الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حفلات الشاي» وجذور الشعبوية الأميركية

12 يوليو 2010 23:01
ديفيد برودر محلل سياسي أميركي مثلت ظاهرة "حفلات الشاي" لغــزاً كبيراً من ألغاز الحياة السياسية في أميركا هذا العام. وهذا اللغز كان مثيراً بالنسبة لبعض الناس، ومفزعاً بالنسبة لبعضهم الآخر. ووضع هذه الظاهرة في سياق الحركات الشعبوية التاريخية الأخرى، ساعد "هنري أولسن" من معهد "أميركان إنتربرايز"، على تعريفها، وأيضاً على تعريف الخيار الصعب الذي يجد "الجمهوريون" أنفسهم أمامه راهناً. ففي مقال له نشر في عدد الصيف من دورية "ناشيونال آفيرز" وفي مقابلة أجريت معه بعد ذلك للتعليق على هذا المقال، راجع "أولسن" المسيرة المتذبذبة والمتفاوتة للحركات الشعبوية عبر التاريخ الأميركي. ومما يزيد من قيمة كلامه كونه عمل مشرِّعاً في كاليفورنيا، قبل الالتحاق بالعمل في ثلاثة من مراكز البحوث والدراسات ذات التوجهات المحافظة. وحتى ستينيات القرن الماضي، كانت تلك الحركات في الأغلب الأعم ظاهرة خاصة باليسار الأميركي ومن النوع الذي تقوده عادة شخصيات تاريخية من أمثال توماس جيفرسون، وأندرو جاكسون، وويليام جينينجز برايان، وفرانكلين روزفلت. وقد مرت "الشعبوية" بتجربة غير ناجحة عام 1964 مع "باري جولد ووتر"، ولم يقدر لها الازدهار إلا عندما تولى ريجان زمام المؤسسة السياسية في واشنطن عام 1980. وكان الفارق بين الرجلين كبيراً. فـ"باري جولد ووتر" فقد سباق الرئاسة الذي كان قد خاضه في ذلك العام لأن نغمة وأفكار بعض من مؤيديه المتطرفين بدت في نظر الكثير من الناخبين شاذة ومخيفة، كما أن عدم قدرة "جولد ووتر" نفسه -أو عدم رغبته في الحقيقة- في التبرؤ من تلك الأفكار أتاحت الفرصة للمرشح الآخر الديمقراطي "جونسون" لأن يصف أفكاره بأنها "شاذة ومخيفة"! وحول ذلك كتب "أولسن" في مقاله المشار إليه: "إن باري جولد ووتر بدلا من أن يسعى إلى مساعدة الشرفاء على استرداد الحقوق التي حرموا منها من قبل خصومهم، كان يتصرف في الكثير من الحالات كما لو كان يريد أن يقود هؤلاء الضحايا إلى معركة حامية ضد عدو لدود". والحال أن "أولسن"، مثل كثيرين، يرى في "ريجان" نموذجاً يحتذى حيث كتب عنه في المقال ذاته: "خلال حياته العملية لم يتردد ريجان أبداً في الإدلاء برأيه بصراحة تامة عند الحديث عن التهديدات والمخاطر التي تكتنف الحرية والرخاء، والتي تأتي من جانب الحكومة المركزية غير المقيدة". ثم يستطرد: "ولكن عندما كان الأمر يتعلق بالخصوم المحليين ظل ريجان يحاول عادة قدر استطاعته تجنب الوقوع في الفخ الشعبوي القائم على انتقاد الخصوم، وشجب أعمالهم، وتصويرهم بأنهم أعداء صريحون". ويضيف "إن هذه الروح الشعبوية قد عادت اليوم وبزخم قوي، وهو ما يرجع جزئيّاً إلى عدد من الدوافع ومنها الغضب تجاه وول ستريت، والإحباط من واشنطن السياسية". ويوضح هذه النقطة أكثر بقوله "إن هؤلاء الذين يعتقدون أن النبرة المرتفعة والعدائية التي يتسم بها خطاب حفلات الشاي ستؤدي تلقائيّاً إلى تنفير الناخبين المستقلين، عليهم أن يعيدوا التفكير مرة أخرى، لأن الحركات الشعبوية الناجحة هي تلك التي تُعرّف أعداءها السياسيين عادة بعبارات صريحة، بل ولاذعة في غالبية الأحيان". فـ"ويليام جينينجز برايان" (ترشح عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة ثلاث مرات، ولكن لم ينجح في أي منها) فشل لأسباب عدة منها أنه جعل الأغلبية خائفة. فبعض الشعبويين التحرريين، من خلال رفضهم لكل جانب من جوانب دولة الرفاه، قد يقومون بعمل الشيء نفسه -لأن هذه الأمة المنتمية في معظمها ليمين الوسط، لا تريد أن ترى دولة الرفاه وقد تفككت". وفي رأيي الشخصي أن المرشحين لمجلس الشيوخ في ولايتي"كانتاكي" و"نيفادا" يجب أن يضعوا هذه الكلمات نصب أعينهم، وأن يحفظوها عن ظهر قلب. ويحتاج "الجمهوريون" إذن إلى أن يفعلوا ما فعله "ريجان" بالضبط، أي أن "يقترحوا بدائل تساعد على إحداث تغيير حقيقي في التوجه العام دون أن يبدوا وهم يفعلون ذلك كما لو أنهم راديكاليون متطرفون". وقد كان "ريجان" يمتلك ميزة هي أنه قد عمل حاكماً لفترتين لأكثر الولايات الأميركية اكتظاظاً بالسكان وهي ولاية كاليفورنيا. ومن هنا كان قادراً على الرد على أولئك الذين يتهمونه بأنه سياسي خطر بالقول إنه ليس كذلك بدليل أنه حقق النجاح في ولاية كاليفورنيا، التي تمثل تحديّاً صعباً لأي سياسي. ويرى "أولسن" أن الحركة الشعبوية المحافظة الجديدة تحتاج إلى رؤيتها الإيجابية الخاصة، أي إلى رؤية تستطيع أن تحول العواطف الشعبية القوية، والعابرة في الوقت نفسه، إلى قوة سياسية مستمرة. وعندما سألت "أولسن" عما إذا كان "الجمهوريون" في مجلس النواب يخططون لصياغة نسخة جديدة مما عرف بـ"عقد مع أميركا 1994" الذي كان يلبي هذه الحاجة في حينه، كان رده مماثلا للرد الذي كنت سأختاره أنا نفسي إذا ما سئلت هذا السؤال وهو: "دعنا ننتظر لنرى ما هي أفكارهم على وجه التحديد"! إن القائمين على الصياغة، قد أجلوا لحظة الحقيقة عن طريق إجراء سلسلة من جلسات الاستماع للقواعد الشعبية ولاستنباط الأفكار من الناخبين وأيضا من خلال جلسات خاصة مع جماعات الضغط في واشنطن. ولا حاجة للتذكير بأن بناء ائتلاف أغلبية سيحتاج إلى منصة قوية ورشيدة. كما يحتاج إلى انفصال تام عن أولئك الحمقى والمعتوهين، الذين سبق وأن أغرقوا "برايان" و"جولد ووتر" معاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©