الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أدونيس يدعو إلى قراءة جديدة للواقع العربي

أدونيس يدعو إلى قراءة جديدة للواقع العربي
16 أكتوبر 2008 02:00
حل الشاعر أدونيس مؤخرا ضيفاً على الجزائر حيث نظم محاضرة بعنوان''نحو ممانعةٍ عربية جذرية''، وذلك بحضور أكثر من 500 مثقف جزائري وعدد من الشخصيات السياسية تتقدمهم المجاهدة الشهيرة جميلة بوحيرد· وقال أمين الزاوي مدير المكتبة الجزائرية في تقديم أدونيس إنه ''يحترف'' الشعر منذ أزيد من نصف قرن، وطوال هذه المدة كان ''يصنع'' خصوماً كباراً بقدر ما كان يصنع شعراً كبيراً، وهو يراه مثل ''يوسف بين إخوته؛ يرمونه في الجبِّ فيخرج منه معافىً '' وقد طوَّر بشعره اللغة العربية وأعطاها نفساً جديداً، كما استطاع استعادة شعبية الشعر العربي وجعله حراكاً ثقافياً يومياً· وبعد هذا التقديم أحال الكلمة لأدونيس الذي استهل المحاضرة بتحضير المثقفين الإسلاميين لتقبل أفكاره، فقال إن الدِّين الذي سيتحدث عنه هو الدين كمؤسسة ونظام وليس كوحي وتجربة إيمانية يحترمها، وأضاف أنه يعتبر نفسه جزءاً من هؤلاء الذين ينقدهم ''أنا جزء من هذا الإثم الكبير؛ إثم التخلف العربي، ولذا أدين نفسي أولاً قبل هؤلاء الذين أدينهم''· وانتقد أدونيس بشدة بعض الأنظمة العربية التي حملت فكرة''الممانعة ضد البورجوازية والاستعمار'' لتتخذها مطيَّة للوصول إلى الحكم، غير أن تجربتها كانت مريرة لأنها لم تقدم على ''منع ما كانت تمانعه من قبل''، بل تحوَّلت إلى أنظمةٍ طاغية مستبدة مارست القهر ضد شعوبها· والأسوأ من ذلك أن معظم المفكرين العرب قبلوها ودافعوا عنها وبرعوا في تقديم مسوغات ومبررات لممارساتها المستبدة، وكانوا يحتقرون الشعوب ويزعمون أنهم يمجدونها بينما كانوا يريدونها أداة يدحرجونها بهدف الوصول إلى السلطة، والنتيجة أنه بعد نصف قرنٍ أوصلت ''الممانعات'' العربية الأوطانَ إلى المزيد من التخلف والتفكُّك· وفضلاً عن الأنظمة، انهال أدونيس بالنقد اللاذع على الفكر الديني القائم على أفكار تحول دون دخول الحداثة والتقدم؛ فهو عالمٌ وُثوقي يقيني يطالب بالتسليم والرضوخ وليس عالمَ بحث ونقد وشك، كما انه يمجِّد الماضي بوصفه مرجعاً فقهياً مطلقاً وكاملاً غير قابل للنقد وإعمال الفكر التحليلي إلا في حدود ضيقة تعمل على تحويل العقل إلى ''خادم'' للفكر الديني تماماً، وهو ما أدى بدوره إلى إقصاء الآخر المُخالف واضطهاده واتِّهامه وتكفيره· ودعا أدونيس إلى الفصل التام بين الديني والسياسي في الوطن العربي وقال إنه أمر لا مفر منه لدخول الحداثة والنظام الكوني، وأضاف إنه لم يعد هناك اليوم دينٌ بالمعنى الإيماني العميق، بل ''تأدْلجٌ ديني'' ساعد على الاقتتال والصراع على السلطة، ودعا إلى ''تحرير'' الدين من اليقينيات وأفكار الخضوع والتبعية وجعله ديناً للبحث والتقصي وإعمال العقل والفكر· أفكار أدونيس لم ترُق لكثيرٍ من المثقفين الحاضرين في الندوة، فقال الدكتور محمد قماري، أثناء فتح باب النقاش والتعقيبات، إنه لا يرى التاريخ الإسلامي بتلك المأساوية، فقد ألغى المُحاضر تماماً دور الحضارة الإسلامية وإسهامات الفارابي وابن سينا وعلماء المسلمين، وانتقد تركيزَ المحاضر على تاريخ''الفتن'' والتعميم انطلاقاً منها· وقال متدخلٌ آخر إن العنف لا يقتصر على المجتمعات العربية، فحتى المجتمعات الغربية تضج بالعنف والدموية· واكتفى عدة فلاحي بسؤال أدونيس عن رأيه بـ''ممانعة'' حماس وحزب الله؟ وانتقد محمد بوعزارة أدونيس على تشاؤمه وقال إن مسؤولية الأزمة مشتركة بين الأنظمة والمفكرين الحداثيين، وسأله: هل تعتبرون أنكم فشلتم في إحداث التغيير الذي ناديتم به في كتابكم''الثابت والمتغير''؟ وردَّ أدونيس على هذه االمداخلات بالاعتراف بأنه فشل فعلاً في إحداث التغيير لكنه نجح في ''التحريض'' على التساؤل حول قضايا كثيرة يلفها الصمت والحَجب، كما اعترف بأن العرب ''استنفدوا الحداثة كلامياً دون أن يدخلوا فيها''، والأزمة الإسلامية ليست في أزمة إيمان فهناك 1,3 مليار مسلم، ولكنها أزمة فكر وقراءة ''جريئة'' للدِّين، ودعا المثقفين العرب إلى ''إثراء'' النص الثابت بـ''القراءات المتحوِّلة'' فليست الكنيسة هي التي أثرت المسيحية بل المفكرون والفلاسفة هم الذين خلَّصوها من مظاهرها اللاهوتية الرافضة للعقل والحقائق العلمية والتحليل والبحث· وحذر أخيراً العرب من ''الانقراض'' أي ''انقراض حضورهم'' على الساحة العالمية، وقال إن المؤسسات العربية متخلفة على كل الأصعدة، وهو ما يدعو إلى اليأس حتى ولو كانت حضارتُهم عظيمة، فالسومريون والفراعنة والإغريق انقرضوا برغم عظمة حضاراتهم·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©