السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات في خطر

17 أكتوبر 2008 23:04
يسود الآن في السودان، شعور عام بأن الانتخابات العامة التي كان المقرر أن تجرى في النصف الأول من العام القادم لن تجرى في موعدها، أو أنها ستجرى تحت ظل قوانين قائمة تحجب حيدتها ونزاهتها، وتجعلها شبيهة إن لم تكن مطابقة للانتخابات التي كانت تجرى خلال العقدين الماضيين في ظل نظــــام شمولي آحادي التوجه، وفي هذا فإن المعارضين للحكـــم وكل من لا يؤيدون الحزب الحاكم (المؤتمــر الوطني) يضعــــون المسؤولية على عاتق ذلك الحزب· هناك أكثر من سبب لهذا الشعور، وأغلب تلك الأسباب من صنع الحزب الحاكم فما هي تلك الأسباب؟ هناك الوضع المتردي في دارفور واضطراب الأمن الذي يحيل من المستحيل إجراء الانتخابات في ذلك الإقليم الذي يساوي مساحته خمس مساحـــة السودان الشمالي، وإجراء انتخابات ناقصة يشكل بذرة شقاق أخرى في وحدة السودان· ثم نأتي لمجموعة القوانين السائدة الآن والتي لا مناص من تعديلها إذا أريد للانتخابات أن تكون حرة ونزيهة، وهي قوانين تتعارض وتتناقض حتى مع الدستور القائم وكذلك تتنافى مع نصوص اتفاقية السلام ومن تلك القوانين قانونا جهاز الأمن العام والاستخبارات الذي نص الدستور على أن يكون واجبها هو جمع المعلومات فقط وتقديمها للسلطة السياسية وليس ما هو حادث الآن من سيطرة هذا الجهاز على كل نشاط تقريباً وممارسته للاعتقال وتقديم مواطنين للمحاكم ·· الخ· وهناك كذلك قانون الصحافة الذي ما زال يكبل الصحافة القائمة ولا يضمن حريتها؛ ومن الحقائق التي تجعل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد ممكن، عدم صدور النتيجة النهائية للإحصاء السكاني الذي أجري قبل بضعة شهور، والذي أعلن القائم على إدارته أن النتيجة الأخيرة لن تعلن قبل شهر ديسمبر ولا سبيل للإعداد للانتخابات دون معرفة نتائج الإحصاء السكاني الشامل· لقد أبطأت الحكومة -المؤتمر الوطني- حتى في إعلان تشكيل اللجنة القومية العامة للانتخابات التي لم تعلن حتى هذا اليوم، رغم أن الدستور يقول بوجوب تكوينها بعد شهر واحد على إقرار قانون الانتخابات في المجلس الوطني، وهو ما حدث قبل أكثر من أربعة شهور· ويزداد الأمر تفاقماً ويرتفع مؤشر الشك عندما يعلن رئيس المجلس الوطني -وهو من كبار قادة الحزب الحاكم- أنه قد لا يكون ممكناً ولا ضرورياً أن يقوم المجلس الوطني بتعديل تلك القوانين التي تناقض الدستور، مما يعني أنه يميل إلى إجراء الانتخابات دون تعديل للوضع القائم، أي إجراؤها حسبما كان يتم في الأعوام الماضية مما يجعلها مسخاً مشوهاً لا يمثل حقيقة وهدف الانتقال للديمقراطية وتبادل الحكم بصورة سلمية· كل هذا يؤكد أن السودان يواجه مشكلة جديدة، هي تأجيل إجراء الانتخابات في الموعد الذي حددته اتفاقية السلام أو إجراؤها في حينها، ولكن دون تمهيد الطريق لها لتكون حرة نزيهة معبرة عن رأي الجماهير وهنا فإن من الاحتمالات الواردة، أن تقرر كل أو أغلبية قوى المعارضة السياسية مقاطعة تلك الانتخابات، إذا أجريت دون تعديل تلك القوانين، وهكذا يتعطل تنفيذ واحد من أهم بنود اتفاقية السلام ويدخل السودان في نفق مظلم آخر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©