الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اعتذار الآباء من أطفالهم حق تمنحه ثقافة الاعتراف بالخطأ

اعتذار الآباء من أطفالهم حق تمنحه ثقافة الاعتراف بالخطأ
1 مايو 2012
كثيرا ما نمر بظروف عصيبة تجعلنا نعيش عواصفها، وفي خضمها قد نخطئ ونظلم أطفالنا حين نظن أنهم قاموا بخطأ ما لنكتشف بعد ذلك أنه ليس لهم علاقة بالأمر، ولكن بعد فوات الأوان حيث إنهم سمعوا الكثير من الإهانات أو تم التطاول عليهم بالضرب وربما حرموا من المصروف، من هنا نرى بعضا من الآباء يقف حائرا بين أن يعتذر لطفله، مؤكداً أنه أخطأ بحقه وأن يرفض قول آسف ويصر على موقفه. هناء الحمادي (أبوظبي) - «أنا آسف، أنا أعتذر، أنا أخطأت بحقك»، عبارات يجب أن تُقال عندما نُخطئ بحق أحد أبنائنا أو حين نوجه له كلامًا جارحًا. ولكن هل باستطاعة الأم أو الأب أن ينطقها أو يلفظها لابنه الذي يصغره بأعوام، وهل كبرياؤه ورجولته تسمح له أن ينزل لمستوى ابنه ويكلف نفسه عناء نطق كلمة اعتذار. مواقف متباينة اعتذار الأب من الأبناء قد يكلف البعض منهم التقليل من شأنه وضعفا في شخصيته. هذا ما يشعر به سالم عبدالله (40 سنة) اتجاه ابنه البالغ من العمر 13 عاما. ويقول «عصبيتي الشديدة تجعلني في بعض الأحيان أخطئ في حق ابني بسبب وبدون سبب، وبدوره ابني يسكت ولا يستطيع التفوه بكلمة من شدة خوفه مني، لكني في كل مرة أكتشف أنني المخطئ في الموقف الذي وبخته عليه، واكتشفت أنه المظلوم فيه». ويضيف «في بعض الأحيان أعتذر منه ولكن لا أنطق بكلمة آسف بل بطريقة غير مباشرة أوضح أنني أخطأت بحقه، وأحيانا كثيرة أشعر أنني قللت من قدري أمام ابني وقد يسبب الاعتذار المكرر له أن يعتاد على ذلك». «كبريائي أكبر بكثير من الاعتذار لابنتي»، يقول يوسف خميس (رب أسرة). ويضيف «جيل هذه الأيام لا يستحق أن نعتذر منه، فهو جيل متفتح ولا يهاب الأب أو الأم، ورغم تأكدي أنني أخطأت بحق ابنتي كثيراً إلا أن ذلك ليس مبررا أن أعتذر منها، وخاصة أنها تبلغ من العمر 15 سنة فقط». ويضيف «أحيانا كثيرة تجد قولي لها أنا آسف واعتذاري منها أني شخصية ضعيفة وهذا ما لا أريد أن تفكر به». ويذكر خميس موقفاً شعر بالندم عليه، قائلا «ضربت أحد أبنائي ضرباً مبرحاً لاعتقادي أنه أخطأ بحق والدته، لاكتشف بعد ذلك أنه مظلوم وليس له علاقة بالأمر، ونتيجة لذلك وجدت أنه من الأفضل أن أعتذر له لارتكابي هذا التصرف، لكن بيني وبين نفسي لم أستطع القيام بالاعتذار لأنه ليس بالأمر السهل». في المقابل، يشعر أولياء أمور بالارتياح حين يعتذرون لأبنائهم. إلى ذلك، تجد مريم الحمادي اعتذار الكبار من الصغار لغة تُعبر عن الرقي والحضارة. وتضيف «حين نعتذر لصغارنا إذا أخطأنا، فإننا بذلك نقوم بإيصال رسالة واضحة للطفل بأن الإنسان ليس كائناً معصوماً عن الخطأ وهذا رمز للقوة». مؤكدة أن الطفل عندما يشعر بأنه مظلوم ويتم الاعتذار له فإن ثقته في نفسه ستزداد ويصبح الوالدان نموذجاً إيجابياً، يُحتذى بهما كما أن الاعتذار يعلم الأطفال في المستقبل ثقافة الاحترام والتسامح والمحبة للآخرين وعدم الإصرار على الخطأ وهو ثقافة لذلك لابد من الحرص على ممارسة ذلك في حياتنا اليومية والحرص على تعليم ذلك للأبناء بالممارسة الفعلية. الشعور بالحرج تتفق صفاء سلمان مع المقولة التي تقول إن الاعتذار لا يعرف كبيراً أو صغيراً. وتضيف «الكثير من أولياء الأمور يجدون اعتذارهم للأبناء نوعاً من التقليل من الشأن وضعف الشخصية وإهانة، وهم لا يدركون أن الوالدين حين لا يعتذران فإن ذلك يعلمهم الدكتاتورية، وأن الالتزام بالمبادئ نوع من تحكم الكبار في الصغار». وتضيف «كثيراً ما أخطئ بحق أبنائي ولكن لا تمر ساعات من الزمن إلا وأنا أقدم اعتذاري لهم إن شعرت أنني أخطأت بحقهم، فالاعتذار من وجهة نظري كثيراً ما يختصر المسافات ويطيّب النفوس ويقربها من الحق ويطوعها لالتزام بالخير، أما عدم الاعتذار فيولد مزيداً من المكابرة والعناد، وكره الأبناء لوالديهم إن تكرر الخطأ بحقهم ولم يسمعوا كلمة آسف». وتتساءل عواطف الألفي (ربة بيت) «لماذا نتعالى على أبنائنا، وإذا أخطأنا بحقهم لا نعتذر لهم، بل ونغضب منهم إن لم يعتذروا؟». وتقول «لا أمانع في أن اعتذر لأبنائي، ومؤخراً عاقبت ولدي الصغير، واتضح لي أنه بريء من فعل ما حاسبته عليه، وعندما عرفت، قبلته واعتذرت له، وكان لذلك بالغ الأثر فيه فبادلني القبل والأحضان». من جهته، يقول الطالب جاسم أحمد (16 سنة) إنه دائما حين يدور النقاش مع أحد أفراد الأسرة كثيراً ما يقاطعه والده في حديثه ما يسبب له الإحراج. ويوضح «أشعر حين يقاطعني والدي عند الحديث مع أخي الأكبر أو والدتي يقلل من شأني ويوضح لي إنني لا أفقه شيئاً، ما يشعرني ذلك بالشعور بعدم الثقة بالنفس ويولد لدى الشعور بأن السكوت أفضل من الكلام خاصة إن كان الوالد موجوداً في هذه اللمة الأسرية». ويضيف «لم تصدق عيني وأذني حين طرق والدي الباب في العاشرة ليلاً وقال «يا ابني إني أعتذر عن مقاطعتك لمدة خمس سنوات»، مشيرا إلى أنه لم يصدق ما قاله والدي ولا إراديا ارتمى في حضنه بلهفة، وظل يبكي مرددا «يا أبي مهما فعلت فإني لن أعصيك أبداً». بينما أم سلطان التي كانت تلعب مع ابنتها شذى البالغة من العمر 11 سنة، فجرحتها بالكتاب الذي رمته عليها، تقول «لم أتمالك نفسي قمت واحتضنت ابنتي واعتذرت منها أكثر من مرة حتى شعرت إنها فرحت باعتذاري هذا، وقمت بأخذها إلى غرفة الطوارئ في المستشفى للعلاج، وكان كل من يقوم بعلاجها يسألها كيف حصل لك هذا الجرح تقول «ماما لكن بدون قصد وأنا أحبها». ممارسة غائبة الاعتذار سواء من الأب أو الأم غير معيب أبداً، ولكن العيب أن تمر السنوات والطفل يكبر ونحن نعلمه أن الكبير له الحق في أن يخطئ ولا يعتذر، لأنه كبير. إلى ذلك، تقول الموجهة الاجتماعية التربوية عائشة المرزوقي «مجتمعاتنا تعدم هذه الوسيلة في التربية نظراً لطبيعة الثقافة، التي تربينا عليها، وقد يأخذ الموضوع نوعا من المكابرة، في حين أن الاعتذار آلية واقعية، تنشأ نفسياً لدى الإنسان السوي، وأن من يتجاهله كمن يضع غشاوة على عينيه، أو يلجأ أحياناً لإسقاط خطأه على الآخرين لتفادي الاعتذار ولو بكلمة إن قالها». وتتابع «البعض يعتبر أنه لا يجوز أن يعتذر الأب لابنه، على الرغم من أنه قد يرغم على الاعتذار في مواقف أخرى لأناس لا يتوقع أن يتحدث معهم فضلاً عن أن يعتذر لهم، إذ نشأنا معتادين أن يعتذر الابن لأبيه حتى وإن أخطأ الأول في حق الثاني، معتقدين أنه بالاعتذار تتبدل المواقف وتهتز هيبة الأب، وفي المقابل، هناك من يرى أن من أصول التربية أن يكون الأب نموذجاً صالحاً وليس متسلطاً لكي لا ينعكس سلوكه على ابنه عندما يكبر ويصبح مسؤولاً أو أباً». وتوضح أن للاعتذار أسلوبا ووقتا وكلمات معينة، وتتابع» كثير من الآباء يعتذرون وهم يتوقعون أن الابن سيتقبل الاعتذار بكلمة آسف بعد أن تعرض إلى سب أو ضرب، والبعض الآخر يغدق بالهدايا والخروج كتعويض، أو قد يكثر من الحديث حول خطئه وندمه فيفسد الولد، لافتة الى أن للاعتذار أنواعا فهناك منها اللفظي، أو بالابتسامة أو المصافحة أو التربيت على الكتف أو الخروج مع الابن في نزهة أو هدية أو قبلة على جبينه».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©