الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

امتياز عالمي لـ «المونديال الأسمر» وأمة «قوس قزح»

امتياز عالمي لـ «المونديال الأسمر» وأمة «قوس قزح»
12 يوليو 2010 02:14
ودعت جنوب أفريقيا أمس شهراً لا نبالغ لو قلنا إنه كان الأروع في تاريخها، واختتمت نهائيات كأس العالم 2010، والتي أقيمت للمرة الأولى في القارة السمراء، وبدأت وفود الزوار تغادر البلاد تباعاً بعد أن قضت فيها أياماً لا تنسى، عاشت كرة القدم بكل روعتها وقسوتها، الآلام والأحلام وشهدت تساقط نجوم وصعود آخرين، وقبل أن نغادر مع المغادرين، دعونا نستدعي من مفكرة البطولة بكل ما شهدت من أحداث ومفاجآت وذكريات. عندما فازت جنوب أفريقيا بشرف تنظيم كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخ القارة الأفريقية، كانت الأمور الأمنية هي نقطة الضعف الأكبر التي تهدد هذه الاستضافة، وكان الهاجس الأول لدى المعارضين لاستضافة هذا البلد للبطولة هو الأمن، فالأنباء التي ترد من هذا المكان لا تبشر بالخير، وعندما تسمع اسم جنوب أفريقيا، يترافق معها مصطلح الجريمة السائدة في هذا المكان الذي حكمته العنصرية لزمن طويل قبل أن يكسب معركة الحرية والفضل الأكبر يعود للزعيم التاريخي والمناضل الكبير نيلسون مانديلا، والذي يبدو أنه كسب كل معاركه، ولكن لم يجد حلاً لمعضلة الجريمة. صفعة جديدة عندما فازت جنوب أفريقيا بشرف الاستضافة كان القرار أن تكون مدينة جوهانسبرج العاصمة الاقتصادية للجمهورية الأفريقية هي موقع افتتاح واختتام البطولة الأكبر على صعيد العالم، وليتلقى المعارضون صفعة جديدة، فإذا كانت الجريمة موجودة في هذا البلد الأفريقي، فهي في جوهانسبرج مستشرية بصورة أكبر، وكأنما هناك رسالة تريد اللجنة المنظمة توجيهها إلى العالم عبر هذا القرار المثير للجدل. فهنا في جوهانسبرج يصل معدل جرائم القتل إلى خمسين جريمة يومياً عدا عن السرقات والسطو المسلح والاغتصاب. ومنذ أن فازت جنوب أفريقيا بشرف استضافة المونديال لم تتوقف الأقاويل والإرهاصات التي تتناول إمكانية نقل البطولة إلى مكان إلى آخر ومع كل مشكلة صغيرة تحدث يقفز المعارضون إلى الواجهة ليتحدثوا بالصوت العالي منددين ومحذرين من مغبة إقامة البطولة في بلد يفتقر إلى مقومات الأمن، وهو المطلب الأكثر حيوية لحدث يفترض أن يتوافد إليه الناس من كل أقاصي الدنيا من أجل متابعته ويحضر فيه أفضل نجوم الكرة في العالم وكذلك معظم المسئولين عن كرة القدم على وجه الكرة الأرضية. امبراطورية “الفيفا” في كل مناسبة لا يكف جوزيف بلاتر رئيس امبراطورية “الفيفا” عن تجديد الثقة في جنوب أفريقيا ويشد على يد اللجنة المنظمة في جهودها المنصبة من أجل إخراج الحدث بصورة تعكس تطور القارة الأفريقية، وهو يشيد بما قامت به هذه الدولة، مؤكداً أنه يراهن على بطولة تسير بصورة رائعة دون أن يحدث فيها ما يعكر صفوها. وفي الوقت نفسه كان الكثيرون يرون في بلاتر الشخص الذي لا يفكر سوى في مجده الشخصي، والذي سيدخل التاريخ على اعتبار أن البطولة تقام للمرة الأولى في القارة الأفريقية في ولايته. ولكن في النهاية أقيمت البطولة ومرت الأيام وهي تثبت أنها أهل لهذه الاستضافة فلم تكن هناك حوادث كثيرة تعكر صفوها، نجحت جنوب أفريقيا في الاختبار الأهم وهو الأمن وتركت المعارضين مشدوهين، لأن الأيام جاءت على عكس ما توقعوا فكانوا هم أول المصفقين لبطولة أقيمت في أجواء مثالية وتفرغ الناس للاحتفال ولكرة القدم. حكاية “فوفوزيلا” كانت الآلة البلاستيكية المسماة بالـ”فوفوزيلا”، والتي تستعملها الجماهير في جنوب أفريقيا هي المادة الأكثر إثارة في أروقة البطولة، وكلما توقف الحديث عنها عادت الحكاية لتطل برأسها مجدداً على الرغم من أن بلاتر بنفسه أكد أنه لا توجد هناك نية لمنعها في الملاعب، مؤكداً أنها جزء من التراث الأفريقي. وفيما يعتز الأفارقة وعلى وجه الخصوص جنوب أفريقيا بهذه الآلة، يرى البعض أنها تسبب إزعاجاً كبيراً للحضور وخصوصاً أن البعض يستعملها بطريقة غير مناسبة في المكان غير المناسب، وبطريقة قد تثير غضب الآخرين. وبعض الناس يطالبون بمنعها من الملاعب أيضاً لأن صوتها يجعل سماع أي شيء ثاني أمراً مستحيلاً، كصوت الجماهير أو صوت الكرة عندما تركل أو صافرة الحكم وهذه حقيقة وأنا عني لم أسمع صوت صافرة الحكم مطلقاً في المباراة الافتتاحية ولم أعلم بنهاية المباراة سوى عندما رأيت اللاعبين يتصافحون، كما أن البعض طالب محطات التلفزيون بفصل الصوت القادم من الملعب والذي تطغى عليه “الفوفوزيلا”. “الفيفا” بدوره رغم تصريحات بلاتر كان قلقاً من هذه الآلة وكان القلق يستند على إمكانية استعمالها كسلاح من قبل المشجعين أو أن يقوم المشجعين بإلقائها في أرض الملعب أو أن تقوم بعض الشركات باستغلالها لأغراض دعائية وللترويج عن نفسها بوضع ملصقاتها على الآلة، وأنا أعتقد أن هذا هو ما قد يزعج “الفيفا” بالمقام الأول ويكون سبباً في منعها فيما لو حدث. أنها شيء لا يستطيع المشجع في جنوب أفريقيا أن يستغني عنه وبالنسبة للناس هنا ولمنتخب “البافانا بافانا” هي بمثابة اللاعب رقم 12. وعلى الرغم من الجدل الكبير التي أثارته، فقد ظلت صامدة حتى اليوم الأخير وأصبحت علامة بارزة في البطولة وانتقلت حمى الفوفوزيلا لتغزو العالم بأسره وربما نشاهدها في الموسم القادم في دوري الإمارات والملاعب الأوروبية. حفل الافتتاح كان يوماً تاريخياً مضى بسرعة، ولكنه سيظل محفورا في الذاكرة إلى الأبد، فكل مشهد كان صورة وكل لقطة كانت تعبر عن معاني كثيرة، وقبل بداية المباراة بخمس ساعات ومن خارج الملعب كان الاحتفال قد بدأ ولم يتوقف حتى الحادي عشر من شهر يوليو، لقد بدا الأمر كما لو كانت أفريقيا تستعرض عضلاتها وتتألق بينما العالم واقف ويصفق. طوابير من كل الاتجاهات يتجمعون في نقاط معينة، أليست هي أمة قوس قزح كما يطلقون عليها وهي فعلاً كذلك، وأجواء من البهجة تسود المكان، بدأ توافد الجماهير إلى الملعب منذ الثامنة صباحاً علماً بأن أبواب الملعب افتتحت في الساعة العاشرة والنصف، وعلى الرغم من الشمس التي كانت ظاهرة في الأفق، إلا أن الجو كان بارداً ومع ذلك لم يطفئ الطقس حرارة الحماس، فكل الوجوه كانت مبتسمة وسعيدة. كانت الثقافة الأفريقية والتراث الذي تتميز به القارة السمراء حاضراً في الحفل وكانت الفقرات معدة بشكل لم يدع الملل يتسرب في نفوس الحضور كما هي العادة في حفلات الافتتاح التي تأخذ غالباً الطابع الرسمي، ولكن هذا الحفل كان مختلفاً وحمل التراث الأفريقي إلى جميع بقاع العالم ورسالة إلى كل من شكك في قدرة أفريقيا على أن تنظم كأس العالم، فكانت البداية المبهرة وبانتظار المزيد. وبعد ساعة من العروض التي قدمها 1500 مشارك وبغناء مجموعة من المطربين الأفارقة، انتهى الحفل وبدأت عملية إزالة مخلفاته من أرض الملعب استعداداً لنزول الفريقين وبدء كأس العالم رسمياً بمباراة منتخبي جنوب أفريقيا والمكسيك.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©