الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم بعد مقتل بن لادن

4 مايو 2011 23:11
خبر مقتل زعيم "القاعدة"، قد طغى على كل ما عداه من أخبار وموضوعات عالمية وقومية ومحلية. وبالنسبة لي فقد طغى حتى على أخبار الانتخابات الكندية العامة التي يبدو من أخبارها المتقدمة، احتمال عودة السياسي "المحافظ" "ستيفن هاربر" إلى رئاسة الحكومة الكندية. قصة زعيم "القاعدة" انتهت بالقضاء على حياته بواسطة وحدة عسكرية أميركية متخصصة، في مكمنه داخل الأراضي الباكستانية، وذلك عقب أكبر مطاردة قامت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها في مكافحة إرهاب "القاعدة". هذا التنظيم وزعيمه سيحظيان باهتمام ولفترة طويلة، وستكتب ملايين الصفحات والقصص حولهما. وبعكس ما يقول الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته عند الإعلان عن مقتل بن لادن من أن العالم الآن قد أصبح أكثر أماناً وشعوراً بالارتياح والفرح، فأنني أشك كثيراً بأن هذا القول سينطبق على كثيرين أو قليلين من المسلمين الذين هم بحكم وجودهم البشري، جزء من هذا العالم. إن مأساة العالم الإسلامي والمسلمين لن تنتهي بمقتل بن لادن، ومشكلة بن لادن ومعه الظواهري ومن تبع نهجهما، أن مشروعهم الذي يبدأ وينتهي بإعلان الجهاد الإسلامي ضد الولايات المتحدة والعالم الغربي المسيحي خاطئ، فهؤلاء قد أخطأوا الطريق، واختاروا مسلكاً آخر ظنوا أنه سيقود إلى تحرير العالم الإسلامي والأمة الإسلامية من سيطرة وسطوة "الاستعمار الصليبي" على العالم الإسلامي ونهب ثروات شعوبه ومساندة الدولة الصهيونية والاستيلاء على كل فلسطين وفي قلبها القدس الشريف. إن أول خطأ وقعوا فيه أنهم قد أعلنوا حرباً على العالم، وهي حرب يعرف أي طفل مبتدئ في السياسة أن العالم الإسلامي ليس مستعداً لها، فهو عالم ممزق الأوصال وحروبه الداخلية أكبر من حربه على الحضارة والاستعمار الغربي، وأول شروط النجاح في أي حرب -حتى لو كانت حرباً انتخابية- هي أن يتوحد أصحابها، وأن يتفقوا على أهدافهم، وأن يملكوا الوسائل التي تحقق لهم النصر على أعدائهم.. وسيذكر التاريخ أن "القاعدة" قد خدمت وحققت أهداف هؤلاء الأعداء أكثر مما خدمت وحققت أهداف الأمة، وأن حروبها قد قتلت من المسلمين أكثر مما قتلت من "الكفار". لقد جرب المسلمون -وخاصة في الوطن العربي- كل الوسائل والطرق السياسية والانقلابية والحروب الكلامية، وظل معظم الصفوة العربية التي تمتلك قيادة الجماهير العربية، سواء كانت إسلامية أو قومية أو يسارية منذ مطالع القرن العشرين، أشد قسوة وفساداً وحرباً على الجماهير، التي باسمها سطت على السلطة من الحكم الاستعماري، الذي ناهضته جميع الشعوب العربية وحررت أوطانها وأقامت حكوماتها الوطنية، على جميع مسمياتها السياسية. لقد كان مشروع "بن لادن - الظواهري" -إن صح أن أسميه مشروعاً- مكتوباً عليه الفشل منذ بدايته التي بدأت بمساعدة الولايات المتحدة بتحرير أفغانستان، من الاستعمار السوفييتي.. ولقد اكتشف أغلبية المسلمين أن تنظيم "القاعدة" يجري خلف سراب، ويريد أن يعيد العالم الإسلامي إلى الوراء، أي إلى عصور مظلمة، كما فعلت "طالبان". إن المشكلات التي تسببت فيها "القاعدة" ستتلاشى، وهذه الأمة وشعوبها وشبابها الذي يجدد الآن الحياة في دمائها، تعلمت من تجارب أكثر من ستين عاماً، وأدركت أنها -هي وحدها- ستشق طريقها إلى تحقيق أحلامها وآمالها التي أجلّت بسبب شمولية استبدادية وصفوة بائسة ويائسة، وقد فقدت القدرة على الحلم والخيال واستسلمت لواقع الحال، حتى أيقظتها ثورة شباب الأمة من تونس إلى مصر إلى اليمن حتى تلك القلاع المنيعة قد اهتزت.. تلك الثورة التي أكدت الحقيقة المؤكدة والحكمة القائلة: إذا الشعب يوماً أراد الحياة ... فلابد أن يستجيب القدر. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©