الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحمـد راشــد ثاني يحضــر شــعـراً!

أحمـد راشــد ثاني يحضــر شــعـراً!
7 سبتمبر 2016 23:25
نوف الموسى (دبي) كل شيء يولد من قصيدة، مثل الوردة المنطوية على فكرة الحياة. الكل يعتقد أن شجرة واحدة على المريخ تكفي لتثبت بأن هناك حياة على الكوكب البرتقالي، لكن في القصيدة فقط، تستطيع إثبات ذلك دون حاجة إلى أن ترى الشجرة بالفعل، لذلك لا يحضر الشاعر الإماراتي الراحل أحمد راشد ثاني إلا عبر القصيدة، لأنها الحيّ الذي لا يموت في الولادات الجديدة. وفي الوعي العام، فإن أجمل ما يثابر عليه اتحاد الأدباء والكتاب العرب، بمشاركة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، هو ذلك الاشتغال الروحي على الاستماع إلى ترانيم الحضور الشعري للشعراء الراحلين، استمراراً في التأكيد على أنهم هنا، متمركزين في اللحظة الحياتية. وما نحتاجه فعلاً هو المرور نحو الشعر لاستشفاف كيانهم الداخلي الذي يتجاوز مفهوم الجسد، من أجل ذلك قدمت الشاعرة الهنوف محمد قراءات في بعض قصائد الشاعر أحمد راشد ثاني، أثناء تقديمها للأمسية الشعرية الثانية التي أقيمت، مساء أمس الأول، في فندق بستان روتانا، ضمن فعاليات اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، شارك فيها نخبة من الشعراء العرب، وهم: علاء عبدالهادي من مصر، وساجدة الموسوي من العراق، ويوسف شقرة من الجزائر، وعمر قدور من السودان، والفاتح حمدتو من السودان، وحمدة خميس من الإمارات، وعلوان الجيلاني من اليمن. هل يمكننا أن نختار قصيدتنا، عبر عدة قصائد من شعراء مختلفين، يلقونها علينا في ليلة واحدة، و(قصيدتنا) هنا يقصد بها فعل القصيدة الأقرب إلى القلب والذائقة والحدس الفطري؟ هكذا يتساءل المرء وهو يستمع إلى قصائد الأمسية، وفيها أكثر من شاعر يغرد كل منهم بأغنيته الخاصة. عملياً الموضوع يكاد يكون صعباً في المجمل، والسبب يعود إلى كون القصيدة تتسم بقوة بالغة في حضورها، فأحياناً يتجسد الاختيار على مستوى الشعور والتعاطف اللحظي بين إلقاء الشاعر وطبيعة حساسية المتلقي، وأحياناً أخرى شطر واحد في قصيدة من ألف بيت يعطيها زهواً وحضوراً طاغياً، وتتعدد الأسباب القدرية في وضعية كل قصيدة، ولا يمكن الجزم بإطارات معينة.تنوعت اللقاءات الشعرية في الأمسية بين الإلقاء المليء بالإحساس لدى الشاعر علاء عبد الهادي، ونشيد الوطن في عيون الشاعر عمر قدور، وومضات الشاعرة حمدة خميس، واشتعالات الشاعر علوان الجيلاني، ومن بين كل تلك الذبذبات المتصلة والمنفصلة، عاش جمهور الأمسية على مستوى القصيدة، تجليات المشاعر ونبض قلب الكلمة في الجلسة الشعرية التي لاقت اهتماماً متجلياً ومتمركزاً على مفاهيم الحضور الشعري، فكانت البداية مع قصيدة للراحل الشاعر أحمد راشد ثاني، قرأتها الشاعرة الهنوف محمد: يصفونَ لي الصحراءَ وينسونَ حبةَ رمل في موجةٍ مازالت تركضُ على البحرِ يصفونَ خطواتي الكثيرة على شاطئ البحر بينما لا يعرف البحر في أي موجة غرقت! ثم توالت قراءات الشعراء، فقالت حمدة خميس في «وقت للتأمل»: «مرحى يا بني ها أنا أرى الزغب ينمو فوق وجنتيك وها أنت تمسد ذقنك وتستحث الفحولة وإذ أراك تحدق جذلاً في مرآة عمرك تطوح بي النشوة في المدارات! من يعرف الآن عدد الأمهات اللواتي يتحسسن الدم فوق الزغب الاخضر وتطوّحُ بهن الفجيعة في الانشطارات ! نحن الأمهات القابضات على العجين وأسرّة الأطفال لا نريد الحروب والدمار والقتل نريد نأرا للرغيف وطلقا بهيجا للولادة ! وقال الشاعر علاء عبد الهادي يصف لوعة الفقد ومغادرة الأحبة: «وفي موعد رتبته المطارات قبل النداء الأخير وعند الوداع تداعتْ أناشدكَ الله قِفْ وحدكَ أقُلْ ما لديَّ وقُلْ ما لديكْ وبالله... إنْ أعوزتكَ الدموع فخذ مقلتيَّ.. ودَعْ مقلتيكْ وقال علوان الجيلاني في قصيدة «منذ سنتين لم أعد شاعراً»: منذ سنتين لم أعد شاعراً منذ سنتين لم أعدْ شاعراً منذ سنتين أضعتُ مفتاح الحياة تخشّبتْ أصابعي انطفأ الفانوسُ الذي يضيء القلب منذ سنتين والبياض يطاردني لم أعد قادراً على احتمال كل هذه المساحات الجرداء من البياض منذ سنتينِ نسي الشعر أن يعزيني في أعز أحبابي لم يحاول مسح غبار الموت عن روحي لم يحاول الاعتذار عن عدم الحضور بأيّ عذرٍ تافه قلت لنفسي: لعله لم يعرف ولكنه كان يعرف لم أبكِ على أخي بمقدار ما بكيت لغياب الشعر عن مأتمه تمنيت لو فضحته أمام الناس لو أمسكت به من قميصه وقلت له: أيها الشعر الله المستعان عليك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©