الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراع الأديان في الهند··· فعل تلقائي

صراع الأديان في الهند··· فعل تلقائي
16 أكتوبر 2008 01:59
طُلب من عائلة ''سولومون ديجال'' القدوم إلى ساحة عامة أمام مقهى البلدة، وأُمروا بأن يجثوا على ركبهم وينحنوا احتراما وتبجيلا أمام صورة رجل دين هندوسي؛ كما أمروا بأن يقلبوا أناجيلهم وكتبهم الدينية وصورتين ملونتين للمسيح كانتا معلقتين على الحائط؛ وبعد ذلك أُرغم ''ديجال'' -45 عاما- المسيحي منذ طفولته، على مشاهدة جيرانه الهندوس يضرمون النار في أغراضه؛ ومازال ''ديجال'' يتذكر جيدا ما قيل له عشية ذاك الأربعاء من شهر سبتمبر: ''اعتنق الهندوسية وإلا فإن منزلك سيهدم،، اعتنق الهندوسية وإلا فإنك ستُقتل أو تطرد خارج القرية''· اليوم مازالت الهند، التي تعد أكبر بلد ديمقراطي من حيث عدد السكان ودولة علمانية رسميا، تعيش تداعيات الهجوم الذي استهدف أحد حرياتها الأساسية؛ حيث تقول العائلات المسيحية، مثل عائلة ''ديجال''، هنا في شرق ولاية أوريسا، التي ابتليت بستة أسابيع من الصدامات الدينية، إنها أُرغمت على التخلي عن دينها مقابل النجاة بحياتها؛ ويأتي إرغام الناس على تغيير دينهم وسط تزايد الهجمات على المسيحيين هنا وفي خمس ولايات أخرى عبر البلاد على الأقل بينما تستعد الهند لانتخابات وطنية مقررة العام المقبل· وقد تسبب صدام الأديان في موجة ذعر ودمار واسعة عبر أرجاء هذه البلدات التي تنتشر فيها حقول الأرز وأشجار الفواكه؛ فهنا في ''كاندهامال'' -المنطقة التي عرفت أكثر أعمال العنف- قُتل أكثر من 30 شخصا، وحرق أكثر من 3 آلاف منزل، ودمرت أكثر من 130 كنيسة، بما في ذلك قاعة بسيطة سقفها من القصدير كانت تتعبد فيها عائلة ديجال؛ اليوم تحول المكان إلى ركام من الحطام وسط حقل فارغ ترعى فيه الأبقار· وفي الجهة المقابلة لهذا المكان المرعب توجد بقايا المنازل الطينية التي أضرمت فيها النار ؛ حيث لم تسلم من هذا العنف الديني متاجر وأعمال المسيحيين التي تعرضت للهجوم بشكل منتظم؛ بينما تمكن مشاهدة الأعلام البرتقالية (البرتقالي هو اللون المقدس بالنسبة للهندوسية) وهي ترفرف فوق أسطح المنازل وواجهات المتاجر· الواقع أن الهند ليست غريبة عن العنف الديني بين المسيحيين، الذيـــــن يشكلـــــون 2 في المائة من السكان، والأغلبية الهندوسية، التي تشكل 1,1 مليار نسمة؛ غير أن هذا التوتر الأخير يعد الأقوى والأكثر حدة منذ سنوات؛ ويقول الناس هنا إن شرارته الأولى اندلعت بعد مقتل داعية هندوسي مشهور معروف باسم ''سوامي لاكسمنندا ساراسواتي'' في الثالث والعشرين من أغسطس؛ وكان هذا الداعية قد عمل طيلة 40 عاما على حث الناس في المنطقة على اعتناق الهندوسية بدلا من المسيحية· وكانت الشرطة قد حمَّلت مسؤولية مقتل ''سوامي'' للمليشيات الماوية؛ ولكن المتشددين الهندوس استمروا في تحميل المسيحيين مسؤولية ذلك؛ وخلال الأسابيع الأخيرة، علقــوا في مختلف أرجاء هذه القرى صـــورا وملصقــات مرعبة لجثة ''سوامي'' وقد كتب عليها ''من قتله؟ ما الحل؟''· وراء هذه الاشتباكات يكمن توتر قديم بين مجموعتين هم ''الباناس والكاندهاس، وفي الماضي، كانت المجموعتان، اللتان تعيشان في المنطقة منذ القدم، تعبدان الآلهة نفسها؛ ولكـــن خلال العقود الأخيرة، تحول البانــــاس في معظمهــــم إلى المسيحية نتيجة نشاط المبشرين الكاثوليك والمعمدانيين هنا قبل ستين عاما، وسار على خطاهم مؤخرا البنتكوستل الذين انخرطوا في التبشير بشكل أقوى وأكبر؛ في غضون ذلك، اعتنق الكاندهاس الهندوسية، وحدث ذلك في جزء منه من خلال تعاليم ''سوامي لاكسمانندا''؛ فربط الرجال الخيط الأبيض المقدس حول صدورهم، بينما وضعت نساؤهم لونا أحمر على جبهاتهن· ثم انتشرت المعابد كالفطر· ولكن الكراهية تغذت أيضا على التوترات الاقتصادية، بعد أن صنفت الحكومة كل مجموعة ضمن خانة معينة ومنحتها امتيازات مختلفة؛ اتهم ''الكاندهاس'' مجموعة الباناس بالغش والخداع من أجل الحصول على حصص أكبر من الوظائف الحكومية؛ وبدورهم، يقول الباناس المسيحيون إن جيرانهم أصبحوا مستائين بعد أن علّموا أنفسهم وأصبحوا أكثر رخاء؛ وكانت تظلماتهم تتطور إلى اشتباكات متفرقة أحيانا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، ولكنها انفجرت بشكل أقوى وأكبر بعد مقتل سوامي لاكسمانندا· بعد ليلتين على مقتله، قامت مجموعة من الهندوس في بلدة ''نواجون'' بجر راهب كاثوليكي وراهبة من مكان إقامتهما، ومزقوا ملابسهما وجابوا بهما أزقة البلدة؛ وقالت الراهبة للشرطة إنها تعرضت للاغتصاب من قبل أربعة رجال، تهمة قالت الشرطة لاحقا إن الفحوصات الطبية تؤكدها؛ غير أن لا أحد اعتُقل في هذه القضية إلا بعد خمسة أسابيع، بعد العاصفة التي خلقتها تغطية وسائل الإعلام؛ اليوم، يوجد خمسة رجال رهن الاعتقال بتهمة التحريض على أعمال الشغب، وتقول الشرطة إنها تحاول إيجاد الراهبة وجلبها إلى هنا للتعرف على الأشخاص الذين اعتدوا عليها· ''سوباش شوهان'' -زعيم منظمة ''باجرانج دال'' الهندوسية المتطرفة على صعيد الولاية- مُنح فرصة شرح أحداث العنف الأخيرة، فوصف معظمها بـ''رد الفعل التلقائي''؛ ونفا في حوار صحفي معه أن تكــــون الراهبــــة قد اغتُصبت، زاعما أن ما جرى كــــان برضاهـــا؛ كمـــا نفـــى أن تكـــون منظمتـــه مسؤولة عن إرغام الناس على تغيير دينهم، متهما بدوره المبشرين المسيحيين بإغراء القرويين بمحفزات مختلفة مثل المدارس والخدمات الاجتماعية· سوميني سينجوبتا- الهند ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©