الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجديد الخطاب الديني ضرورة حياتية لنهضة الأمة

تجديد الخطاب الديني ضرورة حياتية لنهضة الأمة
5 مايو 2011 19:48
جاءت دعوة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر للعلماء والمفكرين في ربوع العالم الإسلامي بالاجتهاد وإعمال العقل، وإعلاء قيم التسامح، والعمل والبحث عن خطاب ديني جديد ومتجدد، يعلم الناس ما ينفعهم ويعينهم على حركة الحياة، وينشر قيم الاعتدال والتسامح، ويحاصر الغلو والتطرف، ويركز على جوهر الدين، ويحفظ ثوابتنا، وينفتح على العالم، لتضع علماء الدين والفقهاء أمام مسؤولياتهم الدينية. إذا كان تجديد الخطاب الديني من أهم القضايا التي يطرحها خطاب النهضة في كل المجتمعات والحضارات الإنسانية عبر تاريخها الطويل، فإن ما يمر به عالمنا العربي والإسلامي من شيوع تطرف ديني أو طائفي أو مذهبي يرتكز على أفكار سلفية تخنق الإبداع، وتحد من حرية الفكر والتعبير، يجعل من تجديد الخطاب الديني ضرورة حياتية وحتميه حضارية. وقد جاءت رؤية الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب لتؤكد أهمية تجديد الخطاب لمواكبة تطورات العصر المتلاحقة، ولكنه يشترط أن يستند هذا التجديد في الخطاب الديني إلى القرآن والسنة النبوية معاً، وأن يكون خطاباً عقلانياً بعيداً عن الخرافات والغيبيات، فالإسلام لا يرفض كل ما يقبله العقل ولا يوجد صدام بينهما. استراتيجية إسلامية ويرى الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري السابق، أن الواقع يؤكد الحاجة الماسة لاستلهام فقه الأولويات باعتباره عنصراً أساسياً من عناصر التجديد في الخطاب الديني، ويجب أن يعلم الجميع أن الالتزام بفقه الواقع ليس من اختراع المعاصرين، ولا يشكل نوعاً من التفريط في أمور الدين الأساسية، ويجب أن تختفي من خطابنا الديني الأمور الغريبة التي دخلت عليه مثل الاهتمام بالشكل أكثر من المضمون، ومن هذه الأمور أن ترى الخطيب على المنبر يعلو صوته متحدثاً عن الملابس، زاعماً على سبيل المثال أن ارتداء الملابس العصرية حرام، والحديث في هذه الأمور التافهة، هو جزء من الأمور التي أدت إلى اتهام المسلمين بالإرهاب والتطرف، بل إن الانشغال بتوافه الأمور أحد الأسباب التي أدت إلى تخلف الأمة وتبعيتها لغيرها سياسياً واقتصادياً، بالإضافة إلى استشراء الجهل والتخلف في أوصالها. ويضيف: من هنا تبرز الحاجة إلى وجود استراتيجية إسلامية شاملة لتحديد أسس فقه الواقع تحاول تطوير الخطاب الديني حتى يصل بالمجتمع إلى الاعتدال المطلوب، والنهوض والتقدم، ويجب أن نعمل على الاهتمام بالعلم، ونحن نتعامل مع الخطاب الديني، بشرط ألا يتنافى العلم مع الثوابت الدينية والأخلاقية التي يلزمنا الإسلام بها، ويجب أن نعلم أن الاشتغال بالعلم أولى من الاشتغال بالعبادات التطوعية، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب»، وعنه أيضاً أنه قال - صلى الله عليه وسلم: «فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد»، فالعلم في الإسلام عبادة في حد ذاته، وهو مصدر الخير كله ومفتاح النجاح في كل عمل؛ ولهذا يجب أن نعتمد في خطابنا الديني على بعث لغة العلم لحث مجتمعاتنا الإسلامية على التماس سبل العلم المؤدية إلى تقديم الإسلام بصورته السمحة أمام الآخر. تعطيل الفكر والإبداع ويرجع الدكتور زقزوق، أزمات الأمة الإسلامية إلى إهمال العقل، وتعطيل الفكر، وتوقف الإبداع‏، ويؤكد أن البراءة من المرض ممكنة‏، لكنه دائماً يراهن على الوقت‏، ويقول: تجديد الخطاب الديني لا يتم بين يوم وليلة، والنهوض بالدعاة والأئمة والخطباء الذين تراجع مستواهم بحاجة إلى مزيد من الدورات والتدريبات التي قد تنقذنا من الكارثة‏. وشدد على أن تجديد الخطاب الديني لا يعني المساس بالأسس والقواعد التي يقوم عليها الدين أو التنازل عن التراث الإسلامي وإنما محاولة البناء على هذا التراث والإضافة إليه، بعد أن أصبح التجديد ضرورة حتمية تفرضها تطورات العصر التي تستلزم من المسلمين مواكبتها والتعايش معها والاستفادة منها في تحقيق نهضتهم المعاصرة. وأوضح أن تجديد الخطاب الديني لا يعني بأي حال المساس بثوابت العقيدة التي لا خلاف عليها والتي لا تقبل تغيرات أو تعديلات، وإنما التجديد يكون في الفروع والمتغيرات التي تطرأ على الواقع الإسلامي وتحتاج إلى رؤية جديدة ومعاصرة في التعامل معها، خاصة أن الإسلام أكثر الشرائع السماوية مرونة وقابلية للتجديد واستيعاب كل المستجدات، ويرفض الجمود والانغلاق، مشيراً إلى أن الإسلام لذلك أقر الاجتهاد آلية مشروع ليعطي المسلمين الفرصة كاملة للابتكار والإبداع، ومواكبة كل العصور، وأكد الدكتور زقزوق أن التجديد في الفكر الإسلامي ليس دخيلاً على الإسلام، بل هو قضية إسلامية أصيلة والتاريخ الإسلامي حافل بالمجددين العظام الذين استوعبوا روح الإسلام المتجددة فأبدعوا وأسسوا حضارة رائعة قدمت الكثير إلى التراث الإنساني واستفادت منها الحضارات الأخرى. وقال: يجب أن يرتكز تجديد الخطاب الديني على عدة منطلقات أهمها إعادة ترتيب هرم أولويات الدعوة الإسلامية بالتركيز على القضايا المصيرية التي تتعلق بواقع المسلمين ومستقبلهم، وتأكيد الأساس الإنساني في العلاقة مع الآخرين، ورفض منطق صدام الحضارات وصراعها، وضرورة التعايش والتفاعل مع جميع البشر. اللين في الوعظ ويقول الدكتور إسماعيل الدفتار الأستاذ بجامعة الأزهر: يجب أن ندرك ونحن نتعامل مع التجديد في الخطاب الديني، ضرورة ألا ننساق وراء الأهواء الغربية الداعية إلى التخلص من الخطاب الديني الإسلامي تماماً كوسيلة من وسائل التخلص من الإسلام؛ ولهذا فإن دعوات العلماء والمفكرين تؤكد دوماً ضرورة أن يكون التجديد في هذا الخطاب نابعاً من إرادتنا الحرة، وملتزماً بثوابتنا الدينية حتى يأتي لصالح الإسلام والمسلمين، ومن هذا المنطلق نؤكد دوما للدعاة أن الحكمة واللين في الوعظ أساس الدعوة إلى الإسلام، والدليل على ذلك أن استخدام تلك اللغة في المراكز الإسلامية العاملة في الغرب أدى إلى دخول الآلاف في الإسلام واعتناقهم الدين الحنيف طواعية، ورغم محاولات المؤسسات الغربية التصدي لانتشار الإسلام فإنه مازال ينتشر بقوة دفع إلهية لا حدود لها والله - تعالى - يقول في ذلك (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) - الرعد - 36. وأضاف: بعيداً عن مطالب الغرب من الإسلام، يجب أن ندرك أن الاهتمام بالخطاب الديني لا بد أن يعتمد على الاهتمام بالحديث عن مصادر الدين الإسلامي متمثلة في القرآن والسنة النبوية المطهرة، وأن نستلهم العظات والعبر من تاريخ أتباع الدين الإسلامي، وأن نهتم بواقع هؤلاء الأتباع في عصرنا الذي نعيش فيه، بحيث نسلط الضوء على السلبيات والإيجابيات، ونقدم أبرز الحلول لتلك المشكلات، فالإسلام بعطائه غير المحدود قادر على تقديم الحلول المقنعة لكل المشكلات التي تواجهنا فقط علينا أن نضع تلك المشكلات على مائدة البحث أمام العلماء الموثوق فيهم، وسوف تظهر الحلول بأسرع مما نتخيل. وشدد الدكتور الدفتار على أن تطوير الخطاب الديني يجب أن يتم في كل مراحله من خلال اقتناعنا الكامل بأن هذا التطوير يستهدف في الأساس إصلاح أحوالنا كمسلمين والتخلص من سلبياتنا. خطاب إعلامي حائر ويطالب الدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، بتطوير الخطاب الإعلامي الإسلامي باعتباره جزءاً لا يتجزأ من محاولات الفقهاء لتجديد الخطاب الديني. ويقول: يتصف الخطاب الإعلامي الإسلامي بأنه خطاب حائر لا مرجعية له، يتنكر لأهله ويخاطبهم بما لا يحبون، كما أنه خطاب متغرب يستعين بلغة الغرب في التعبير عن مجتمع شرقي إسلامي، كذلك فهو غير مقنع ومرفوض من أغلب الناس، بل لعله مسؤول عن كثير من الانزلاق في السلوك والانحدار عن القيم التي يعرفها الإسلام، وهو يستعين ببعض العلماء- ذراً للرماد في العيون- يجلسهم على مقاعد ويصورهم يتحدثون بشكل منفرد، إذ لا يستخدم معهم أي فن من فنون الحركة أو التأثير، مما يجعل الناس يغلقون مفاتيح التلفزيون أو يحولونها إلى البرامج التي تفوق البرامج الغربية في الإباحية والتحلل. تأثير الرسالة الإعلامية قال الدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، إن المسؤولين عن العمل الإعلامي، يجب أن يوظفوا كل ما يبث لخدمة الدعوة، وقد يكون العمل الدرامي المتقن في الموضوع وفي السيناريو وفي التعبير عن القيم الدينية بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال القدوة الحسنة، أبلغ في التأثير من إحضار شخص يجلس على كرسي ويتحدث في الدين حديثاً مباشراً. وأضاف: نحتاج إلى عقول المسلمين وأفئدتهم لكي يكتبوا موضوعات تصلح للبث تستوحي من التاريخ والعقيدة والقيم الإسلامية، والتشريع الإسلامي، كما نحتاج إلى المثل والقدوة الذي يشخص ويبلور القيم، ويكون سلوكه في الحياة وبين الناس قدوة حسنة ومثالاً يحتذى به، فقد كشف تقرير لجنة التحديات الإعلامية المنبثقة من رابطة الجامعات الإسلامية عن القصور الواضح في المناهج التي تدرس في كليات الدعوة والإعلام من ناحية تكوين الرسالة الإعلامية على وجه الخصوص.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©