الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الفساد ينخر عظام الاقتصاد في بلغاريا

الفساد ينخر عظام الاقتصاد في بلغاريا
17 أكتوبر 2008 22:48
إذا كان يعرف عن بعض الدول أنها تمتلك المافيا المنظمة، فإن المافيا المنظمة هي التي تمتلك الدولة في بلغاريا، حيث تشير تقارير إلى هذه الدولة البائسة المطلة على البحر الأسود على أنها الأكثر فساداً في أوروبا كلها· ومن يعمل في السياسة في بلغاريا، عليه أن يلعب دوره الكامل حتى الموت لأن حياة السياسيين أرخص من خراطيش البنادق الفارغة، وتعمد الشركات لفعل كل شيء للحصول على (الصفقات المسمومة) التي قد تتمثل في صفقات عقارية ضخمة بأثمان بخسة أو في الاستيلاء على حصة من المساعدات المالية الأوروبية· وخلال العام الماضي الذي شهد فصولاً متصلة من العنف السياسي، عمدت المافيا إلى إحراق منزل رئيسة الهيئة الانتخابية البلدية وتفجير جاراجات رؤساء البلديات في العاصمة صوفيا· وقام مجرمون بإطلاق النار على مدير منتجع للعبة الجولف في وسط بلغاريا فقتل بسبع رصاصات، وهو نفس عدد الرصاصات التي استقرّت في جسد رئيس مجلس مدينة نيسيبار على البحر الأسود الذي يعرف عنه الغنى الفاحش· ويقول أتاناس أتاناسوف عضو البرلمان ورئيس مكتب مكافحة التجسس والمسؤول عن التحقيق في تقارير الفساد : ''يمكنك أن تجد المافيا في العديد من بلدان العالم، أما في بلغاريا فإن المافيا هي التي تحكم البلد''· ويقول خبراء إن بلغاريا تعد وفقاً لكل المقاييس الدولة الأكثر انطواء على الفساد الإداري من بين الدول السبعة والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي· ومنذ انضمامها إليه العام الماضي، أصبحت تجسّد التحدي الذي تواجهه الدول الغربية في معالجة الأمراض الاقتصادية المزمنة التي تعاني منها الدول المتفككة عن الاتحاد السوفييتي السابق؛ وتبرز التكاليف الباهظة التي تتطلبها إعادة تأهيلها حتى تتمكن من تحقيق التجانس مع الدول الأوروبية الديموقراطية· وسبق للاتحاد الأوروبي أن قدم مبلغ 15 مليار دولار (11 مليار يورو) كهبة لتحسين ظروف المعيشة للبلغار الذين يبلغ عددهم 7,5 مليون نسمة والتخفيف من انتشار الجريمة والعنف، إلا أن الأموال تسربت فيما بعد إلى جيوب بعض أصحاب القرار عبر بوابة الفساد المستشري في جسد الدولة· وخلال الصيف الماضي، عمد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إلى تجميد هبة تبلغ 500 مليون يورو لبلغاريا وأوقفت تدفق مليارات الدولارات الاستثمارية إلى هناك في إطار الضغط على الدولة لحثّها على الصدي للمفسدين الذين يرتكبون ما يعرف باسم (جرائم قتل ذوي الياقات البيض)، وهو الاسم الذي يطلق على أصحاب الثروات· وأصبح أصحاب السطوة والنفوذ يسيطرون على المشاريع العقارية الكبرى بعد أن كانوا يتحكمون بمعظم شبكات الأسواق السوداء للسجائر والكحول والتي تراجعت عوائدها عقب الانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة· ولم تقف المجموعة الأوروبية مكتوفة الأيدي أمام هذا الوضع الشاذ، وانطلق المحققون في مكتب مكافحة الفساد في الاتحاد في فتح الملفات السرّية المشبوهة لإحدى المجموعات الاقتصادية؛ وهي مؤسسة عملاقة تضم دستة من الشركات التي تغطي نشاطات بالغة التنوع، من معالجة وتعليب اللحوم حتى تجارة خردة المعادن وتشغيل وإدارة المنتجعات الشهيرة على البحر الأسود· وتهتم الشركات التي تدور في فلك تلك المجموعة، بتمهيد الطريق أمامها حتى تتمكن من الاستئثار بالصفقات المشبوهة، ومن هذه الشركات واحدة ساهمت في تمويل الحملة الانتخابية لمسؤول بارز جداً في الحكومة البلغارية· وخلال العام الماضي، وبضغط من الاتحاد الأوروبي تم توقيف رئيس هذه المجموعة بتهم الاحتيال في عقد صفقات مع شركات تنتمي إلى دول الاتحاد الأوروبي إلا أنه أنكر معرفته بأي نشاط مخاف للقانون، واعترف خلال المحاكمة بأنه دفع مبلغاً يعادل 17 ألف دولار فقط للمساهمة في تمويل حملات انتخابية لمسؤولين بارزين· ويرى الخبراء أن جذور الفساد والجريمة في بلغاريا تعود لفترة ما بعد انهيار النظام الشيوعي في بداية عقد التسعينات عندما وجد الكثيرون من أصحاب النفوذ أنفسهم بلا عمل؛ مما دفعهم إلى تشكيل عصابات الشوارع التي تحولت بالتدريج إلى مراكز قوة تمكنت من اختراق الدولة ودفع كبار صناع القرار فيها إلى التواطؤ معها· عن إنترناشونال هيرالد تريبيون
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©