الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

عام على المقاطعة.. أزمة النظام القطري إلى أين؟

عام على المقاطعة.. أزمة النظام القطري إلى أين؟
6 يونيو 2018 21:30
طه حسيب (أبوظبي) تحت عنوان «عام على المقاطعة..أزمة النظام القطري إلى أين؟»، نظمت جريدة «الاتحاد»، أول أمس، حلقة نقاشية بمناسبة مرور عام على الأزمة القطرية. الحلقة أدارها الأستاذ محمد الحمادي، رئيس تحرير «الاتحاد». وتطرقت فعالياتها إلى الأبعاد السياسية والاقتصادية للأزمة، وما صاحبها من مقاربات إعلامية. الحمادي رحب بضيوف الاتحاد، قائلاً: «من المهم اليوم استعراض ما جرى خلال عام مرّ على الأزمة القطرية التي لها تأثيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية، ووجدنا من المهم أن نلتقي مع هذه النخبة المتميزة كي نعرف رأيها، وربما نحن بحاجة إلى استقراء ما قد يحدث في السنة الثانية من هذه الأزمة». الحمادي قام بتقديم المتحدثين الرئيسيين في الحلقة: الكاتب والباحث السعودي، عبدالله بن بجاد العتيبي والأستاذ أسامة العشري، الخبير الاقتصادي وأحد كتاب القسم الاقتصادي بجريدة الاتحاد، والدكتور حسن قايد الصبيحي، الأكاديمي والخبير الإعلامي. وأشار عبدالله بن بجاد العتيبي في مستهل مداخلته إلى أن دول الخليج لم تتعرض من قبل لأزمة سياسية بهذا الحجم، فالغزو العراقي للكويت كان أزمة من خارج دول مجلس التعاون الخليجي، وسبب الأزمة الراهنة معروف، فمنذ عام 1996 كان النظام القطري - ولا يزال - يتحالف مع كل أعداء دول مجلس التعاون الخليجي، التحالف مع «القاعدة»، مع إيران ومع «الإخوان» في إطار سياسة عدائية تخريبية ضد دول الخليج، وهي على حد قول العتيبي، سياسة منظمة ومستمرة. ولدى العتيبي قناعة بأن التوجه السياسي القطري الذي صاغه حمد بن خليفة، يتمحور حول طموحه بأنه يستطيع إسقاط الأنظمة والتحكم في دول أكبر منه بالتعاون مع «الإخوان»، والمنظمات الإرهابية. في 1996 وجدنا قناة «الجزيرة»، والآن نراها بعد عام من الأزمة القطرية فقدت القناة أي مصداقية كانت لها في السابق، وفي اللحظة التي ظهرت فيها كانت قد دفعت العمل الإعلامي لآفاق بعيدة، لكن مثلها مثل أي مشروع مؤدلج مُني بالفشل، خاصة لدى المشاهد العربي، بسبب انحيازها لسياسات الدوحة. مكائد متواصلة وحسب العتيبي، فإن حمد بن خليفة استمر في حيك المكائد لدول الخليج، وبدا هذا واضحاً في أكثر من مجال، وبأكثر من طريقة. وأكد العتيبي أن هناك تحالفاً بين الدوحة وقوى الإسلام السياسي. على سبيل المثال، في السعودية كبلد كبير، تحالفت الدوحة مع «الإخوان» السعوديين و«السروريين»، وحاولت اختراق التعليم في المملكة، واقترب المتحالفون معها من مناصب حساسة في وزارة الدفاع السعودية عبر هذه القوى، ووصلوا لبعض أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية. وكانت لدى حمد بن خليفة فكرة مجنونة مؤداها أنه يريد امتلاك مشروعية الأسرة الحاكمة في السعودية، وكان يعرض ذلك على ضيوفه من الباحثين والصحفيين، ويعتقد أن مشروعية الدولة السعودية، تعود للدعوة الوهابية، وهذا تصور «إخواني»، غير صحيح، لأن الدولة السعودية بدأت قبل محمد بن عبدالوهاب، وقبل محمد بن سعود، بل من الأمير مقرن. حمد بن خليفة كان يركز -كعادة «الإخوان»- في تعامله مع السعودية على الدعوة الوهابية، وهذا منظور «إخواني»، وكان يظن أنه يمتلك شرعية قبلية، وكان يدعي أن جده السادس عشر هو محمد عبدالوهاب، وهذا غير صحيح تاريخياً، وتم إصدار بيان من أسرة آل شيخ يفند ذلك. عناد استراتيجي وأكد العتيبي أن دول المقاطعة تخلصت من شرور النظام القطري. وأشار إلى أن الكويت حاولت القيام بالوساطة، لكن الدوحة رفضت كل الخيارات وأوصدت كل الأبواب، وتمسكت بما يمكن وصفه بالعناد الاستراتيجي، وهذا موقف عاطفي وليس موقفاً سياسياً واقعياً. بعد مرور عام على الأزمة القطرية، يقول العتيبي: لا يوجد أي حل في الأفق بسبب انشقاق في صناعة القرار داخل النظام القطري، فالأمير السابق حمد بن خليفة لم يترك زمام الدولة لابنه تميم، ولا يستطيع الأخير التصرف في أمر إلا بموافقة والده، وهذا وبال حال على قطر وأيضاً على دول الخليج، بسبب العناد الاستراتيجي الذي ينتهجه النظام القطري. ويتساءل العتيبي: ما هي النجاحات التي حققناها: أولاً حصر الشرور القطرية داخل قطر ومنع امتداداتها داخل دولنا. الآن، والكلام لا يزال للعتيبي، لم يعد لـ«الإخوان» ولا «السروريين» ولا تنظيمات أو كتاب من «مطايا الإخوان» القدرة على العمل ضد مصالح مصر والبحرين والسعودية والإمارات، ولا يمكن لأحد ينتمي لهذه التنظيمات الدفاع عن قطر، ولدينا النجاح الدبلوماسي، المتمثل في نموذج د. أنور قرقاش الذي تخلى عن النمط التقليدي في الإفصاح عن المواقف السياسية، حيث إنه يعلن مواقف سياسية بشكل سريع ومتواصل عبر موقع تويتر ونجح في إيصال الرسائل بوضوح، وتنقل عنه وسائل الإعلام مواقفه. وهناك النموذج الشعبي الذي قدمه المستشار السعودي سعود القحطاني، الذي صعّد لهجة الخطاب، واختار أن تكون أدواته شعبية، واستخدم الشعر النبطي والأمثال، وكل ما يستطيع الوصول به إلى الناس. وقال العتيبي: اليوم اكتشفنا أن ما عمله سعود القحطاني صحيح، فهو نجح في تحويل المسألة من معركة سياسية يقودها القادة إلى معركة شعبية، أصبح الناس يتحدثون عن «عبدالله العذبة» والدليم، وأصبحت مهاجمة السياسة القطرية أمراً شائعاً عند عامة الناس. وكنت قد حذرت في بداية الأزمة من أن تتحول المقاطعة السياسية إلى أخرى شعبية، وهذا صعب، لأن معالجة المقاطعة الشعبية تحتاج إلى وقت طويل. رهان خاسر وأكد العتيبي أن كل محاولات النظام للخروج من أزمته باءت بالفشل، هو راهن على الولايات المتحدة لمساعدته في إنهاء المقاطعة من خلال الضغط على دول الخليج، على اعتبار أن القرار الخليجي بيد الأميركيين! ولكن لم يحدث شيء، ولم تغير دول الخليج سياساتها، ومع وصول ترامب لسدة الحكم، اتجهت واشنطن لدعم السعودية والإمارات. وحسب العتيبي، فإن الأزمة بدأت تشتد وتلحق الضرر بقطر مالياً واقتصادياً، وثارت شكوك حتى حول إمكانية استضافة قطر لكأس العالم، والتي يصفها العتيبي بالصفقة الرياضية الأكثر فساداً في العالم. وبالنسبة للعتيبي، فإن قرار المقاطعة تاريخي وعظيم، ولا شك أنه مؤلم، لأن القطريين في نهاية المطاف أهلنا، لكن مصالح الدول لا يمكن أن تكون نهباً لتلوثات فكرية عند أمير قطر السابق، والتي هي مستمرة إلى اليوم. وكان لا بد من وضع حد لهذا العبث، والآن رجعت قطر لحجمها الطبيعي. تراجع اقتصادي وانتقلت الكلمة إلى أسامة العشري الخبير الاقتصادي، الذي طرح آثار المقاطعة على الاقتصاد القطري، الذي يشهد تراجعاً منذ تسعة شهور، وبمقارنة مؤشرات الاقتصاد القطري على أساس سنوي، سنكتشف تراجعاً واضحاً، والموجودات الأجنبية انسحبت بنسبة 18 في المئة، وحسب العشري، فإن إجمالي الموجودات القطرية كانت تريليوناً و366 مليار ريال قطري، منها 228 مليار ريال قطري موجودات أجنبية، في سنة واحدة سُحب منها 15.8 مليار ريال قطري. حاولت قطر طرح سندات جديدة عن طريق شركة مورجان ستانلي وبنك «إتش إس بي سي»، لكن لم يحدث، قطر كانت تنتج ربع الإنتاج العالمي من غاز الهيلوم، من خلال مصنعين لكنها توقفت تماماً عن إنتاجه، لأن المواد المستخدمة في إنتاجه تأتي عن طريق البر، وتم إغلاق المصنعين العام الماضي، لعدم القدرة على توفير مستلزمات الإنتاج التي تصل إلى قطر براً. ونوّه العشري إلى أن البورصة القطرية في 2014 كانت قد وصلت لمعدلات تاريخية، حيث ارتفع مؤشرها إلى 14000 وعندما بدأت الأزمة هبط إلى 11000، لكن بعد الأزمة تراجعت البورصة ليصل مؤشرها إلى 7500 فقط، أي معدل خسائر بنسبة 45 في المئة، وطرأت زيادة بسبب ارتفاع أسعار تصدير الغاز، ولولا هذه الزيادة لتفاقمت المشكلة. وحسب العشري، كلما يتم سحب السيولة من البنوك، يتدخل جهاز قطر للاستثمار من خلال صندوقه السيادي، ويضخ سيولة من خلال بيع أصول وسندات في الولايات المتحدة وفي شركات عالمية، وبلغ حجم الصندوق 300 مليار دولار، بعدما كان حجمه 500 مليار دولار. كما مُني عدد كبير من الشركات القطرية المتداولة في البورصة بخسائر خلال عام 2017 بلغت 50 في المئة، مقارنة بما كانت عليه في 2016. كما أن السيولة التي يتم ضخها تقوم بإصلاح الضرر الاقتصادي، وليست موجهة للتنمية. التدخل الحكومي -على حد قول العشري- لن يكون قادراً على كبح هبوط مؤشرات الاقتصاد، وما يحدث في قطر هو دعم حكومي قابل للنفاد، وإذا استمرت المقاطعة عامين مثلاً، فربما سيكون من الصعب على قطر بناء ما تضرر خلال الآونة الأخيرة. وأكد العشري أن الاتجاه الصعودي الذي كانت البورصة القطرية تتمتع به تحول إلى اتجاه هبوطي عنيف، وتداولات البورصة عند أدنى مستوياتها، وربما نجد سعراً أدنى جديداً لمؤشر البورصة القطرية في 2018، وقد تدخل قطر مرحلة اقتصادية صعبة. الأرباح الخاصة بالشركات تتراجع لكنهم في قطر يحاولون التغطية عليها من خلال المبالغة في تقييم الأصول المدرجة في ميزانياتها لإخفاء الخسائر والتهوين من شأنها، والادعاء بأن الاقتصاد القطري قوي. يحاولون زيادة حصتهم في «روزنفت» أكبر شركة نفط روسية، لكن حتى الآن لم ينجحوا في إبرام هذه الصفقة. في المقابل نجد البنوك الإماراتية حققت توزيعات تاريخية في الأرباح ما يعكس ازدهاراً، لكننا لم نجد إعلاناً عن توزيع أرباح في الشركات القطرية. الاقتصاد القطري تراجع في الربع الأول من 2018 بنسبة 40 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من 2017. «إعلام المطية» الكلمة انتقلت للحمادي الذي يرى أن المعركة في هذه الأزمة فعلياً كانت إعلامية، الإعلام اليوم مهم جداً، ولا زلنا حتى هذه اللحظة نواجه هذه الأزمة إعلامياً، وقطر محترفة في هذا المجال بسبب تاريخها في استخدام أدوات إعلامية، ونقل الحمادي الكلمة للدكتور حسن قايد الصبيحي، الذي قدم مداخلة أشار فيها إلى أن الإعلام القطري أصلاً هو قناة «الجزيرة»، ولا توجد صحافة قطرية ذات قيمة أو مؤثرة، وليس هناك إذاعة قطرية يمكن التعويل عليها. الإعلام لم يعد مهنة أخلاقية، وفق ما يراه النظام القطري، بل أداة قتال قد تكون خسائرها أكثر فداحة من خسائر الحروب التي تستخدم الأسلحة الفتاكة. ولفت الصبيحي الانتباه إلى «الإعلام المطية» الذي يمكن أن يمتطي ظهره القادرون على التمويل، وهذا ينطبق -من وجهة نظره- على قناة «الجزيرة». وهذا النوع من الإعلام استغل المال الذي يوفر التكنولوجيا الاتصالية والكوادر الإعلامية كي يلبي طموحات خيالية لمموليه. وأكد الصبيحي أن إعلام النظام القطري انشغل منذ الوهلة الأولى لنشأته بتزييف الواقع، ما ألحق الضرر بالدول العربية. والقائمون عليه تسببوا عبر رسائله التهييجية وتحريض الشعوب على أنظمتها إلى ضرب استقرار هذه الدول. وأشار الصبيحي إلى أن القيادات القطرية وضعت ثروات الشعب القطري في خدمة برنامج متصل من التدمير للبنيات السياسية العربية وتركها محطمة ومشتبكة في حروب أهلية دون العثور على بدائل، فوجدنا دولاً تتفكك وأخرى تعصف بها عصابات وميليشيات يديرها أمراء حروب. وحسب الصبيحي، فإن الإعلام القطري يتبادل الأدوار مع السلطة القطرية، فالإعلام القطري يختلق الأزمات والدولة القطرية تبادر بالاتصال بالخارجين على القانون وتسارع بمدهم بالمال والسلاح، ثم تمضي في شراء ذمم بعض الأشخاص، ولا يهدأ لها بال حتى تقضي على الاستقرار وتشعل النار مثل «نيرون» الذي كان يبتسم مرة ويقهقه مرة غير عابئ بالناس والممتلكات التي تحترق أمام عينيه. «الجزيرة» رد فعل هستيري وأشار الصبيحي إلى أن سبب إطلاق قناة «الجزيرة» هو موقف ممتلئ بالحقد، فقد كان تدشينها رد فعل هستيرياً بعد خلاف حدودي بين قطر والسعودية. هذه القناة ورطت قطر أكثر في أزمات كان آخرها أزمتها الراهنة في الخليج والعزلة التي تعيشها الآن. ولفت الصبيحي الانتباه إلى تقرير لشبكة CBNC الأميركية حول مرور عام على الأزمة القطرية مفاده أن «الجزيرة فقدت الكثير من مشاهديها ومصداقيتها، وأن شعار الاستقلالية قد تلاشى، بعدما تحولت القناة إلى منبر تحريضي ضد دول عربية». خطاب الإساءات وحسب الصبيحي: يمضي الآن العام الثاني على الأزمة التي حولتها قطر عبر إعلامها الرخيص إلى حفل ممتد من خطاب الإساءات لقادة الخليج، ولكل ما هو شريف ونبيل. فإعلام النظام القطري يتطاول كل يوم على قامات كبرى غير عابئ بالقيم الخليجية والعربية الأصيلة، ويوظف فريقاً خاصاً من محترفي السباب والشتائم يقودهم إعلاميون قطريون يتوارون حول قصص زائفة. ثمار المقاطعة وأشار الحمادي إلى أن المقاطعة بدأت تؤتي ثمارها، واستطعنا اليوم كدول أربع مقاطعة لقطر أن نحجم التمويل القطري للإرهاب وأن نضعها تحت المجهر، ونجعلها على الأقل موضع شك، حتى الدول التي تريد إبرام صفقات معها تتردد وتتشاور في الأمر. ووجه الحمادي سؤالاً لعبدالله بن بجاد العتيبي، مؤداه: هل تعتقد أن هناك تمزقاً حدث في النسيج الاجتماعي الخليجي جراء الأزمة؟ وأجاب العتيبي بأن حركة المجتمعات عادة ما تأتي بعد سياسات حكومية معلنة، ولو انتهت الأزمة القطرية سريعاً لكان هناك تدارك لحالة العداء بين المجتمعات جراء الأزمة السياسية، وكلما طالت الأزمة ترسخ العداء بين المجتمعات. وبخصوص الدور الشعبي في الأزمة، هناك من استخدم «تويتر» و«سناب شات»، أي أن عامة الناس قد اتخذوا مواقف ضد قطر. وهناك نموذج سعود القحطاني، في السعودية، وهناك نماذج في السعودية والبحرين والإمارات، هؤلاء قوة مؤثرة وجعلوا المعركة شعبية تجعل عامة الناس والبسطاء تتخذ مواقف ضد قطر. ويتساءل الأستاذ حبيب الصايغ: هل هذا الدور الشعبي في الأزمة جيد؟ الصايغ يرى أن ما حدث أن المساهمة الشعبية جعلت سقف الطرف الآخر يعلو، سقف شخص مثل «العذبة»، وعندما نقرأ تغريدة في تويتر نقرأ كل الردود عليها، نحن نخاطب شعوباً عربية تسيء لرموز الإمارات والسعودية، صحيح أن «الجزيرة» لم تعد وسيلة إعلامية، بل أداة فتنة وبغضاء، وفقدت مصداقيتها، ومن يظهر فيها صوت واحد ومسخ واحد أسطوانة مشروخة، لكن في المقابل هنالك شعوب عربية تشاهد «الجزيرة»، ويقول الصايغ إننا لا نمتلك إعلاماً خارجياً، وفي الصحف الرصينة الموجودة لدينا نخاطب بها أنفسنا، ولا نخاطب الآخرين، وهناك شيطنة لرموزنا، ونحن لا نرد على هذه المحاولات على اعتبار أن هذا مثل الزبد الذي يذهب ولا يمكث في الأرض، لكن هذا يترسخ.. وضمن الدروس المستفادة من الأزمة، ألم نسهم عن غير قصد في الوضع القائم الآن؟ إننا اتبعنا طوال عشرين عاماً أسلوب «الطبطبة» و«حب الخشوم» طوال عقدين مع قطر، وتحت الرماد نار.. عبدالله العذبة كان يمكن تحجيمه منذ عام 2013، عندما بدأت إساءاته. وقال الصايغ: قطر لم تعد نداً لدول الخليج، فهي لم تعد دولة حقيقية، ويصعب التفاهم معها، وما حدث هناك مع الشعب القطري نتيجة تربية سياسية استمرت منذ وصول حمد بن خليفة للسلطة، وينبغي مواجهة ذلك بوعي ولا ينبغي التعامل معه بالقول إن كل الأمور تمام، أو أن «الجزيرة غير مؤثرة»، أو أننا «ناجحون إعلامياً»، علينا أن نواجه الحقائق كما هي. وانتقلت الكلمة للدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات، التي قدمت مداخلة أشارت خلالها إلى أن قطر بعد عام من المقاطعة باتت منهكة سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، وحققنا نجاحات من وراء هذه الخطوة، وكنا في حالة دفاع في وجه وسائل الإعلام القطرية، الآن تغير الوضع. الإمارات بالنسبة لقطر، دولة تنافسها على الدور، التساؤل: قطر، هل هي لاعب أم وكيل؟ هل هي وكيل يعمل لصالح لاعب أكبر يريد منها القيام بأدوار معينة في المنطقة؟ قطر برزت منذ عام 1996 من خلال «الجزيرة»، التأكيد على مقولة (قناة الجزيرة من قطر) للترويج لهذه الدولة. الأزمة أدت إلى انحسار للقوة الناعمة لهذه القناة. صحيح أننا ربما لم نهتم بالرأي العام العربي، وفي الإمارات لدينا نموذجنا الذي أسسه الشيخ زايد رحمه الله، ولدينا أسس ثابتة ولدينا قوتنا الناعمة المتسامحة، في قطر اتخذوا «الإخوان» كمصدر قوة وكذلك الإعلام أيضاً، وفي مناطق مثل الشمال الأفريقي ودول المغرب العربي هناك اعتماد على هذا التنظيم والجماعات الأيديولوجية، وهذه الجماعات لديها قدرة على التحرك والتعامل مع الإعلام والتعبئة. قطر جمعت في معركتها ضدنا «الإخوان» وإيران لديها خبراء يهود تعتمد عليهم، وكل هذه العناصر مؤدلجة، وليس لدينا مثل هذه الأدوات. لكننا نجحنا في كشف المسكوت عنه مثل دعم قطر والكيانات التي يمكن تسميتها «ما دون الدولة» مثل الحركات والتنظيمات المتطرفة، «داعش» و«القاعدة»، كما أن توقيع قطر على اتفاقية لمكافحة الإرهاب يعد مكسباً. وحسب الكتبي، كشفت الأزمة أن الأسرة الحاكمة في قطر ليست كتلة واحدة، بل داخلها أطياف معارضة، وهناك صوت آخر في قطر. وترى الكتبي أن الدوحة تسعى دوماً لكسر التحالف السعودي- الإماراتي.. وإعلامياً، أشارت الكتبي، إلى أنه من حسنات الأزمة أنها كشفت عن منصات إعلامية موالية لقطر. لكننا اكتشفنا أنه ليس لدينا القدرة على الوصول إلى الإعلام الغربي، ومخاطبته. وتتسائل: ما هو الدور المناط بقطر الآن؟ التخريب وزعزعة الاستقرار والتعامل مع المجموعات التي نسميها «ما دون الدولة»، هل ستنتهي مهمة قطر في ظل التغيرات الحالية؟ بالطبع توجد مهمة. استهداف التحالف السعودي- الإماراتي الدكتور سلطان محمد النعيمي يرى أن قرار المقاطعة كان صحيحاً، ويتساءل: لو عادت الأمور مع قطر كما كانت عليه من قبل، هل يمكن الثقة في تعاون بين النظام القطري الحالي وأجهزته الأمنية بعد موقف النظام من اليمن وعلاقته بإيران؟ في المستقبل مستحيل أن تعود العلاقات مع هذا النظام القطري مثلما كانت في السابق. قطر الآن تجمعها علاقات مع تركيا عنوانها «الإخوان»، وربما تستخدم قطر هذه العلاقة في العام الثاني من الأزمة انطلاقاً من عداء «الإخوان» للإمارات. وعلى الصعيد الدبلوماسي، أفلس النظام القطري لأن الحل لا يزال موجوداً في الرياض، وتلك قناعة حتى لدى القوى الكبرى. وحسب النعيمي، فإن التحالف الإماراتي- السعودي لا يزال هدفاً يسعى النظام القطري للنيل منه، كنا نجد «العذبة» في 2014 يتطاول على الإمارات وفي الوقت نفسه يقول عن السعودية «الشقيقة الكبرى». ومن المهم تعزيز العلاقات السعودية- الإماراتية، ولا بد من تسليط المزيد من الضوء على الدور التخريبي الذي لعبه النظام القطري في مصر، خاصة أن بعض الدوائر الغربية تعتقد أن مصر ليست طرفاً في الأزمة القطرية، اعتقاداً أنها أزمة خليجية- خليجية، ما يعكس أن هناك تقصيراً لدينا في توضيح هذا الجانب، وإيضاح حجم تهديد النظام القطري للاستقرار في مصر. وعن الدور الشعبي في الأزمة، ووجود بعض الأفراد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم في الأزمة، يرى النعيمي أن الأمر يحتاج إلى مفردات دقيقة كي يتم توضيح الفرق بين قطر والنظام القطري، وتوصيل رسالة واضحة للشعب القطري بعيدة عن الإسفاف. قطر والشارع المغاربي الدكتور محمد البشاري، أمين عام المؤتمر الإسلامي- الأوروبي في فرنسا، يرى أن قطر حاولت التأثير على الشارع المغاربي، وفي بداية المقاطعة، بدا الأمر كما لو كانت الدوحة متوقعة هذه الخطوة ومتيقنة بأنها ستربح هذه المعركة بحلفائها. فطوال 20 عاماً موّل النظام القطري مراكز بحوث قوية في فرنسا وبروكسل، وتبنت هذه المؤسسات والجمعيات الحقوقية الطرح القطري في الأزمة. في شمال أفريقيا دخل النظام القطري من خلال «الإخوان» بمساعدة يوسف القرضاوي و«الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين»، الذي أصبح ساحة أكبر من التنظيم الدولي للإخوان، وتم فتح المجال للمغاربيين كقوة داخل هذا الاتحاد، واستغل النظام القطري ما تبقى في شمال أفريقيا من القوميين واليساريين بالتعاون مع عزمي بشارة ومركز دراسات الوحدة العربية. وبعد 3 شهور من المقاطعة، وفضح بعض الملفات بدأ الشارع الفرنسي كله يضغط ويطالب بوقف الدعم القطري للإرهاب، وهذا ما حدث في أول زيارة قام بها ماكرون للدوحة بعد الأزمة. وفي مؤتمر باريس لمكافحة الإرهاب في أبريل الماضي، كانت هناك مطالبات للدوحة بوقف دعم الإرهاب. وهناك ضغوط شعبية للتحقيق في علاقات الرئيس السابق ساركوزي مع النظام القطري، وهناك مطالبات شعبية بوقف كل الاستثمارات القطرية في فرنسا. المقاطعة فضحت أوراق قطر، وفضحت أعمال التحالف القطري التركي الإيراني. ولدى البشاري قناعة بأن النظام القطري لا يرعى «الإخوان»، بل هو نظام «إخواني». المقاطعة نقلت التنظيم «الإخواني» من قطر إلى اسطنبول ثم إلى بريطانيا. قطر منذ 2001 بدأت في سلسلة خاصة برعاية المؤتمرات الدولية، وأنشأت لها وزارة خاصة. ومنذ مدة لدى النظام القطري مشروع يعمل على النيل من الأمن الفكري والروحي والسياسي للدول العربية، ولذلك، فإن الحسن الثاني عندما حدث انقلاب حمد بن خليفة على أبيه سمى الأمير حمد بـ«الابن العاق»، وبعدها وجدنا دعماً قطرياً لجبهة البوليساريو. المقاطعة فضحت التحالف بين النظام القطري والتنظيمات الإرهابية في شمال أفريقيا مثل جماعة «المرابطين» و«داعش» و«بوكو حرام»، وأيضاً «جبهة البوليساريو». وحسب البشاري، التنظيم الدولي للإخوان لم يعد كما كان، فبعد «الربيع العربي» انكشف التنظيم، ولم يعد لديه الشعبية التي كانت لديه سابقاً، وتبين أن هؤلاء إرهابيون ووصوليون. المقاطعة نجحت، لأنها أثارت شكوك الغرب الأوروبي والأميركي في النظام القطري. والمعركة القادمة، حسب البشاري، هي معركة إعلام. الشارع بحاجة لقصة وبطل! سالم سالمين النعيمي: الإعلام حالياً يختلف تماماً عما كان عليه قبل حتى عام، الآن الشباب يشكلون نسبة 65% من المجتمعات العربية، الجزيرة تؤثر على من؟ على النخبة أم صناع القرار، أم من؟ نحتاج دراسات محكمة لرصد هذا النفوذ. الشارع -من وجهة نظر سالمين- يحتاج لبطل وقصة، فربما تتم «شيطنة» النظام القطري، لكن الشارع قد لا يستوعب هذا. قطر -حسب سالمين- تجيد التلاعب بالألفاظ وتناور في استخدامها، للترويج لصورة المظلوم المضطهد والبطل و«روبن هود».. وهكذا. لكننا لا زلنا نستخدم نفس المفردات عند التعامل مع الأزمة، وهذا يحتاج -على حد قوله- إلى تغيير، لأن الناس ملت من تكرار مفردات بعينها. الجمهور الآن تصعب السيطرة عليه، لوجود مصادر للأخبار متنوعة، مثل «تويتر»، كما أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي يختلف من وسيلة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر، ونقل المعركة إلى تويتر، يدفعنا إلى التساؤل نحن نستهدف من؟ كما وجه سالمين انتقاداً للإسفاف والابتذال على «تويتر» لأن هذا يتناقض مع صورة الإمارات والمستوى الذي وصلت إليه على الصعيد العالمي، فهناك بعض المغردين لا يعبرون عن مجتمع الإمارات، خاصة عند استخدام ألفاظ نابية تتجاوز العادات والتقاليد في مجتمع عربي ومسلم. وأشار سالمين إلى أهمية التميز بين «الشعب القطري» و«النظام القطري». وطالب بضرورة تغيير أفكار الشعب القطري حيال الحكومة القطرية، والدخول في حوار مباشر مع الشعب القطري، والتركيز على فشل الإجراءات والممارسات وليس الأشخاص والمؤسسات، والتشكيك في اهتمام القيادة القطرية بمصالح الشعب القطري، والتركيز على اللحمة الخليجية والمصير المشترك. السفير الإماراتي السابق أحمد الحوسني، أشار إلى إشكالية المهادنة الأميركية- الأوروبية لقطر، والأخيرة تستغل هذه المساحة ومتجهة لتكوين بعض المحاور، هي وصلت للصومال المطلة على البحر الأحمر. إيران وتركيا تشجعان ذلك، وبدلاً من الوساطة التركية، نجد أنقرة تتمسك بـ«الإخوان»، وتركت الدولة المصرية، وتلك إشكالية ستتفاقم في المستقبل. من المهم النظر إلى الموقف الأميركي تجاه إيران، فعندما يتم الضغط على طهران سيتغير الموقف القطري. في الإعلام أنجزنا بعض الأمور منها التفاف الشعب حول القيادات، وتم الكشف عن أمور كثيرة. ومن المهم الانتباه إلى شمال أفريقيا، هناك يرددون موضوع «صفقة القرن» ويركزون على اتهامات للسعودية والإمارات. ويشكو الحوسني من تقصير إعلامي في التواصل مع شمال أفريقيا، وهذا يحتاج حوارات واستدعاء صحفيين من المغرب والجزائر، فهؤلاء لديهم فقر في المعلومات التي تصلهم. وقدم الكاتب الجزائري خالد عمر بن ققه، مداخلة أكد خلالها أن قطر خرجت من الصف الخليجي وانضمت إلى صف تركيا وإيران. المشكلة تكمن في أن قطر لا تزال مصدر دخل لآخرين، وتبيض ذهباً للآخرين. الخوف أن تمتد الخسائر العربية لتصبح قطر جزءاً منها. الدكتور عبدالله العوضي طالب بتغيير الخطاب الإعلامي الخليجي، لأن هناك مداخلات إعلامية غير لائقة، ولا تحقق الغرض المطلوب. وينبغي أن تكون هناك رسالة موجهة للشعب القطري. ومن المهم مراعاة البعد الاجتماعي، خاصة ما يتعلق بصلة الأرحام. وفي الجانب الاقتصادي، لا بد من بث خطاب معلوماتي دقيق يدافع عن سياسات دول المقاطعة، فالقطريون يحاولون الاستخفاف بتأثير المقاطعة وتداعياتها الاقتصادية. أسامة العشري يرى أن قطر لا تبيض الآن ذهباً للآخرين، فصندوق قطر السيادي تراجعت مدخراته في عام بنسبة 22 في المئة، وتحاول قطر الاستحواذ على حصة في شركة «روزنفت» الروسية لكنها لم تنجح، قطر لم تستطع خلال ستة شهور إبرام صفقة كبيرة، وإذا استمرت الأزمة لأعوام أخرى سيكون الاقتصاد القطري على شفا الإفلاس. وانتقلت الكلمة لعبدالله العتيبي، الذي أكد على أهمية علاج التقصير في الوصول إلى الغرب الأوروبي والأميركي لإيصال موقف دول المقاطعة. واختتم الحمادي الحلقة بالقول: إننا في حالة حرب، وعلينا ألا ننسى دائماً من الذي بدأ.. قطر هي التي بدأت ودفعت الجميع إلى هذا الوضع.. نحن ندافع عن المنطقة وعن دولنا وعن استقرار هذا المكان.. ولو لم تتدخل الدول الأربع وتتخذ خطوة المقاطعة، لكنا في حال أسوأ هذا العام أو العام الذي بعده. هذا القرار اضطررنا إليه اضطراراً، وأتفق مع المشاعر التي تطالب بعودة الدوحة، لكن بطريقة لا تؤذي المنطقة، ويكفي ما فعلته قطر في بلد مثل مصر طوال قرابة 20 عاماً. معاناة البنوك القطرية حسب تقرير حديث عن وزارة الخزانة الأميركية، أظهر أن قطر قامت بتسييل استثماراتها في السندات الأميركية، من 1.381 مليار دولار في مايو 2017 إلى 235 مليون دولار في يناير الماضي، كم أكد صندوق النقد الدولي، في مارس الماضي، أن البنوك القطرية فقدت نحو 40 مليار دولار من التمويلات الأجنبية (ودائع مقيمين وغير مقيمين وودائع القطاع الخاص والإيداعات بين البنوك)، منذ قرار المقاطعة العربية. كما دفع التدهور الحالي في اقتصاد قطر مصارف عالمية إلى العزوف عن التعامل في السندات الدولية التي يطرحها المصرف المركزي القطري، لتعويض خسائر سحب الودائع الأجنبية من القطاع المصرفي وتداعيات المقاطعة.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©