الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: التعدي على المال العام إثم عظيم

العلماء: التعدي على المال العام إثم عظيم
21 يوليو 2017 17:28
أحمد مراد (القاهرة) شدد علماء الدين على أن الإسلام الحنيف أعطى اهتماماً خاصاً لحماية المال العام، وأعلى من شأن حرمته فجعلها أشد من المال الخاص، وعني عنايةً عظيمة بالمحافظة على أموال المسلمين، وأمر بصيانتها، وحرم التعدي عليها بغير حق. وأكد العلماء أن ديننا وضع رؤية شاملة ومتكاملة لحماية المال العام، وفي إطار هذه الرؤية حرم السرقة، والاختلاس، والتربح من الوظيفة، والتهرب من أداء حقوق المجتمع المالية، ومنح هدايا للعمال والموظفين على سبيل الرشوة لقضاء مصلحة ما. حرمة عظيمة أوضح د. خالد بدير بدوي، من علماء وزارة الأوقاف المصرية، أن الإسلام جعل المال إحدى الضرورات الخمس التي أوجب حفظها، وهي حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وإذا كان الإسلام جعل لمال الإنسان الخاص حرمة وقداسة، فإنه لم يغفل عن حرمة المال العام، بل أعلى من شأن هذه الحرمة فجعلها أشد حرمة من المال الخاص، وعني عنايةً عظيمة بالمحافظة على أموال المسلمين، وأمر بصيانتها، وحرم التعدي على أموال الأمة بغير حق، ولو كان شيئاً يسيراً، فقد روى مسلم عن عدي بن عميرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً -إبرة- فما فوقه كان غلولا -خيانة وسرقة- يأتي به يوم القيامة». والمال العام أعظم خطراً من المال الخاص الذي يمتلكه أفراد أو هيئات محددة، ذلك لأن المال العام ملك الأمة وهو ما اصطلح الناس على تسميته «مال الدولة»، ويدخل فيه الأرض التي لا يمتلكها الأشخاص، والمرافق، والمعاهد والمدارس، والمستشفيات، والجامعات الحكومية، وكل هذا مال عام يجب المحافظة عليه، ومن هنا تأتي خطورة هذا المال، فالسارق له سارق للأمة لا لفرد بعينه، فإذا كان سارق فرد محدد مجرماً تقطع يده إن كان المسروق من حرز وبلغ ربع دينار فصاعداً، فكيف بمن يسرق الأمة ويبدد ثرواتها أو ينهبها؟ كيف تكون صورته في الدنيا وعقوبته في الآخرة؟ وأضاف: تشريع الإسلام لحماية الملكيتين الخاصة والعامة له علاقة وثيقة بأمن البلاد والعباد، فإذا آمن الفرد بأن ملكيته مصونة ومحترمة، وأن جميع طرق العدوان محرمة في الشريعة الإسلامية، فإن الفرد يأمن على ماله وعرضه، ويؤدي ذلك إلى علاقة ود ومحبة بين أفراد المجتمع وإلى استقرار وسلامة المجتمع من كل خوف أو رعب أو تهديد، أما إذا ترك الحبل على الغارب، وأصبحت ملكية الأشخاص فريسةً للطامعين، ونهباً للمعتدين، فلا شك أن المجتمع يصاب بتفكك أوصاله، وهدم بنيانه، وزلزال كيانه، ويصبح الفرد في رعب دائم، وقلق مفزع، فلا هو تمتع بماله، ولا اطمأن في مقامه. واجب جماعي ومن جانبه، يرى د. حسين شحاتة، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن المال العام أو الملكية العامة تعد أكثر الأموال تعرضاً للضياع والهلاك والاعتداء ،لأنه مملوك لجموع الناس وليس لفرد بعينه، وقد أعطى الإسلام اهتماماً خاصاً لحمايته، وأنشئت الأجهزة المنوطة بذلك مثل نظام الحسبة، وديوان زمام الأزمة، وديوان المظالم، ويعتبر الاعتداء على المال العام اعتداء على مجموع الأفراد والمجتمع، ويأثم المسلمون جميعاً إن لم يقوموا بحماية أموالهم الخاصة، وكذلك المال العام سواء بسواء، ودليل ذلك أن حماية المال العام يعتبر من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال د. شحاتة: على مر العصور والأزمنة يتعرض المال العام للاعتداءات، وإن تغيرت في الشكل والطريقة والأسلوب إلا أن مضمونها واحد، ويتمثل ذلك في استئثار أحد الأفراد به من دون حق أو انتزاع ملكيته من مجموع الناس إليه من دون حق، أو سوء استخدامه أو إتلافه، أو عدم أداء ما عليه من حقوق الدولة أو التربح من العمل والوظيفة أو إضاعة الوقت من دون منفعة معتبرة شرعاً، وغير ذلك. وأضاف د. شحاتة: وعندما تطبق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية على من يعتدي على المال العام، يضيق على هؤلاء المعتدين وينخفض مقدار ضياع المال العام، ولكن هذا يتطلب عدة أمور، وهي الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الحسنة في العاملين على المال العام، والفهم السليم لحرمة الاعتداء عليه وبيان حكمه الشرعي، ووضع تشريعات صارمة لمعاقبة المعتدين، وقيام الأجهزة الشعبية والحكومية بدورها في الرقابة عليه. وأكد د. شحاتة أن تطبيق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية التي تتعلق بحرمة الاعتداء على المال العام يحقق المنافع للناس جميعاً ويدرأ عن المجتمع والأمة الإسلامية الشرور والأزمات بكافة صورها ويحقق له الاستقرار والأمن والخير. رؤية شاملة أما د. إلهام شاهين، الأستاذ بجامعة الأزهر، فقالت: الإسلام الحنيف جاء برؤية شاملة ومتكاملة لحماية المال العام من كافة صور الاعتداء عليه، وجاء في إطار هذه الرؤية تحريم الإسلام للسرقة، وهي محرمة لأنها تمثل أحد صور أكل أموال الناس أو الأموال العامة بالباطل، وكذلك تحريم الإسلام للاختلاس، ويقصد به استيلاء العاملين والموظفين ومن في حكمهم في مكان عملهم على ما بأيديهم من أموال ونحوها سواء كانت نقدية أو عينية من دون سند شرعي. وتضيف د. إلهام: في إطار الرؤية الشاملة والمتكاملة التي وضعها الإسلام لحماية المال العام، جاء تحريم خيانة الأمانة، وتحريم إتلاف المال سواء العام أو الخاص، والحض على إتقان العمل، وتحريم التهرب من أداء حقوق المجتمع المالية مثل الضرائب، وتحريم منح هدايا للعمال والموظفين على سبيل الرشوة لقضاء مصلحة ما، فضلا عن حرمة التربح من الوظيفة، والذي يعد سحتاً وغلولاً. السرقة من الغنيمة أكد د. خالد بدير، أن سلب القليل من المال العام ولو كان مخيطاً أو ما في قيمته يفضح العبد يوم القيامة ويذهب بحسناته، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يعظ أصحابه، مبينا لهم خطورة الغلول والسرقة من الغنيمة، والتي تعد بمثابة المال العام الذي ينبغي أن يُحفظ من قبل أفراده، ومن صور الاعتداء على المال العام الرشوة، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: «استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأزد على الصدقة، فلما قَدم، قال: هذا لكم وهذا أُهدي إلىِّ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أُمه، فينظر يهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده، لا يأخذ أحد منه شيئاِ إلاَّ جاء به يوم القيامة يحمله على رقَبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر»، ثم رفع يده، حتى رأْينا عفرة إبطيه وقال: «اللهم هل بلغت» ثلاثاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©