الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الناشر يربح والناقد يجامل والأديب حائر

30 ديسمبر 2009 21:43
لم تكن مائدة للنقاش وللحوار، بقدر ما كانت للشكوى وللأنين تارة، بل محاسبة كل طرف للآخرين، تلك هي المائدة المستديرة التي خصصها ملتقى القاهرة الدولي الأول للقصة العربية القصيرة، حول “القصة القصيرة وقضايا النشر” وحضرها عدد من الناشرين وكُتاب وكاتبات القصة القصيرة، وعدد من المحررين الثقافيين وغاب عنها الكثير من النقاد. الناشرة د. فاطمة البدوي تحدثت عن أنها تنشر مجموعات قصصية ثم لا تجد نقادا يكتبون عن الاعمال التي تصدر، اما الصحف والمجلات، فلا تنوه عن الاعمال، واذا كتب أحدهم خبرا عن المجموعة لا يذكر اسم دار النشر، خاصة أن كثيرا من المحررين الثقافيين يعتبرون ذكر اسم دار النشر نوعا من الاعلان او الدعاية، ومحصلة ذلك أن التوزيع لا يكون بالمستوى المطلوب، مما يؤدي الى خسارة الناشر، ولذا فإن بعض الناشرين قد يحجمون عن نشر الاعمال القصصية، ومن ينشر يمنى بخسارة مالية كبيرة، والناشر، ليس مستعدا للإفلاس من أجل القصة القصيرة، قد يحتمل الخسارة مرة ومرتين، لكن ليس اكثر من ذلك. واستفز كلام فاطمة البدوي المحرر الثقافي لصحيفة “الجمهورية” يسري السيد فقال: إن الناشرين يزعمون دائما أنهم يخسرون وأنهم بنشر الاعمال الادبية، يقدمون تضحية كبيرة لكن الواقع أن الناشرين يكسبون وتتوسع اعمالهم وتزداد ثرواتهم، وهذا يعني انهم يحققون المكاسب المالية، بينما لا يدفعون للمبدع حقه المادي وعائد عمله والنتيجة أن الكاتب يزداد فقرا والناشر يزداد ثراء، وكثير من الناشرين الآن يلزمون الكتاب والمبدعين بدفع تكلفة نشر اعمالهم، أي أن الكاتب يكتب ويدفع ثمن النشر ويكون المكسب في النهاية للناشر. مصطفى عبدالله محرر “أخبار الأدب” بصحيفة “الأخبار” القاهرية توقف عند مسألة دفع الكاتب لتكلفة النشر، وقال إن هذه الحالة تفرز كاتبا رديئا، واحيانا يكون هناك ناقد رديء ايضا يروج لمثل هذه الأعمال وهو ما تحاول الصحافة الثقافية أن تتصدى له. واعترف القاص إبراهيم الحسيني أن المبدع عليه أن يبدع ثم يقوم بتمويل إنتاجه، فيدفع للناشر التكلفة، قبل أن يرى الناشر العمل او يحدد مستواه وما اذا كان صالحا للنشر ام لا؟ انتظار طويل د. فاطمة البدوي نفت ذلك بشدة وقالت نعم هناك من يأخذون من الكُتاب قيمة النشر، لكن هؤلاء ليسوا ناشرين، بل دخلاء على المهنة وافسدوها وطالبت الصحف بكشف هؤلاء وطالبت الكُتاب بأن يتوقفوا عن التعامل معهم. رباب كساب قاصة شابة تهكمت على اقوال فاطمة البدوي وقالت: نشرت مجموعة لكن دفعت الفلوس بعد أن انتظرت المجموعة حوالي سنتين لتأخذ دورها لدى احدى دور النشر الرسمية. وتحدثت قاصة أخرى قائلة إن لديها مجموعة تنتظر منذ خمس سنوات أن تأخذ دورها في النشر، وقد لا تظهر إلا بعد عامين. وقالت الناشرة كرم يوسف إن مسألة الدفع هي اختيار الكاتب، وقراره الخاص وليس مجبرا عليه ولا مضطرا اليه لكن شباب الكُتاب والكاتبات احتدوا عليها، وقالت القاصة منى ماهر: أنا مستعدة لأن أدفع لكن المشكلة أنه حتى بعد الدفع فإن الاعمال تنتظر في طابور النشر، وليس معنى الدفع أن يصدر العمل فورا، بل قد ينتظر ستة شهور اخرى اما القاصة هند مختار فقالت: ليس لدي فلوس لأدفع ولذا أنا مضطرة للانتظار سنوات وسنوات، في طابور النشر بالمؤسسات الرسمية، خاصة الهيئة المصرية للكتاب او هيئة الثقافة الجماهيرية. إخلاص عطا قاصة لها مجموعتان قالت إنها تقدمت بأعمالها للنشر ونشرت دون أن تدفع لأحد ولا حتى تعجلت النشر. الباب الخلفي إلياس فركوح قاص أردني وناشر ايضا، واجه الكتاب بأن من يدفع للناشر هو من يقدم إنتاجا أدبيا لا يرقى الى النشر ودلل بعدة امثلة على ذلك في مصر والاردن ولبنان حول كتاب تقدموا بأعمالهم لدور نشر ورفضت لعدم صلاحيتها. فلجأوا إلى الباب الخلفي وهو دفع التكلفة المادية لبعض الناشرين الذين لا يعنيهم المستوى الادبي بقدر ما يهمهم تحقيق المكسب المادي. الناقد والمترجم الاردني د. محمد شاهين اشار إلى أزمة اخرى تتعلق بالنشر، لكن لدى دور النشر في اوروبا حيث يتدخل الناشر في العمل ويطالب الكاتب ببعض التعديلات في العمل ودلل على ذلك بحالة سلمان رشدي، حين كتب الآيات الشيطانية، فقد ذهب بها إلى الناشر وبعد القراءة أعادها له الناشر وطلب منه أن تكون مثيرة بعض الشيء، فأخذها سلمان وعاد بعد عدة شهور ليخبر الناشر بأنها صارت اكثر إثارة، وكانت النتيجة التي رأيناها وتابعنا آثارها وبعض الناشرين يريدون الإثارة والغرائب أيا كانت النتيجة. لم يسلم النقاد من هجمات المشاركين في المائدة، بل اتفق القصاصون جميعا على أن النقاد يتجاهلون اعمالهم ولا يلتفتون إلا إلى الاسماء الشهيرة، وانهم ينتظرون أن تمن عليهم إحدى الصحف بنشر خبر عن صدور المجموعة، مجرد خبر وليس مقالا او دراسة نقدية، واتهم عدد منهم الصفحات الثقافية بالصحف والنقاد بمجاملة اصدقائهم من الكُتاب على حساب الشباب المبتدئين، وهو ما نفاه بشدة المحرران الثقافيان مصطفى عبدالله ويسري السيد، حيث اكد كل منهما أن فوضى النشر أفرزت أعمالا ضعيفة واحيانا ركيكة يجب عدم التوقف عندها. وفيما يخص النقاد رُويت واقعتان شهيرتان الأولى أن الناقد الراحل رجاء النقاش توقف في السنوات الاخيرة من عمره عن ممارسة النقد، وكانت حجته في ذلك أن الناقد يقرأ العمل ويدرسه فإذا كتب كلمة او فكرة حول العمل لم تعجب صاحبه نال الناقد الهجوم والشتائم وإن نجح العمل لا يذكر احد الناقد أبداً. الثانية تتعلق بالناقد الراحل د. علي الراعي الذي تعرض كثيرا لسخافات من كتاب شباب لأنه أسدى النصح لبعضهم، فهم لا يريدون لأحد أن ينقدهم ويريدون مادحين فقط.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©