الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استراتيجية أفغانستان... محددات النجاح

29 ديسمبر 2009 23:54
رسمت إدارة أوباما استراتيجية تقوم على ثلاثة محاور في أفغانستان، تركّز على الأمن والحكم والتنمية الاقتصادية. ولكن تطبيق هذه العناصر لم يكن متوازناً حتى الآن، ذلك أنه من أصل الـ170 مليارا التي رصدتها الولايات المتحدة لأفغانستان منذ 2002، ذهبت 93 في المئة منها إلى العمليات العسكرية. وبينما تستعد البلاد لإرسال 30 ألف جندي عراقي إلى أفغانستان، فإننا في حاجة أيضاً إلى أن نوفر للشعب الأفغاني حياة أفضل. والواقع أن موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، يتصفون بتفان كبير في العمل، إلا أن أعدادهم غير كافية، ما يعني اعتماد الوكالة بشكل كبير على المتعاقدين الخواص. كما أنه تم تحقيق إنجازات مهمة مثل المساعدة على خفض معدلات وفيات الأطفال في أفغانستان وإصلاح قرابة 1000 ميل من الطرق، إلا أنه، ومثلما قالت وزيرة الخارجية الأميركية متأسفة في مارس الماضي، فإن قلة النتائج "تفطر القلوب". لقد تعهدت إدارة أوباما بمقاربة جديدة وأفضل لمساعدات التنمية، إلا أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مازالت من دون مدير منذ 10 أشهر، ومرشح الرئيس راجيف شاه، لم يثبّت في منصبه بعد. وفي ظل إعلان الرئيس التزامه في خطابه بأكاديمية "ويست بوينت" العسكرية بـ"تركيز مساعداتنا على مجالات تستطيع إحداث تأثير فوري في حياة الشعب الأفغاني مثل الزراعة"، فقد آن الأوان لاتباع تجربة أفراد أمسكوا بزمام المبادرة في المجال الاجتماعي. ولنأخذ كمثال جريج مورتنسون، رئيس معهد وسط آسيا غير الربحي، والذي أنشأ ودعم خلال الـ16 سنة الماضية 130 مدرسة في قرى باكستانية وأفغانية نائية؛ حيث تقدم هذه المدارس غير الدينية التعليم اليوم لأكثر من 30 ألف طفل، أغلبيتهم الساحقة من الفتيات، هذا علما بأن عائد المعهد في السنة المالية 2007 مثّل مبلغاً متواضعاً مقارنة مع ما سننفقه كل يوم في أفغانستان خلال الأشهر الـ18 المقبلة. ولنأخذ كمثال أيضاً سكينة اليعقوبي، الأميركية العاملة في قطاع الصحة، التي عادت إلى وطنها الأصلي في التسعينيات لتأسيس المعهد الأفغاني للتعلم، وهو شبكة تضم اليوم 45 مركزاً في سبعة أقاليم توفر الخدمات الصحية والتعليمية. ويذكر هنا أن 70 في المئة من موظفي المعهد الذين يفوق عددهم الـ400 هم من النساء. وبميزانية سنوية تبلغ مليون دولار، يستفيد من خدمات المعهد اليوم أكثر من 350 ألف امرأة وطفل أفغاني. ثم لنأخذ كمثال أيضاً "كوني داكوورث"، وهي شريكة سابقة لبنك "جولدمان ساكس"، والتي تأثرت كثيراً حين رأت بأم عينيها شظف العيش الذي تعانيه النساء اللاتي التقتهن في زيارة إلى أفغانستان في 2002 ، ما دفعها لإنشاء "آرزو" – والتي تعني "الأمل" باللغة المحلية – وهي مؤسسة لصناعة السجاد تركز على النساء الناسجات، وتعد واحدة من أكبر المؤسسات المشغِّلة في القطاع الخاص، كما أن حوالي 90 في المئة من وظائفها تتركز في المناطق الريفية المهمشة. وعليه، فما هي الدروس الرئيسية التي يمكن استخلاصها من نجاح هؤلاء المقاولين الاجتماعيين؟ أولا، سَلْ، ولا تأمر: يجب أن تكون برامج المساعدة الأميركية مصممة لتلبية احتياجات السكان، وليس احتياجاتنا؛ فخلال السنوات الثماني الماضية، كان دافع عدد كبير من البرامج الأميركية حسنة النية هو ما تعقد أميركا أنه الأفضل لأفغانستان، ولكننا بهذه الطريقة أهدرنا ملايين الدولارات في مشاريع فاشلة. ثانياً، استثمروا رؤوس الأموال خارج العاصمة وخططوا لهذه المشاريع وأديروها في الميدان: يعزى نجاح مورتنسون جزئياً إلى حقيقة أنه يمضي أشهراً كل عام في العيش مع القرويين في المناطق التي تقدم فيها منظمته خدماتها؛ ولكن هذا النموذج لم يجد طريقه بعد إلى طرق اشتغال برامج الحكومة الأميركية. ومثلما كتبت "إيمي فرومن"، التي عملت كموظفة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في إقليم "بانشير"، في تقرير لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في يونيو 2009، فإن "الأغلبية الساحقة من أموال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تُستثمر في برامح مصممة في كابول" – رغم أن أكثر من ثلاثة أرباع الأفغان يعيشون خارج العاصمة. ثالثاً: احرصوا على أن تصل المساعدات الأميركية إلى الشعب الأفغاني: يبدو هذا أمرا بديهيا، ولكن هيئة تنسيق عمليات الإغاثة في أفغانستان التابعة للوكالة أفادت العام الماضي أن 40 في المئة من المساعدات الرسمية إلى أفغانستان تعود إلى بلدان مانحة على شكل أرباح الشركات ورواتب الاستشاريين. رابعاً: اجعلوا النساء نصب أعينكم أثناء التخطيط لبرامج المساعدات: الواقع أنها ليست صدفة أن مورتنسون واليعقوبي وداكوورث يركزون مواردهم المحدودة جميعهم على النساء والفتيات: ذلك أن الاستثمار في النساء في أفغانستان، كما في غيرها، مفيد بأضعاف مضاعفة لأن النساء يولين الأولوية على الأرجح للتعليم والتغذية وصحة أسرهن، ما يخلق تأثيراً إيجابياً مضاعفاً يرفع من مستوى مناطق بكاملها. خامساً وأخيراً: ضعوا مقاربة للتنمية باعتبارها تطوراً، وليست ثورة: مثلما قال الخبير في أفغانستان "روري ستيوارت" مجادلًا في مقابلة صحفية معه مؤخراً، فإن "أفغانستان فقيرة جداً، وتعاني من جروح عميقة جداً. وبالتالي، فإن بناء بلد كهذا سيستغرق ما بين 30 و40 سنة من الاستثمار الصبور والمتسامح". لذا علينا أن نستثمر في برامج تكون مستديمة وطويلة المدى. الرئيس المؤسس لـ«مدراء شركات من أجل الأمن القومي»، وهي منظمة غير حزبية مقرها واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©