الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«وكالة الغوري».. من سوق للرقيق إلى مجموعة معمارية

«وكالة الغوري».. من سوق للرقيق إلى مجموعة معمارية
5 يونيو 2018 21:59
مجدي عثمان (القاهرة) في شارع الإمام محمد عبده، بجوار الجامع الأزهر وأمام مسجد الحسين، نعود إلى القرن التاسع الهجري وفترة حكم آخر سلاطين المماليك البرجية، السلطان الأشرف أبو النصر قنصوه الغوري أو «قانصوه الغوري»، والذي تولى حكم مصر من سنة 1501 إلى سنة 1516م، وقد بدأت قصته مملوكاً للسلطان «قايتباي» الذي أعتقه لشجاعته وحنكته، فصار ضمن جملة مماليكه، ثم «خاصكياً فكشافاً» بالوجه القبلي سنة 886 هـ، وأخرجه في الحملات العسكرية على حلب، حتى أصبح نائباً عن السلطان في طرطوس، كما عُين حاجباً بحلب ثم نائباً لملطية، وأخيراً ترقى إلى دوادار كبير، ولا يُذكر اسم الغوري إلا مصحوباً بمجموعته المعمارية الفريدة بحي الأزهر ناصية شارع المعز عند تقاطعه مع شارع الغورية، وتتكون تلك المجموعة من قبة ووكالة وحمام ومنزل ومقعد وسبيل وكتاب وخانقاه، وقد أنهى تشييد تلك المجموعة في العام 1505 ميلادية. وحديثنا هنا عن «وكالة الغوري»، التي قيل إن مكانها كان سوقاً لبيع الرقيق من مختلف البلدان، ثم أقام عليها الغوري وكالته كمبنى لإقامة التجار الوافدين للقاهرة ولتخزين بضائعهم حتى يتم بيعها، كما أنها خُصّصت في وقت ما لحياكة الملابس السلطانية وعرض أجود أنواع الأقمشة الفاخرة، وتضم الوكالة مدرسة وسبيلا وكتّاباً، وقد انتشرت الوكالات خلال العصور القديمة في مصر، وكان لكل منها أهمية وشهرة خاصة ومن بينها وكالات الزرعة التي تم تخصيصها لأغراض الزراعة ولاستقبال التجار في القاهرة الفاطمية، ومن تلك الوكالات، قايتباي، نفيسة البيضا، أودة باشا، عباس أغا، جمال الدين الذهبي، بازرعة. وتتخذ الوكالات الشكل المعماري المُنتظم، حيث نجدها دائماً على شكل مستطيل ملتف حول فناء، وعبارة عن كتلة بنائية واحدة تتخذ شكل مستطيل ناقص ضلع، وتظهر فيها خطوط متصلة بين كل أجزاء المباني. ووكالة «الغوري» تتكون من صحن أوسط مستطيل التخطيط غير مسقوف، تفتح عليه جميع الوحدات المكونة للوكالة ويفتح عليها باب مباشر كمنشأة تجارية، والذي يفتح على دركاه يعلوها قبو متقاطع يفضي إلى الصحن أو الفناء، والذي يفتح عليه ثلاثة طوابق غير الأرضي المستخدم كحواصل للبيع، والطابق الأول للتخزين والثاني والثالث يشكلان الجزء السكني، وهو عبارة عن مجموعة من الحجرات المكونة من طابقين بينهما طابق مسروق، الجزء السفلي منه خدمي والجزء العلوي للسكن. وواجهة الوكالة الرئيسية تقع في الجهة الجنوبية، وبها المدخل الرئيس، ويتم الوصول إلى الطابق الأول عن طريق سلم حجري، ويوجد به حوالي 30 حاملاً، وفي الطوابق الثلاثة العلوية يوجد 29 منزلاً. كان السلطان الغوري مغرماً بالعمارة، ما جعله يخلف تراثاً معمارياً نادراً باعتباره نهاية الفترة المملوكية، وبداية العثمانية، ليس في مصر فقط، وإنما في حلب والأقطار الحجازية، وكان أغلبها خيرياً، كما أنه اهتم بتحصين مصر، فأنشأ قلعة العقبة وأصلح قلعة الجبل وأبراج الإسكندرية، وجدد خان الخليلي كاملاً، أو أنشأه من جديد، وأصلح قبة الإمام الشافعي ومسجد الإمام الليث وأقام إحدى منارات الجامع الأزهر. وقد شيد الغوري أيضاً عدداً من المباني الدينية، والتي كانت آخر مجموعة من الأبنية الدينية الكبيرة قبل الفتح العثماني لمصر 1517م، وتشمل المجموعة مسجداً ومدرسة، خانقاه يمارس فيها طلبة الطرق الصوفية شعائرهم، ومدفناً، وسبيلاً وكتّاباً. وتقع مدرسة وجامع قنصوة الغوري على الضفة الغربية من شارع المعز، وقد شيد بطريقة التخطيط السائد في القرن الـ 15 والتي تتكون من صحن مكشوف مربع الشكل يحيط به أربعة إيوانات مغلقة، والتي خُصصت لدراسة المذاهب الأربعة يتوسطها قاعة مغطاة، أما المئذنة فتتميز بأنها على شكل مبخرة يعلوها الشكل البصلي المكون من خمس بصلات بدلاً من بصلة واحدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©