نوف الموسى (دبي)
القصة الشهيرة للفنانة الأميركية مارغريت كين، صاحبة لوحات الوجوه ذات العيون الكبيرة، والتي لاقت رواجاً منقطع النظير في خمسينيات القرن الماضي، في الولايات المتحدة الأميركية، لم تتوقف عند مسألة المكاشفة للسرقة التي تمادى بها طليقها والتر كين الذي نسب اللوحات لنفسه، لتكشفه مارغريت كين وتقاضيه بحقوق ملكيتها الفكرية ومجهودها الفني للوحات، بل تجاوز ذلك في اكتشاف ماهية القوة الداخلية اللافتة التي قادت ذات الفنانة نفسها في تلك اللوحات، من كانت تعتبر أن العيون هي نافذة الروح تجاه إمكانياتها للبوح وسرد أحاديث النفس. ينطلق الفنان من إحساسه الدفين لملامسة الحياة والرغبة في المشاركة، مروراً بتحولاته الجذرية، التي تُسهم في خوضه مجدداً نحو النمو البصري المذهل لتجسيد مخرجات رؤيته للعالم الداخلي الخاص فيه، فلا يمكن مناقشة الصراعات المتعلقة بحدوث «التغير» في حياة الفنانين، دونما دراسة كيفية مساهمة الموقف الخارجي الناشئ عن استباقات فكرية تبناها الفنان، فالجميع يعلم أن مسألة سرقة والتر كين، جاءت نتاج خوف عايشته الفنانة مارغريت كين مع نفسها، وارتباطها بالمحيط العائلي (الأمان) حسب اعتقادها، إلا أن صوتها الداخلي أرشدها في نهاية الأمر نحو الطريق الصحيح عبر مواجهة الخوف، وتقبله والسماح له بالتلاشي تماماً.
«العيون»، في لوحات مارغريت كين، يُخيل للمشاهد أنها مفتوحة على مصراعيها، وما يلفت في كبر حجمها ليس إحساس الفزع الذي ينتاب الأشخاص عادةً، والذي ينتج عن فعل لا إرادي بإمداد جفن العين، بل مدى الكثافة الحسية لشعور الحزن الممتلئ في عيون عناصر اللوحة الرئيسة التي تمثلت بالفتيات والنساء والحيوانات، فلا يمكن قراءة العمل الفني، دون التركيز على ما تقوله عيون الفتيات الصغار، فلكل عين لغة خاصة، وهنا تكمن الدهشة في العمل الفني.
عندما أخفت الفنانة مارغريت كين، نفسها عن المشهد العام إبان بداية شهرة لوحاتها، أصبحت العيون الكبيرة تلاحقها باستمرار، كلما نظرت إلى نفسها في المرآة، ترى أن عينيها كبيرتان، بحجم ما ترسمه في لوحاتها، وتم بيان تلك المواجهات الخاصة للفنانة عبر فيلم «العيون الكبيرة» الذي تم إصداره في العام 2014، لإعادة إثراء حياة الفنانة مارغريت كين المُلهمة.
عدد اليوم
