السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كندا والمهمة الأفغانية

16 أكتوبر 2008 01:59
قبيل توجه الناخبين الكنديين إلى صناديق الاقتراع، فجّر رئيس مكتب مراجعة الميزانية العامة البرلماني -هيئة مستقلة أنشأها مجلس العموم الكندي في مارس الماضي، لمراجعة وتدقيق أداء الحكومة المالي- ''قنبلة'' طغى دويها على كل الأحداث التي صاحبت الحملة الانتخابية البرلمانية التي شغلت الرأي العام على مدى الأسابيع الماضية، وأصبحت أصداؤها الشغل الشاغل للمجتمع السياسي الكندي وعامة المواطنين؛ ففي تقرير أذاعه رئيس المكتب المستقل عن تكلفة كندا المالية في ''المهمة'' -لاحظ استخدام كلمة المهمة وليس الحرب- الأمنية والإنسانية التي تشارك فيها كندا قوات حلف الأطلسي، أعلن أن أقرب الحسابات للدقة تشير إلى أن جملة التكلفة المالية ستصل إلى ثماني عشرة بليون دولار في نهاية المهمة الكندية المقرر لها عام ·2011 في تفاصيل التقرير المالي، تبين أن كندا صرفت على ''المهمة الأفغانية'' ما بين أعوام 2001 إلى عامي 2007-2008 ما يتراوح بين 7,7 إلى 10,5 بليون دولار، وفي التفاصيل أيضاً -ذلك الأمر المقلق للمواطن الكندي- أن تكلفة العمليات العسكرية التي صرفتها كندا حتى كتابة التقرير وصلت إلى 5,9 بليون دولار، بينما بلغت تكلفة المشروعات الائتمانية التي تنفذها كندا في أفغانستان فقط بليون دولار! إن ''المهمة الأفغانية'' التي أدخل فيها رئيس الوزراء السابق الليبرالي ''بول مارتن'' أولاً ثم أجلها رئيس الوزراء المحافظ ''هاربر'' إلى العام ،2011 هي قضية محل خلال شديد بين القوى السياسية الكندية من قبل وبعد إعلان التقرير المشار إليه؛ ولقد كان المبرر الذي قدمه ''مارتن'' لنواب حزبه الذين كانوا معارضين لهذه المهمة أن كندا -ومع التزامها الأكيد بالسلام ومحاولتها أداء مهمتها السلمية التي ميزت سياساتها الخارجية منذ عام ،1956 ودورها في تأسيس قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام- ستؤدي مهمة جليلة في عملية إعادة إعمار أفغانستان وتدريب القوات الأفغانية لتتولى مهام حفظ أمن بلدها، وتدعيم العملية الديمقراطية هنالك؛ لذلك لما تفجرت قنبلة المراقب المالي البرلماني ونظر الكنديون في الأرقام، عاد الغضب الشعبي على المهمة ليبرز الى سطح المسرح السياسي برغم أن البلد مشغول بالأزمة المالية وتوابعها بالانتخابات وتوقعاتها· ففي تقريره -الذي طلبه أساساً أحد أعضاء مجلس العموم قبل ثلاثة أشهر- أعرب رئيس المكتب المالي البرلماني عن استيائه من عدم تعاون الجهات الحكومية المسؤولة، ومحاولتها حجب المعلومات التي طلبها أو التأخر في الرد على استفساراته المتعددة؛ وأعرب أيضاً عن شكه بأن الجهات المسؤولة لم تقدم له كافة المعلومات المطلوبة، ولم تتعامل معه بالشفافية التي يلزمه القانون بها، مما دعا معارضي الحكومة لاتهام حكومة المحافظين ورئيسها، بأنهم قد أخفوا الحقائق عن الشعب الكندي فيما يتصل بتكلفة الحرب؛ بل ذهبوا إلى اتهام الحكومة بأنها حاولت التأثير على المكتب المستقل حتى يؤجل إعلان تقريره إلى ما بعد الانتخابات، الأمر الذي نفاه رئيس الوزراء بحدة، وذهب إلى القول إن الرأي العام الكندي يجب أن يعلم أن هذه ''الأشياء'' -يعني تكاليف المعدات العسكرية وإدارة العمليات الحربية- هي أمور مكلفة لكن التكلفة الحقيقية هي أرواح الجنود الكنديين الذين ماتوا هنالك، وهي تكلفة لا تقاس بالأموال! منذ بداية الأمر، كان واضحاً للمراقب السياسي، أن قرار ''بول مارتن'' أدخل كندا في المسألة الأفغانية المعقدة والشائكة، لم تجد قبولاً لدى غالبية الرأي العام الكندي؛ وأن اتهام ''بول مارتن'' بأنه قد أدخل البلد في هذه المسألة الشائكة ما تم لارضاء الإدارة الأميركية التي كانت (غاضبة) من حكومة الأحرار برئاسة ''جان كرشيان'' التي رفضت مشاركتها في غزوها العراق، أكثر من ذلك أن ''عقلاء السياسيين'' الكنديين قالوا صراحة أكثر من مرة، إن حل العقدة الأفغانية لن يكون بيد قوات الأطلسي وتوابعها، وإن الحل ببساطة بيد مختلف قوى في بلد الأفغان الذين عليهم وحدهم أن يوحدوا موقفهم وأن يصلوا بالحوار إلى موقف أفغاني وطني يقرر مصير وطنهم؛ وأن دور الدول الأجنبية هو فقط مساعدتهم في الوصول إلى هذه الوحدة الوطنية المطلوبة· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©