الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تربويون: المبالغة في التوقعات تفضي إلى الإحباط

تربويون: المبالغة في التوقعات تفضي إلى الإحباط
1 مايو 2012
«الفروق الفردية» ضرورية من أجل استمرار الحياة؛ فالناس يختلفون في ميولاتهم واتجاهاتهم وسماتهم وقدراتهم على التعلم وحل المشكلات، كما يختلفون في انفعالاتهم، ومستويات نشاطهم العام، ودوافع سلوكهم، فلا يوجد فردين متشابهين في استجابة كل منهما لموقف واحد، حتى أن الفروق موجودة بين الأطفال الذين يولدون من أم وأب واحد، وينشأون في بيئة أسرية واحدة. وفي مجال التعليم نجد أن المتعلمين يختلفون عن بعضهم البعض في معظم الصفات، وإذا أردنا أن نعلمهم بشكل صحيح، علينا أن نستوعب جيداً الفروق الفردية فيما بينهم حتى نعرف مستوى إمكانية المتعلمين وما يستطيعون القيام به وما لا يستطيعون، حتى لا نصطدم بنتائج محبطة. خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ تتفاوت توقعات الوالدين أو القائمين على العملية التعليمية من الطالب، وقد تكون مختلفة بالنسبة لكل طفل استناداً إلى ما يعرف عنه من قدرات. ومع حلول موسم الامتحانات تزداد الضغوط، ويضاف عبء الامتحانات إلى العبء الذي يثقل كاهل الابن والذي يتمثل في تحقق توقعات الآباء وأحلامهم. والسؤال المطروح في هذه المرحلة هو كيف يتعامل الآباء والمربون مع هذه الحالة؟ وكيف يوفقون بين سقف أحلامهم وتوقعاتهم من أبنائهم، وقدرة الابن على تحقيق ذلك؟ وما هي التبعات النفسية السلبية على الطرفين في حالة الإخفاق؟ وهناك كثير من الآباء يبالغون في سقف هذه التوقعات بما لا يتناسب وإمكانات وطبيعة وقدرة ابنهم العقلية والذهنية والمهارية. وهو ما تمثل لهم بالنتيجة أو المحصلة النهائية من إخفاق وخيبة ظن، وآلام نفسية عديدة للطرفين في كثير من الحالات. معايير وتوقعات الدكتور مصطفى أبو سعد، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الرباط، يرى أن على الأب أو المعلم أن يناقش هذه المعايير أو التوقعات مع الطفل، ومن الأفضل أن يعبر عن توقعاته بعبارات عامة محددة، لتأثير ذلك إيجابياً على دافعية الطفل أو الطالب، ويجب أن تكون التوقعات أو المعايير التي توضع واقعية. فمثلاً لا تتوقع من الابن أن يكون بطلاً رياضياً أو متفوقاً دراسياً إذا ما كان يفتقر للقدرات التي تؤهله لذلك، إن وضع توقعات تفوق قدرات الابن يؤدي إلى الفشل والإحباط وفقدان الدافعية. ويضيف “من الطرق الفاعلة للتعبير عن التوقعات الطريقة التي تأخذ شكل التحدي، فالتحديات تقلل إلى حد ما الخوف من الفشل، ولكنها تثير الرغبة في التحصيل أو الإنجاز، كما أن التحديات يمكن تغييرها بسهولة إذا ما ظهر أنك وضعت توقعات عالية جداً، فمثلاً قد تطلب إلى طفلك أن يتحسن في القراءة، أو أن يزيد من سرعته في حل المسائل الحسابية دون أن تحدد المستوى الذي تتوقعه بالضبط. إن ذلك يشكل تحدياً للطفل وسمح له في الوقت نفسه بشيء من المرونة”. ويكمل أبو سعد “ساعد ابنك على تحديد أهداف واقعية له، فاكتساب المهارات خطوة متميزة نحو الشعور بالهدف، والشعور بقوة الطفل في الإنجاز، وقوته في تنمية ذاته، ومن المنطلقات ينبغي فتح قنوات حوار مع الطفل حول المهارات التي ينبغي إتقانها واكتسابها والطرق المؤدية إلى ذلك. وأن يحرص الآباء على تنمية أهداف جماعية وتعاون جماعي لدى الطفل، من خلال الجلسات الأسرية لتبادل الحوار حول الأهداف الشخصية، وتبادل الحديث عن الأهداف والأحلام فرصة للتشجيع الجماعي بين أفراد الأسرة، فكل عضو بالأسرة بحاجة إلى دعم من الباقين”. ويوضح “ليس هناك ما يمنع من كتابة أهداف الطفل، ويمكن أن يتم الاتفاق مع الطفل حول هدف معين، وكتابة هذا الهدف وإلزام الطفل بتحقيقه. كما أن الإيمان بالقدرة على تحقيق الأهداف يعد هدفاً رئيساً في تحقيق أي إنسان لأهدافه وتوقعاته، فمن يعمل عملاً وهو لا يتوقع إنجازاً من ورائه لا يستطيع غالباً تحقيقه. فالمطلوب من الوالدين إرسال رسائل إيجابية لأبنائهم، الهدف منها تشكيل صورة إيجابية لدى الطفل، يرى نفسه قادراً على تحقيق أهدافه من مثل حفظ جزء من القرآن، تنظيف غرفته وبالمقابل لو أرسلنا رسائل سلبية تحبط الطفل وتقدم صورة سلبية عنه وعن قدراته فسيركز على الفشل والإحباط لا الإنجاز فعندما تؤمن بقدرة ابنك على إنجاز هدف ما، ويشعر هو بهذا الإحساس ويعرف ذلك، فإنه سيركز على بذل كل ما في وسعه من جهد لتحقيق أهدافه. وسيواصل محاولاته رغم الثغرات ما دام هناك إيمان بقدرته على تحقيق إنجازاته”. البداية الصحيحة من جهته، يرى الدكتور بهجت أبو زامل، مدرس علم النفس، أن البداية الصحيحة مع الطفل كفيلة بتجاوز إشكالية التوقعات في المستقبل. ويقول “ابدأ مع طفلك بداية صحيحة. واضبطه وهو يقوم بأعمال جيدة. ولا تتوقع منه أن يكون دائم الاستقامة، متعقلاً، يتميز بعدم الأنانية أو أي من هذه المعجزات، وعندما يتعارض العمل مع شؤون الأسرة، اجعل الأولوية للأسرة. ولا تضيع وقتاً مع الافتراضات كأن تقول، ماذا لو؟ لو أنني فقط، وأقم لغة للحوار بينك وبينه. ولا تتوقع من أبنائك أن يتعلموا درسا تلقنهم إياه من أول مرة. ولا تقلق إذا ظهرت على ابنك بعض العلامات حينما تكون تلك العلامات عادية بالنسبة للأطفال في مثل سنه، وراقبه أثناء اللعب لتعرف كيف يرى نفسه؟ وكيف يراك؟” ويكمل أبو زامل “هناك عدد من الخطوات الإجرائية لتفادي الاصطدام بتوقعات سلبية من الأبناء، ولاسيما ما يتعلق بمسيرتهم الدراسية، وأنصح الآباء والأمهات بأن يجعلوا قنوات الاتصال متبادلة بينهم وبين أبنائهم، وألا يعطونهم حق الاختيار إلا إذا كانوا يعنونه حقا، وأن يشاركوا الابن في وضع الأهداف المطلوبة، والتركيز على هدف واحد وليس على كل الأهداف في الوقت نفسه. وأن يتم البدء بالهدف الذي يضمنون أن الابن سيحققه، وهذا سيجعل باقي الأهداف تبدو جذابة ويضمن احتمالية النجاح. وعليهم أن يتوقعوا تقدم الطفل”. ويقول “اجعل الابن على علم بتحسن مستواه الدراسي وكافئه على إنجازه، ولا تكافئه على كل إنجاز بهدية أو بوعد، فغالبا ما يكفي أن تقول ببساطة “لقد قمت بعمل رائع حقا، وأنا فخورة بك”، لكن لو عمل الابن باجتهاد بشكل خاص في واجب صعب وأنجزه بنجاح فإن ذلك يستحق الاحتفال. وحاول أن لا تظهر الإحباط لو أن الابن لم يقم بالعمل بالطريقة التي كنت ترغبها. وابحث عن نقاط القوة فيه، وتجنب توجيه الانتقادات”. أهمية التحفيز تؤكد الأخصائية النفسية رانيا الشريدة أن الطالب ذا الأداء الضعيف لا يحتاج أن نذكره بتلك الحقيقة، بل يحتاج إلى التشجيع والتأكيد بأنك تقدره بغض النظر عن مستوى أدائه. واستخدم ساعة الإيقاف وعنصر المنافسة بحكمة، فساعة الإيقاف تحفز بذل الجهد وتضع حدا للمماطلة والتأجيل بالنسبة لبعض الأبناء، أما بالنسبة للبعض الآخر فقد تسبب لهم القلق البالغ، لو أن ذلك ينطبق على حالة بنك فلا تستخدم ساعة الإيقاف، بعض الأبناء يستمتعون بالتفوق على أنفسهم ومحاولة تحسين إنجازاتهم السابقة، ولو كانت تلك حالة ابنك فلا يعتبر ذلك شيئاً سيئاً، ولكن المنافسة مع الأصدقاء أو الأخوة أو الأخوات قد تهدد علاقة الابن بهم وقد تضعف المستوى الدراسي الخاص به خاصة لو كان الطالب ذا مستوى دراسي منخفض. ولا بد من مراعاة الميول الفردية عند التلاميذ في التدريس بدلاً من افتراض وجود ميول مشتركة لهم جميعاً. وهذا يعني أنه لابد من إتاحة الفرصة للتلاميذ داخل الفصل الواحد للتعبير عن ميولهم وخاصة في موضوعات التعبير والرسم والخط”. وتوضح “التلاميذ يتباينون تبايناً واسعاً في سماتهم، حيث نجدهم يختلفون في الأمانة والأخلاق والتعاون، كما أن بعضهم عدوانيون داخل الفصل، والبعض الآخر مسالمون، كما نجد أن بعض التلاميذ سريعو الضجر أو الملل، وبعضهم الآخر أكثر صبراً وتركيزاً. وكذلك ما نجده عند بعض التلاميذ من ثقة بالنفس وشعور بالدونية وضعف الثقة بالنفس عند البعض الآخر”. وبناء على ذلك نتمكن من تحديد الفروق الفردية بين التلاميذ في الصفات المختلفة الجسمية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، كما يمكن تحديد الفروق بين التلاميذ في التحصيل الدراسي، حيث أظهرت الاختبارات المطبقة على تلاميذ الصف السادس الابتدائي في القراءة وحفظ الكلمات والاستدلال الحسابي، وجود فروق فردية بين التلاميذ تصل إلى حوالي ثماني سنوات مدرسية بالنسبة للموضوعات كلها. وهذا يعني أنه في الصف السادس الابتدائي فإن بعض التلاميذ ستكون قدرتهم على القراءة عند مستوى الصف الثاني، والبعض الآخر عند مستوى الصف الأول الثانوي”. التعلم والتحصيل تشير الاستشارية النفسية الدكتورة موزة المالكي إلى علاقة الفروق الفردية بالتعلم والتحصيل، وتقول إن “اختلافات قدرات التلاميذ واستعداداتهم وميولهم تؤثر في مدى استفادة كل منهم مما يقدم له من مادة تعليمية ومدى حاجته للرعاية من تنوع المعلم لطرق التدريس واستخدام الوسائل التعليمية المتعددة والمتنوعة وتكرار الشرح. فالتلميذ المتخلف عقلياً يحتاج إلى مواد دراسية تختلف في نوعها وكمها عما يحتاجه متوسط الذكاء أو المرتفع الذكاء، كما أن الطريقة المناسبة لتعليم الطفل المتخلف عقلياً تختلف عن الطريقة المناسبة لتعليم التلميذ المتوسط الذكاء أو المرتفع الذكاء. فتحديد الإمكانات العقلية الخاصة لكل تلميذ يجعلنا نجنبه المواقف التعليمية التي تتجاوز هذه الإمكانات زيادة أو نقصاً بدرجة كبيرة”. وتضيف “معرفة مستوى القدرات العقلية لتلاميذ فصل معين يساعد على التنظيم الجيد لعملية التعليم. فالسؤال الصعب يعجز ضعاف الطلاب عن الإجابة عنه. وبالمقابل فإن سهولة السؤال لا تتحدى قدرات الطلاب المتفوقين، فيتعمدون عدم المشاركة، وقد يبلبل السؤال السهل أفكار الطلاب المتفوقين فيحملونه أكثر مما يحتمل، فتأتي الإجابة مخيبة لآمالهم. ومن هنا يصبح من الضروري للمعلم أن ينوع في مستويات الأسئلة التي يوجهها لطلابه. كذلك فإن معلوماتنا عن الفروق الفردية تساعدنا في توجيه اهتمام فردي لطلابنا، فلكل طفل حاجاته التربوية الخاصة التي يختلف فيها عن بقية زملائه”. وتتابع “لأهمية الفروق الفردية، يجب على المعلم أن يتعرف على هذه الفروق بين التلاميذ داخل جماعة الفصل وجماعات النشاط المختلفة، ويحاول الكشف عن مواهبهم واستعداداتهم ويعمل على تنميتها إلى أقصى حد ممكن”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©