تجسير العلاقة بين الأجيال الماضية والراهنة والقادمة''· واستخدم عبيدو في كتابه لغة جديدة عند رواية سيرة ''نجومه'' بابتعاده عن أسلوب التقرير·ويقول: أستطيع القول إنني استخدمت لغة مختلفة عند كتابة السيرة الذاتية التي قوامها لغة أدبية روائية وأحيانا تحليلية لخلفيات أصحابها وفنونهم ووصفهم ومحاولة استجلاب أشياء غير معروفة عنهم وتفكيك وإعادة تركيب حياتهم على ضوء رؤيتي الشخصية لهم بطريقة غير كلاسيكية بل مرنة· وهذا من حقي ككاتب· في ''هم'' انتفاضة على مثقفي اليوم، واحترام وشكر لمثقفي زمن ولى ولم يبق منه إلا الذكريات التي يجب تأريخها·