الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مونديال 22.. عبودية القرن

مونديال 22.. عبودية القرن
20 يوليو 2017 03:13
 أبوظبي (الاتحاد) كيف لحلم جميل مثل كأس العالم أن يتحقق فوق جثث القتلى وآهات المطحونين. هي قصة ما كان لها أن تروى في أي دولة تمتلك الحد الأدنى من الإنسانية، لكن دولة قطر التي تمثل العدو الواضح للإنسانية لم تجد سبيلاً لاسترداد قيمة الرشاوى التي دفعتها من أجل بطولتها الزائفة، سوى أن تسلب عمال كأس العالم حقوقهم، ولا مانع من أن تسلبهم حياتهم أيضاً.  هذا باختصار هو مضمون الحلقة الثانية من الفيلم الوثائقي، الذي أعده الزميل يعقوب السعدي، وعرض على شاشة قناة أبوظبي الرياضية مساء أمس، ضمن السلسلة الوثائقية التي تفضح ممارسات النظام القطري وجرائمه التي ارتكبها من أجل استضافة مونديال 2022، بدءاً من صفقات شراء الأصوات التي تطرقت إليها الحلقة الأولى، مروراً بانتهاكات حقوق الإنسان التي كان وما يزال يرتكبها النظام القطري بحق العمال الذين يقومون بتشييد الملاعب التي من المفترض أن تحتضن مباريات المونديال.  يقول جوناثان كلايفيرت الكاتب الصحفي بصحيفة «الصنداي تايمز» الإنجليزية: «هذا أمر مشين. لا تستطيع إرسال الناس إلى الموت بسبب شروط العمل القاسية هناك. ليس هنالك عذر لذلك. قطر إحدى أغنى الدول في العالم، لديهم الكثير من المال الكافي لمعاملة العمال بشكل جيد ومعاملتهم بشكل لائق والدفع لهم بشكل محترم واستضافتهم بظروف صحيحة. وتقديم الرعاية بشكل دائم كي لا يصابوا بالإرهاق».  ويقول مات سكوت الإعلامي البريطاني: «أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً عن معاملة العمال الأجانب. من الواضح أن قطر لا تملك البنية التحتية الضرورية لاستضافة كأس العالم، وعليها تشييد هذه الملاعب من الصفر، حيث إن جميع المواقع تعتبر صحراء قاحلة؛ لذلك قاموا باستقطاب عمال أجانب من جميع بقاع العالم، وهنالك مخاوف حقيقية بشأن دفع مستحقاتهم، فعلى الرغم من أن قطر تتمتع بأعلى مستوى للدخل الفردي، فقد قيل الكثير عن عدم احترام حقوق الإنسان».  وتناول الفيلم معاناة العمال الأجانب الإيذاء، حتى قبل أن تسرق قطر كأس العالم، فقانون الكفالة سواء القديم أو الجديد، يسهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق العمال، وعلى الرغم من أن القانون الحادي والعشرين لعام 2015 ألغى النص الذي يحظر على العامل الذي غادر قطر العودة إليها إلا بعد انقضاء عامين، إلا أن القانون الجديد لا يتصف بالإنسانية، فقد أبقى على الانتهاكات كافة، بما في ذلك العمل القسري، إذ لا يزال يتعين على العامل الأجنبي الحصول على تصريح خروج من صاحب العمل، فليس مباحاً لمن دخل قطر أن يخرج منها، وهذا وحده يكفي.  عبدالحي صادق الكاتب الصحفي في جريدة الأهرام يقول بهذا الصدد: «الاتحاد الدولي لنقابات العمال قدم مذكرة يدعو فيها إلى سحب تنظيم كأس العالم من قطر ومعاقبتها على قتل عدد كبير من العمال. وجاءت هذه المذكرة بعدما قام هذا الاتحاد بمعايشة العمال، ورصد حالات القتل التي يتعرضون لها، والتي بلغت 1200 حالة منذ أن بدأت عملية تشييد الملاعب، حيث قدم كشفاً بأسماء الضحايا، بعدما أعلنت السفارة الهندية في الدوحة عن المعاملة السيئة لعمالها في قطر، ورصدها لعدد القتلى الهنود والحال ينسحب على السفارة النيبالية كذلك».  ويقول مارتن ليبتون رئيس القسم الرياضي في صحيفة «الديلي ميرور» الإنجليزية: «منظمات حقوق الإنسان والعمال والاتحادات. كل هذه الهيئات يمكنها الحديث عن هذه القضايا، لكن ليس بإمكانهم فعل أي شيء للتغيير بشكل حاسم. الشيء الوحيد الذي يفرض التغيير هو الحكومة، ويبدو أن الحكومة القطرية ليست لديها نية التغيير».  جواز سفر العامل في قطر أياً كان ومهما علا شأنه هو رهن إشارة سيده، إذ يتيح القانون احتفاظ أرباب العمل بوثائق سفر من يعملون لديهم، تبقى كل تحركاتهم وسكناتهم مطلوب لها تأشيرة حتى الموت له تأشيرة!! ويقول جايمي فولر المؤسس المشارك لاتحاد «فيفا جديدة الآن»: «البنى التحتية الخاصة بكأس العالم هي ليست الملاعب فحسب، لقد بذل (الفيفا) كل الجهود لتقنع العالم بأن البنى التحتية الخاصة بكأس العالم هي فقط الملاعب لا غير والتي قد تستخدم فيها نحو 50 إلى 55 ألف عامل من الرقم الإجمالي، وهو 1.95 مليون، نحن نعلم أن ما يحدث في قطر هو إعادة شاملة ليست لمنشآت كأس العالم فقط، بل للبنايات والمطارات والسكك الحديدية والفنادق والطرق لكل شيء. أي إعادة بناء مدينة بأكملها من أجل كأس العالم، ومن هنا فإن محاولة (الفيفا) لتحديد عدد العمال بـ 50 ألف عامل هي محاولة مثيرة للشفقة».  في أبريل من العام الماضي، أعلنت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية القطرية، أنها سوف تحقق في الانتهاكات المثارة بشأن عمال كأس العالم، ومنعت تصحيحاً لصورتها، وكما روجت لذلك بعض الشركات التي تستخدم العمل القسري، لكن الأمر ظل على حاله، ويعلق جايمي فولر على هذا الأمر، قائلاً: «لقد رأيت هؤلاء العمال البسطاء ودخلت مخيماتهم خلسة وقمت بتسجيل ظروف عملهم ومعيشتهم، فهم لا يحظون بكرامتهم، ومغلوب على أمرهم بسبب نظام العمل والكفالة، وأعتقد أنه يجب التحرك بسرعة لتوفير ظروف عمل أحسن لهؤلاء الناس، لكننا نعاني نقص الإرادة».   بلاتر يستسلم  أبوظبي (الاتحاد) جوزيف بلاتر رئيس «الفيفا» السابق رغم أنه قبض الثمن كاملاً لم يستطع الصمود أمام سيل التقارير الصادرة من الدوحة، فاضطر في 21 نوفمبر 2013 إلى إصدار بيان يصف فيه وضع العمال الأجانب بغير المقبول.   جانيتشي يفر إلى الموت  أبوظبي (الاتحاد)  إحدى قصص الموت المرعبة التي شهدتها ملاعب قطر تتمثل في قصة العامل النيبالي جانيتشي ذو الـ 16 ربيعاً الذي تخلص من العبودية، وعاد إلى بلاده في تابوت حاله كحال الكثيرين من أبناء جلدته. ويموت العمال في قطر بسبب نقص إجراءات السلامة، وحرمانهم من الحصول على مياه الشرب وعدم توافر الغذاء بنسب كافية، مما يتسبب في المجمل بقصور في عمل القلب.  وكانت «الجارديان» البريطانية نشرت تقريراً يوم 27 سبتمبر 2013 بعنوان «عبيد كأس العالم» رصدت فيه نحو 300 ألف نيبالي يعملون في قطر، معظمهم هاربون من الفقر إلى الموت، واستناداً إلى وثائق السفارة النيبالية في قطر، فإن النيباليين يشكلون نسبة 40? من العمالة الوافدة في قطر، وأنهم ضحية الاستغلال والتعسف التي تنتهي إلى العبودية الحديثة.   نديم يروي قصته مع السخرة  أبوظبي (الاتحاد)  رفع العامل البنجالي نديم شريف دعوى قضائية ضد «الفيفا» في زيوريخ طلب فيها تعويضاً قدره 11500 دولار، عن عقد كان قد دفع 4000 دولار لإحدى الوكالات للحصول عليه من شركة توظيف. وبحسب تأكيدات نديم شريف، فقد أخذوا منه جواز سفره فور وصوله قطر، وأجبر على العمل 18 ساعة يومياً تحت ظروف قاسية، حيث كان يقوم بتفريغ سفن تحمل مواد بناء، وكان يدفع ثمن الوجبات التي يتناولها في مجمع العاملين، وبعد ترحيله لم يكن حتى قد حصل على ما دفعه للوكالة التي ألقت به إلى الجحيم.   خفايا عقود الباطن  أبوظبي (الاتحاد)  نددت وكالة إمباكت البريطانية للاستشارات بالظروف غير المحتملة التي يعانيها العمال. الوكالة المهتمة بأخلاقيات التجارة أجرت تحقيقاً شمل 10 شركات تنفذ عقوداً من الباطن في ورش الملاعب لا تمنح عمالها أي يوم للراحة طيلة خمسة أشهر، وفي أكثر الحالات تطرفاً لم يحصل بعض العمال على أي راحة طيلة 148 يوماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©