امستردام (وكالات) - اعتلى الأمير فيليم ألكسندر عرش هولندا ليصبح أول ملك لهولندا منذ 123 عاماً وأصغر ملوك أوروبا، بعد توقيع والدته بياتريس وثيقة التنازل عن العرش صباح أمس، التي وقع عليها الملك الجديد (45 عاما) ومندوبو الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء مارك روتي في قاعة مهيبة بالقصر الملكي الواقع بميدان “دام” في وسط أمستردام. واحتشد الآلاف في الميدان أمام القصر الملكي منذ الساعات الأولى من الصباح لمتابعة مراسم التنازل عن العرش التي بثت على الهواء مباشرة، لرؤية الملك الجديد وزوجته الملكة ماكسيما وهما يخرجان إلى شرفة القصر الملكي، التي زينت بثمار البرتقال وزهوره.
وتابعت الجموع الاحتفال الذي نقلت وقائعه على شاشات عملاقة في الميدان، وصفقوا للملكة عندما ظهرت على الشاشة. وكبحت ملكة هولندا السابقة بياتريس (75 عاما) دموعها وهي تقدم ابنها الملك للشعب، وقالت بتأثر شديد “أشعر بالسعادة والامتنان لأنكم أتحتم لي أن أقدم لكم ملككم الجديد فيليم الكسندر”. وأضافت أنها “تفسح في المجال لجيل جديد”.
وشكر الملك الهولندي الجديد والدته وقال “نحن ممتنون لك من صميم قلوبنا ونشكرك على السنوات الـ33 التي أمضيتها في الحكم”، ثم انشد النشيد الوطني مع الجموع التي قدر عددها بـ25 ألف شخص.
وانضمت إلى الملك الجديد في الشرفة زوجته وبناته الثلاث ومنهن أماليا (9 سنوات) التي أصبحت ولية العهد، ليرحبوا بالجموع طوال 10 دقائق. وحضر المراسم الرسمية للتنازل نحو 2000 زائر بينهم ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز وزوجة ولي العهد الياباني الأميرة ماساكو التي تقوم بأول زيارة لها بالخارج منذ مرضها قبل 10 سنوات. وستحصل بياتريس على لقب أميرة بعد تنازلها عن العرش.
ولا يتوج ملوك هولندا في غياب كنيسة للدولة، إلا أنه لم يكن هناك رجل دين للإشراف على التتويج، كما لا يرتدي ملوك هولندا تيجاناً، إلا أنه يوضع تاج بجوار الأمير على المنضدة طول المراسم، إضافة لرموز ملكية أخرى. وفي المساء توجهت الأسرة المالكة من القصر إلى “الكنيسة الجديدة” التي تعود إلى 600 عام وتقع بجوار القصر الملكي ليؤدي الملك اليمين وهو يمسك بالدستور الهولندي أمام أعضاء البرلمان، وتعهد بالولاء لدستور البلاد والشعب.
وارتدى الأمير فيليم ألكسندر خلال مراسم التنصيب عباءة ملكية تعود لعام 1815 غير أنه تم إصلاحها وتغييرها مرتين على الأقل خلال القرن المنصرم لكي ترتديها والدته وقبلها جدته خلال مراسم التنصيب. وقال ملك هولندا في خطاب تنصيبه إنه “على مدار 33 عاما منحت (بياتريس) الثقة ولم تنتهك أبدا الثقة التي منحت لها، وكان ذلك أساسا لملكها”.
وأضاف أن البلاد والمناطق التابعة للمملكة عبر البحار “تمتعت بامتياز” لكون بياتريس ملكة لها. وإضافة إلى توجيه الشكر لوالديه، شكر الملك زوجته أرجنتينية المولد، قائلا “إنني سعيد للغاية بدعم ماكسيما. لقد قبلت هذا البلد وصارت هولندية بين الهولنديين”.
والملك الشاب هو اول رجل يعتلي عرش هولندا منذ 1890 بعد 3 ملكات ووصية على العرش. وملك هولندا الجديد متخصص في إدارة موارد المياه ومن المتوقع أن يقلل وهو وزوجته، التي كانت مصرفية سابقة، من المراسم الملكية.
وفيليم ألكسندر هو الأول من جيل جديد لملوك أوروبا الذين يبلغ متوسط أعمارهم 71 عاماً. ومن المتوقع أن يتبنى الملك الشاب أسلوبا أكثر مرونة من أسلوب والدته. ففي مقابلة بثها التلفزيون الرسمي قبل أسبوعين من توليه العرش، قال إنه يريد أن يكون “ملكا للقرن الحادي والعشرين” يجمع بين التقليد والحداثة، مشيرا إلى أنه لا يريد أن يكون “مقيدا بالبروتوكول”.
واختارت بياتريس التنازل عن العرش في 30 أبريل (يوم الملكة) وهو يوم عطلة رسمية. وتقليد اتبعته والدتها وجدتها. وأتاح هذا التقليد فرصة للهولنديين للاحتفال في وقت تدفع فيه نسب البطالة المرتفعة وتراجع ثقة المستثمرين البلاد الى تباطؤ اقتصادي. وأخذ عدد كبير من الهولنديين أمس الأول عطلة وبدأوا الاحتفالات مبكرا. وغطى البرتقالي، لون العائلة الملكية، أمستردام تماما أمس، فكانت المنازل مغطاة بالأقمشة والأعلام البرتقالية ونوافذ المتاجر مليئة بالكعك والحلوى والملابس والزهور كلها باللون البرتقالي، وارتدى المحتفلون ملابس برتقالية اللون.
ومن المتوقع أن يشارك نحو مليون شخص في الاحتفالات في الشوارع والرقص على موسيقى في أجواء كرنفالية. وأعربت ليز يانسن (24 عاما) وصديقاتها عن سرورهن للاستمتاع بمشهد الشرفة. وقالت “إنها لحظة جميلة جدا ومؤثرة، خصوصا عندما أنشد الجميع النشيد الوطني، إنه أمر رائع فعلا”. وغادر رود (49 عاما) ساحة دام وقد اغرورقت عيناه بالدموع، وقال “طوال 33 عاما كانت بياتريس الملكة، ملكتنا”. وأضاف “كانت عامل استقرار ورمزا لبلادنا. إنه لأمر محزن أن نراها تتنحى بعد هذه السنوات، إنه لأمر محزن وصفحة من تاريخنا تطوى”. وأضاف “لقد كبرنا مع ملكة بقيت 33 عاما على العرش”.
وتحظى العائلة المالكة بشعبية جارفة في هولندا إذ وفقا لنتيجة استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إبسوس لاستطلاعات الرأي أن 78? من الهولنديين يؤيدون الملكية في ارتفاع عن نسبة 74? قبل عام. لكن العائلة المالكة لم يعد لها نفوذ سياسي يذكر ولم تعد تعين الوسيط الذي يشرف على المحادثات التمهيدية لتشكيل الحكومة الائتلافية. وفي محطة القطار المركزية، التقى العائدون إلى منازلهم بعد احتفالات ليلية بالواصلين.
عدد اليوم
