الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مجيد» متناهي الشرف والرفعة وعالي المنزلة

«مجيد» متناهي الشرف والرفعة وعالي المنزلة
5 مايو 2011 19:49
المجد هو المروءة والسخاء والكرم والشرف، والمجيد هو المتناهي في الشرف والكرم والبركة، وقال ابن منظور إن المجيد هو الرفيع العالي، و»المجيد» اسم من أسماء القرآن الكريم، كما ورد في قوله تعالى: «ق والقرآن المجيد» - سورة ق الآية الأولى، وقوله عز وجل: «بل هو قرآن مجيد» - سورة البروج الآية 21. جاء في التفاسير، أن الله سبحانه وتعالى يقسم بالقرآن ذي الكرامة والمجد والشرف بأنه أرسل محمداً - صلى الله عليه وسلم - لينذر الناس به، وأن ما جاء به قرآن عظيم واضح الدلالة على صدقه، وهو في لوح محفوظ لا ترقى إليه قوة بتحريف أو تبديل، ومن أسماء الله تعالى «المجيد» صاحب العرش ومالكه، العظيم في ذاته وصفاته، كثير المغفرة لمن تاب وأناب، كثير المحبة لمن أحبه وأطاعه، صاحب، الأمر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، عظيم كثير الإحسان والكرم والعطاء. متناهي البلاغة ومن شرف القرآن ومجده، أنه كلام الله تعالى، تحدى البشر أن يأتوا بمثله، وأن يستعينوا في ذلك بمن يريدون من الإنس والجن، وهو من الكلمات والحروف التي يتكون منها كلام العرب، وهي التي يتكون منها الكتاب المعجز، الواضح الموضح لمن يسترشد به، كلام عربي يقرأ ويحفظ، يتضمن الإخبار عن الغيوب، وذلك مما لا يقدر عليه البشر ولا سبيل لهم به، بديع النظم، عجيب التأليف، متناهي البلاغة، تضمن القصص والمواعظ، والحكم والأحكام والإعذار والإنذار، والوعد والوعيد، والتبشير والتخويف، وتعليم الأخلاق والشيم الرفيعة والسير المأثورة. والقرآن الكريم في منزلة عليا، لا إسفاف فيه، ولا تفاوت، غاية في البراعة في الوصل والفصل والتقريب والتبعيد، يزيل الغشاوة ويفتح النوافذ، ويسكب النور ويحرك المشاعر، ويخلص الضمير وينشئ حياة للروح تبقى بها وتشرق وتستنير. لا يدرك الخلق سره ويقول الباحث الإسلامي حسين حسن سلامة في كتابه «من هدي القرآن»، إن القرآن يحرك القلب فيحدث فيه أثراً، له رد فعل طبيعي، وهو الوجل، وهو إيقاع مؤثر ولم يكن الإنسان وحده هو الذي تأثر بكلام الله ووحيه، بل ان الجن حين استمعوا للقرآن تعجبوا، بل وشهدوا للقرآن «قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق والى طريق مستقيم» - سورة الأحقاف الآية 30. فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات يحاول الإنس والجن أن يحاكوها، إنما هو كسائر ما يبدعه الله، يعجز المخلوقون أن يصنعوه، هو كالروح من أمر الله، لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل، وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره، فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق من الإنس والجن أن يأتوا بمثله ولو تظاهروا وتعاونوا في المحاولة. ومن شرف ورفعة القرآن الكريم، أنه رفع قيمة أمة الإسلام وأظهرها في مظاهر الوحدة والنظام بما يجعلها المثل الكامل بين الشعوب والأمم فيقول تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله......» سورة آل عمران الآية 110، أي أنكم يا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل أمة خلقها الله لنفع الناس ما دمتم تأمرون بالطاعات وتنهون عن المعاصي، وتؤمنون بالله، وهذا بفضل القرآن الذي يتضمن هذا كله، والقرآن وحيه متصل برسول الله، وليس هذا لكتاب غير القرآن، فقد شرف الله هذه الأمة باتصال سندها برسولها. بل إن هذا القرآن شرف للنبي ولقومه وللأمة، إذ يقول تعالى: «وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون» - سورة الزخرف الآية 44، أي أن هذا القرآن شرف لك يا محمد ولأمتك، لنزوله عليك بلغة العرب، وسوف تسألون يوم القيامة عن القيام بحقه وشكر نعمته. يرتقي بالإنسان والقرآن مجيد، ذو شرف، فلا يمسه إلا المطهرون، أنزله الله بواسطة أفضل الملائكة على أفضل الأنبياء لخير أمة أخرجت للناس، فأخرجهم به من الظلمات إلى النور، ومن رجس الجاهلية إلى طهارة الإسلام، فلا يمس القرآن كافر، وتعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه ولم يتعهد بحفظ الكتب السابقة، ويسر حفظه وتلاوته. ومن فضل القرآن أنه يشفع لأهله يوم القيامة، كما ورد في حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه»، ففي كل آية من كتاب الله تعالى هداية خاصة للمؤمنين وللناس أجمعين. ويفيض شرف القرآن وفضله، فيبين العقيدة الصحيحة بكل تفصيلاتها، ويصل بها إلى مكان النفوس، بحيث تستقر فيها وترسخ نقية صافية، والعقيدة التي جاء بها القرآن هي التوحيد، يدخل إلى النفوس من كل منافذها وأقطارها لتعريف الناس بربهم، ليعبدوه وحده، فيأتي القرآن ليوقظ القلوب، ويفتح الأعين، ويزيل الوقر من الآذان. التوازن بين الفرد والجماعة يرتقي القرآن بالإنسان، فيوجهه ألا يحرم نفسه من المتاع المتاح، ولكن يجب أن يلتزم بحدود الله، فقد أباح الطيبات وحرم الخبائث، ودعا إلى عدم الإسراف حتى في المباح، ويساعد الإنسان على ضبط شهواته ورغباته، والوقوف بها عند الحلال الذي أحله الله والقدر الذي أباحه، كما أحدث التوازن بين الفرد والجماعة، فأعطى الفرد حقوقاً وضمانات تحقق له كرامته وتحقق له مجالاً معقولاً لنشاطه في الحدود التي لا تؤذي غيره، ولا تؤدي إلى الانحلال والتفسخ، فيختار تعليمه وعمله وزوجه وعلاقاته من دون ضرر على غيره، وفي الوقت ذاته يعطي المجتمع حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل يجعله واجباً لكي لا يخرج الأفراد عن حدودهم، ويوجب على المجتمع التكافل والتعاون على البر والتقوى وإزالة المظالم، والجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، ففي فطرة الإنسان رغبة عميقة في الاستمتاع، والأرض مزينة بألوان مختلفة من المتاع، ولكن الله سبحانه وتعالى رسم حدوداً أباح المتاع في داخلها وحرمه خارجها، فأباح ما هو في صالح الإنسان، وحرم ما يضره. والقرآن المجيد للبشر كافة، وللزمن كله من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، أنزل الله فيه ما تحتاج إليه البشرية كلها وفي الزمن القادم كله.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©