الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من هو «الجنوبي»؟!

30 ديسمبر 2009 22:27
هل أزمة الكلمة الواحدة المحذوفة عمداً من قانون استفتاء الجنوب التي اتفق عليها قادة "المؤتمر الوطني" و"الحركة الشعبية" في اللجنة السياسية العليا المشتركة بينهما، والتي أدت إلى انسحاب نواب "الحركة" وممثلي كتل سياسية أخرى، ستكون آخر الأزمات اليومية المتكررة بين شريكي الحكم؟ الشواهد تقول إنها لن تكون آخر الأزمات التي استدعت تدخل القيادة العليا ممثلة في الرئيس ونائبه الأول من قبل، وكانت نتيجة ذلك التدخل الرئاسي، هو إعلان الحزبين بأن الاتفاق بينهما أصبح كاملاً، وأنهم قد بدأوا صفحة جديدة، وأنهما سيشركان بقية القوى السياسية الأخرى معهما، لأن الوطن يواجه مخاطر شديدة. أولًا ما هي قصة تلك الكلمة التي حذفت من وثيقة قانون استفتاء الجنوب؟ هذه الكلمة هددت بانهيار اتفاق الشراكة، وبتوتر وغليان أدى إلى غضب بعض قادة "الحركة الشعبية" غضباً استعملت فيه عبارات مثل عدم المسؤولية واتهام بعض أعضاء "المؤتمر الوطني" بأنهم أعداء السلام، وأن همهم أن يفجروا الأوضاع في الاتفاق، الذي وقعه الطرفان بعد نقاش ارتفعت أحياناً حدته، مما جعل سلفا كير يدعو البشير إلى عقد جلسة موسعة لمجلس الرئاسة وتفادي المزيد من التوتر. كانت قضية تحديد هوية (من هو المواطن الجنوبي)، الذي يحق له المشاركة في استفتاء تقرير مصير الجنوب هي العقبة الكبرى، التي وقفت أمام الطرفين وباصرار شديد. فالمادة الـ37 من قانون استفتاء الجنوب، الذي صاغته وقدمته لمجلس الوزراء لجنة العدل والقوانين (ورئاستها للمؤتمر الوطني) عرّفت "الجنوبي" الذي يحق له التصويت في تقرير المصير بأنه أي شخص من أصول جنوبية بصرف النظر عن مكان ميلاده أو إقامته من قبل عام 1956. وللمؤتمر الوطني (حسابات استراتيجية) في هذا الشأن. والحركة الشعبية كانت تصر على أن "الجنوبي" الذي انتقل إلى الشمال قبل أو بعد 1956 (عام الاستقلال) لم يعد له الحق في تقرير مصير الجنوب، الذي انقطعت صلته به، وأصبح له الشمال وطناً آخر. وللحركة أيضاً (حسابات استراتيجية). "المؤتمر" في تصوره أن "جنوبي الشمال" ضد الانفصال، وكذلك ترى الحركة أن "الجنوبيين" الذين توطنوا في الشمال وتصاهروا مع الشماليين وأصبحت لهم مصالح اقتصادية واجتماعية لم يعودوا مهمومين أو مهتمين بقيام دولة الجنوب المستقلة. وفي المساومات والمفاوضات اتفق الطرفان على إضافة كلمة (لا) إلى جانب يحق له التصويت. ووافقت قيادة "المؤتمر الوطني" ضمن صفقة سياسية على طريقة خذ وهات. عندما عُرضت مسودة القانون أمام البرلمان، فوجئ النواب الجنوبيون بأن كلمة (لا) حُذفت من النسخة التي أمامهم، فثارت ثورتهم، واحتد النقاش وانسحب جميع النواب "الجنوبيين" من الجلسة، ومن بينهم نواب حزب "المؤتمر الوطني" الجنوبيون. ومع ذلك وفي تصور أقل ما يوصف به هو عدم المسؤولية، قامت الأغلبية الميكانيكية بإجازة القانون، وصرحت في خارج الجلسة رئيسة لجنة العدل والقانون، أن القانون أصبح أمراً دستورياً ملزماً للرئيس، ما دعا سلفاكير إلى مناشدة البشير عدم توقيع القانون، محذرا بأن الحركة لن تقبل أي تغيير أو تعديل (فاصلة) عليه، وكذلك بالنسبة لقانوني استفتاء منطقة أبيي والمشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الأزرق... وذهب نائبه د. «مشار» إلى أنه لو لم تتغلب حكمة الرئيس على هذا الأمر، فإن برلمان الجنوب سيصدر قانونه الخاص بالاستفتاء. لكن النائب الأول المشهور برجل المطافئ، عاد وكرر ثقته بأن (الإرادة السياسية للشريكين قادرة على تخطي جميع العقبات التي تواجه اتفاقية السلام)، وأكد على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية وحل أزمة دارفور، ودعا إلى تعزيز قيم التسامح والسلام والتعايش الديني ونبذ العنف، والوقوف صفاً واحداً أمام التحديات التي تواجه البلاد! وضمن مسلسل أزمات الشريكين اليومية، أصبح تحديد هوية المواطن الجنوبي آخر الأزمات، وستمر كما مرت أزمات غيرها. ولكن المؤكد أنه لن تكون الأزمة الأخيرة خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©