السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عسل أسود

13 يوليو 2010 21:03
في فيلمه الجديد الجريء يقدم أحمد حلمي كوميديا سوداء، من خلال نقد الواقع المصري الحافل بالتناقضات التي تجعل الحكم على مصر محيرا، فهناك نظرة سلبية عمقتها أمراض المجتمع الأخلاقية والاقتصادية، وأخرى ما زالت ترى في هذا اللون الأسود من حياة المصريين طعم العسل، وإن كان بنكهة أقل إغراء، وهذا ما يعبر عنه عنوان الفيلم «عسل أسود». وما ينطبق على المجتمع المصري يمكن أن ينطبق على معظم المجتمعات العربية، خصوصا في المسألة التي يقدمها الفيلم وهي مسألة المعاملة التي يتعرض لها المواطن العربي في بلاده مقارنة بمعاملة الأجنبي الزائر والأميركي تحديدا.. حول هذه الفكرة تدور أحداث فيلم «عسل أسود»، الذي يجسد فيه أحمد حلمي شخصية «مصري سيد العربي» الذي يقرر العودة إلى بلده للاستقرار فيه بعدما فارقه مهاجرا منذ عشرين عاما إلى الولايات المتحدة منذ أن كان في العاشرة من العمر، لكن حلم «المواطن العائد» يصطدم بالواقع الذي لم يكن يتخيله، بدأ من المعاملة السيئة في الطائرة ثم المعاملة الأمنية الخشنة في المطار مقارنة مع الأجانب، خاصة أنه ترك جواز سفره الأميركي في بلاد المهجر ظنا منه أنه لن يحتاجه في وطنه. وفي إطار كوميدي نجد «مصري» يدفع ضريبة اعتزازه بمصريته وبجواز سفره المصري، فيلاقي معاملة سيئة في الفنادق ومراكز الشرطة ومع سائقي الأجرة، فيعزل نفسه في غرفة الفندق حتى يصله جوازه الأميركي الذي أرسل في طلبه من بلاد العم سام. فتتغير المعاملة ما أن يظهر جوازه الأميركي السحري.. نشاهد في هذا الفيلم نقدا لاذعا جريئا نادرا لعادات المجتمعات العربية بشكل عام، والمجتمع المصري بشكل خاص، وهو ما لم نتعوده في السينما العربية التي لطالما كانت تخشى التصريح بالنقد المباشر إلا ما ندر وفي تجارب قليلة، إنها كوميديا جادة معالجة في إطار فلسفي. ويحاول الفيلم أن يكون متوازنا في محاكاة الواقع فهو يقدم الموظف النزيه تماما كما قدم الموظف الفاسد المرتشي، ويقدم الحرامية كما يقدم المحسنين ويقدم أبناء الأصل والناس الطيبين كما يقدم الشخصيات غير الأخلاقية والنصابين، إن ذلك هو نسيج أي مجتمع أخر.. وكعادة نهايات الكوميديا المصرية نرى البطل بعد أيام جميلة عاشها مع صديقه الفقير سعيد وبعد حنان أم سعيد، وحكمة جاره القديم عم هلال الذي لا ينكر أمراض المجتمع لكنه يرى ضوءا في نهاية النفق، ويرى في سواد الحياة طعم عسل لا يتذوقه إلا المصريون، نرى البطل يعيد حساباته وبعد إقلاع طائرته عائدا إلى أميركا يقرر العودة إلى القاهرة.. سعيد سالم | rahal ae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©