الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

حكايات الكرم والضيافة والترحاب في أيام القيظ

حكايات الكرم والضيافة والترحاب في أيام القيظ
20 يوليو 2017 22:05
لكبيرة التونسي (أبوظبي) قبل أن تشتد الحرارة وتتمادى الشمس في أشعتها الحارقة ، كان أهل الساحل في الإمارات يقصدون الأماكن الظليلة، بحثاً عن الماء والمرعى والظلال الوارفة، في رحلات قيظ سجلت على مر التاريخ قصصاً وحكايات ارتبطت بالذاكرة. وحسب بعض خبراء التراث فإن القيظ ارتبط بموسم نضج وجني التمر والثمار عموماً، في وقت يقال النخل قاظ أو يقيظ أي استوى رطبه، وقاظت الهمبا، ودفه الناس نحو المناطق الجافة التي تشتهر بمياه العيون أو الأفلاج. موسم ثقافي خبيرة التراث شيخة الوالي مديرة مؤسسة «بصمات الأجداد» قالت إن القيظ ارتبط ، رغم صعوبات الدروب، بالبهجة والفرح والمشاعر، ونتجت عنه علاقات إنسانية قوية تمتد وتستمر أو يبددها الزمان نتيجة الغياب. ولفتت إلى أن المقيظ موسم ثقافي واجتماعي واقتصادي ضارب في روح الإنسان وقلب المكان، حيث كان الأهالي ينقلون أمتعتهم عبر قوافل منظمة إلى الواحات في مناطق معروفة في الإمارات، معظمهم من كبار السن والأطفال والنساء، وتسمى هذه الرحلة رحلة «المقيظ» في حين كان أغلب الرجال يتوجهون للغوص، مشيرة إلى أن هذه الرحلات كانت حالة اجتماعية ترافقها طقوس وعادات.  وتوضح أن هذه العملية تتم قبل الصيف بفترة قد تتعدى أحياناً شهراً كاملاً، حيث يرسل صاحب الأسرة أو يذهب هو نفسه إلى تلك المناطق ويختار أولاً الجيران والناس الذي يعيشون في هذه المنطقة أو يوكل شخصاً موثوقاً فيه لتولي هذه المهمة، فيتم بناء المساكن من العرشان والحوي، ويتولى أيضاً مهمة ترحالهم في الوقت واليوم الذي يتفقون عليه، فيحملون «قشلهم» وأمتعتهم من ملابس وأغذية وهدايا إلى أهالي المنطقة و«المقيظ» المتجهين له. وفي الغالب يقوم هذا الشخص بترحيل النساء والأطفال وكبار السن والإشراف عليهم لأن أصحاب الأسرة  يقصدون في معظمهم  البحر. وتشير إلى أن قطع المسافات والدروب يستغرق أياماً أو أسابيع حسب المنطقة المقصودة، فالمقيظون قد يصلون بعد عدة أيام أو أسابيع مروراً بمناطق عدة ودروب وعرة وآبار وصحارٍ ووديان وجبال، مثل وادي السيجي ووادي دفتا ووادي حام، والطويان مثل طوي حمده وطوي السامان وفلج الشريعة في الذيد وعين مسافي. كرم وحفاوة وكعادة العرب يستقبل أصحاب الأماكن الباردة والمنتعشة بالماء والظلال  المقيظين بحفاوة وترحاب كبيرين، ويوفرون لهم الأكل والشرب وبعض المواد والأطعمة مثل البيض والهمبا والليمون والرطب ويساعدونهم في ترتيب العريش .وتقول الوالي إن ذلك يزيد من المحبة والألفة بين الطرفين، في الوقت الذي يجلب القادمون من الأماكن الحارة الهدايا المتمثلة في الملابس والقهوة والسكر والأرز والعطور وغيرها من المواد الغذائية. وعندما ينقضي «القيظ» يعتزم المقيظون الرحيل فيبدؤون بحزم أمتعتهم للعودة إلى ديارهم سواء إلى أبوظبي أو دبي أو الشارقة، ويقوم حينها أهالي المنطقة وجيرانهم في «المقيظ» بجلب الهدايا لهم من الفحم والسمن والليمون والرطب وغيرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©