الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش التركي··· هل تراجع نفوذه السياسي؟

الجيش التركي··· هل تراجع نفوذه السياسي؟
19 أكتوبر 2008 01:34
بعد فترة طويلة من الثقة التي حظيت بها المؤسسة الأقوى في تركيا -المنوط بها حماية الدولة- يجد الجيش التركي نفسه اليوم في مواجهة نيران الانتقادات التي تطلق عليه من مصدر غير متوقع تمثل في الرأي العام؛ فعقب الهجوم الذي تعرض له مركز حدودي للجيش التركي في الثالث من أكتوبر الماضي على يد متمردي حزب العمال الكردستاني، كان قد أوقع 17 قتيلا، واجهت المؤسسة العسكرية انتقادات غير مسبوقة اتهمت فيها بالتقصير الذي أودى بحياة الجنود، بالإضافة إلى عجزها عن مقاتلة عناصر الحزب· وكأن ذلك لا يكفي، فقد تعرضت صورة الجيش التركي لهزة إضافية، عندما تناقلت الصحف التركية صورة على نطاق واسع تظهر قائد سلاح الجو، الجنرال ''إيدوجان بابوجلو'' وهو يلعب الجولف خلال إجازته بعد يوم واحد فقط على وقوع الهجوم على أفراد الجيش التركي، ناسياً على ما يبدو الجنود الذين سقطوا في الحادث، وقد دفعت هذه الصورة صحيفة ''وطن'' -ذائعة الانتشار- إلى نشر عنوان في صفحتها الأولى يخاطب الجنرال مباشرة بالقول ''استقل يا باشا''؛ والحقيقة أنه في بلد مثل تركيا يحظى فيه الجيش وإنجازاته باحترام يصل حد التقديس، يعد هذا الانتقاد للجنرال مفاجأ بكل المقاييس· لكن هذه الانتقادات التي يتعرض لها الجيش التركي والتي تؤشر على تراجع النفوذ السياسي للمؤسسة العسكرية، قد تشكل خطوة مهمة تجاه تعزيز المسلسل الديمقراطي المترنح في تركيا، كما أنها قد تدفع الحكومة إلى تبني استراتيجيات مدنية جديدة للتعامل مع المشكلة الكردستانية؛ ويعبر عن هذه التطورات ''محمد علي'' -المحلل السياسي في قناة ''دي'' التلفزيونية- بقوله: ''يمكننا القول إننا بصدد مرحلة جديدة في العلاقة بين الجيش والمدنيين في تركيا''، مضيفاً ''في الماضي كانت الصحافة تخاف من انتقاد الجيش، وكانت حذرة جداً تجاه ذلك، لكننا اليوم نرى العكس تماما، إذ لم نشهد انتقادات بهذه الحدة من قبل، ويبدو أننا أمام حقبة جديدة''؛ والواقع أن الجيش التركي يقف اليوم على أرض لم تطأها قدماه مطلقاً، فلعقود طويلة ظلت المؤسسة العسكرية القوة السياسية المهيمنة في البلاد باعتبارها المسؤولة الأولى، عن ضمان الاستقرار السياسي والحفاظ على النظام العلماني، لـذا قام الجنرالات منذ 1960 بإزاحة أربع حكومات من السلطة؛ وبخصوص قوة الجيش يقول ''فولكان أيتار'' -الباحث في الشؤون العسكرية بمؤسسة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التركية بإسطنبول-: ''لقد تدخل الجنرالات أكثر من مرة في السياسة الداخلية، ولعبوا دور الكابح للتطور الديمقراطي في تركيا، وكلما ظهر الإصلاح الديمقراطي في الأجندة السياسية ادعوا أنه سيؤثر على قدرة الجيش''· غير أن الإصلاحات التي اعتمدتها تركيا مؤخراً -كجزء من محاولاتها الرامية إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي- ساهمت في إضعاف النفوذ العسكري والحد من تدخل الجيش في السياسة، كما فسحت تلك التغييرات المجال أمام المدنيين للانخراط في القضايا الأمنية، ومكنت البرلمان من الإشراف على موازنة الدفاع؛ ويبدو أن ذلك ما فتح الباب أمام الصحافة لتبني مواقف أكثر جرأة في التعاطي مع الجيش وتوجيه انتقادات لمؤسسته، باحثة عن تهم الفساد ومشككة في فعاليته؛ وهكذا اتهمت جريدة ''طرف'' التركية الجيش بالفشل في قراءة المعلومات الاستخباراتية التي أشارت بأن الهجوم الأخير من قبل حزب العمال الكردستاني كان متوقعاً، ونشرت على صفحتها الأولى صوراً جوية سرية التقطت من قبل طائرة عسكرية بدون طيار، تظهر استعدادات عناصر الميليشيات الكردية لشن الهجوم؛ ويوضح هذا التراجع في مكانة الجيش التركي ''هوج بوب'' -المختص في الشؤون التركية بمجموعة الأزمات الدولية- قائلا: ''إن الفكرة السائدة حول تركيا أن الجيش يحكمها، وهي الصورة التي ترسخت لمدة طويلة، لكنها لم تعد موجودة''· ولعله من الإشارات القوية على تراجع قدرة الجيش على التحكم في الأحداث، هو إصداره في صيف 2007 قبل الانتخابات الماضية، بياناً في موقعه الإلكتروني يعبر فيه عن استيائه من حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن رغم هذا التدخل الذي اعتبره البعض ''انقلاباً إلكترونياً'' مضى الحزب الإسلامي نحو فوز مريح في الانتخابات التشريعية؛ ومع ذلك لا يبدو أن الجنرالات في وارد التراجع أمام الهجمة الإعلامية، ففي مؤتمر صحفي طغى عليه التوتر أكد الجنرال ''إيلكر باسبوج'' -يوم الأربعاء الماضي- بأن الجيش سيتخذ إجراءات قانونية ضد أي شخص يسرب مواد إلى الصحافة تتعلق بهجوم حزب العمال الكردستاني قائلا: ''إنه آخر الكلام: أدعوا الجميع بتوخي الحذر واتخاذ المواقف الصحيحة''؛ مضيفاً أن ''الهجمات المنظمة التي ارتفعت في الأيام الأخيرة لن تضعف من عزيمة القوات المسلحة التركية''؛ لكن المحلل السياسي ''أيتار'' يرى بأن تهديدات الجيش باتت أقل فعالية مقارنة بالسابق قائلا: ''إن محاولات المؤسسة العسكرية التصدي للانتقادات باعتبارها تقوض الجيش، لم يعد يصدقها الرأي العام، وأعتقد أن الأتراك بدؤوا يدركون أن تدخل الجيش في تفاصيل الحياة السياسية الداخلية هو ما يضعفه فعلا ويحد من قدرته على حماية حدود البلد''· يجال شليفر - إسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©