الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا في أفغانستان··· عين على أربكاي

أميركا في أفغانستان··· عين على أربكاي
19 أكتوبر 2008 01:35
بالعصي والهراوات والسكاكين وستمئة شخص من قبيلته، فعل ''حاجي مالك ظهير'' ما لم يستطع الجيشان الأفغاني والأميركي فعله: طرد طالبان من المنطقة؛ اليوم، تسعى الولايات المتحدة بشكل متزايد إلى تشجيع شيوخ وأعيان قبائل أخرى في أفغانستان على فعل الشيء نفسه؛ ففيما بات يبدو تحولا مهما في السياسة المتبعة، تريد الولايات المتحدة الاستعانة بالقبائل لجلب القانون والنظام إلى مناطق واسعة من البلاد مازالت خارج سلطة الحكومة، وذلك بالنظر إلى نجاح انتفاضة زعماء القبائل والعشائر في العراق ضد القاعدة -''صحوة الأنبار- علاوة على استشراء الفساد في حكومة الرئيس ''حامد قرضاي''؛ وفي هذا الإطار يقول ''سيث جونس'' -المحلل في مؤسسة ''راند كورب''، وهي مؤسسة استشارات في المجال الأمني مقرها ولاية فرجينيا تعمل مع البنتاجون- إن الحكومة ليست كفؤة وفعالة بما يكفي للتعاطي مع التهديدات الخطيرة التي تواجه أفغانستان اليوم، ''وهذا ما يستوجب ضرورة العمل مع زعماء القبائل''· بيد أن مثل هذه السياسة تنطوي على أخطار ومكافآت في الوقت نفسه؛ وفي هذا الإطار يحذر الزعيم القبلي ظهير، من أنه إذا نُفذت بتهور، فإنها يمكن أن تطلق القوى القبلية والعرقية نفسها التي أدت إلى حرب أهلية في أوائل التسعينيات، رأي يشاطره المحلل الأمني؛ غير أن تجربة ظهير -وتجربة وكالات المساعدات ومسؤولي فرض القانون المحليين- تشير إلى أن الزعماء القبليين يستطيعون في أحيان كثيرة أن يأتوا بنتائج لا تستطيع الحكومة بمفردها أن تأتي بها؛ ففي البنتاجون الأسبوع الماضي، قال قائد قوات الناتو في أفغانستان، الجنرال ''ديفيد ماكيرنان'': ''يبدو لي أنه تحت إشراف الحكومة الأفغانية يمكن أن يكون إشراك تلك القبائل وربطها بإدارة الحكم -سواء على المستوى الإقليمي أو على مستوى المنطقة- شيئا ذكيا سيساهم في أمن بلد ضخم''· وقد تطلب الأمر من واشنطن سبع سنوات للوصول إلى هذه المرحلة، ومرد ذلك بالأساس إلى الأخطار والتعقيدات الكبيرة التي تنطوي عليها مثل هذه السياسة؛ ففي عقد الثمانينيات، كانت الولايات المتحدة تسلح وتدرب المقاتلين المحليين في أفغانستان من أجل طرد الجيش السوفييتي؛ وكانت النتيجة أربع سنوات من الحرب الأهلية بعد انسحاب السوفييت، حيث قاتل زعماء الحرب الجدد بعضهم بعضا، ما أسفر عن مقتل الآلاف؛ وأدت الفوضى إلى صعود طالبان؛ وعلاوة على ذلك، فإن أفغاستان تعد شبكة معقدة جدا من الولاءات العرقية والقبلية التي ينبغي التعامل معها بحذر شديد؛ ذلك أن دعم قبيلة واحدة من البشتون في شرق أفغانستان، على سبيل المثال، يمكن أن يثير قلق الطاجيك والهزارى في الشمال -الذين يشعرون أن أعداءهم القدامى يزدادون قوة- وكذلك عشائر الباشتون المنافسة في الجنوب· ولهذا السبب، تظهر هنا وفي واشنطن ملامح إجماع على أن أي برنامج يتم تبنيه بهذا الصدد يجب أن يدار من قبل الحكومة الأفغانية نفسها الشرطة أو الجيش ربما؛ ويقول الجنرال ''ماكيرنان'': ''لا أريد أن يقرر قادة (الناتو) العسكريون أي قبيلة ينبغي دعمها ولا يدعوا الحكومة الأفغانية تقوم بذلك''، غير أن الولايات المتحدة لم يكن لديها اختيار عدا بحث بدائل جديدة؛ فعلى مدى سبع سنوات، سعت الولايات المتحدة إلى تقوية الحكومة المركزية لتكون سدا منيعا ضد هذه القوى التي يمكن ان تكون مقسمة· غير أنه رغم مليارات الدولارات من الاستثمارات، فإن الفساد المزمن وعوامل أخرى حالت دون فرض الحكومة الأفغانية لحكم القانون خارج المدن الكبرى· في هذه الأثناء، يزداد الوضع الأمني سوءا؛ حيث نجحت طالبان في تنفيذ هجمات أكبر وأكثر جرأة ، مثل تفجير السفارة الهندية في كابول؛ وفي هذا السياق يقول ''أنثوني كوردزمان'' -المحلل بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن-: ''رغم كل الحديث حول إنشاء شرطة وطنية أفغانية، إلا أن لا أحد يعتقد أنه ستكون لها الموارد (اللازمة) للتعامل مع (التمرد) في النهاية''، اللجوء إلى زعماء القبائل ومقاتليهم المتطوعين، الذين يدعون بـ''أرباكاي''، هو الطريقة الوحيدة لإحراز التقدم· قبل نحو عام من اليوم، كانت ثمة حاجة كبيرة إليهم، كان مقاتلو طالبان قد عادوا إلى كهوف ''تورا بورا'' -آخر مخبأ معروف لأسامة بن لادن في 2001- ومنه ضربوا القوات الأميركية في المنطقة؛ وفي أحد الكمائن التي نصبوها للأميركيين، أصابوا مركبة ''هامفي'' فعطلوها، وكان على الجنود الأفغان استرجاعها لاحقا، كما يقول ''ظهير''؛ ولاحقا، وبعد هجوم على مقر الحاكم، سأل الحاكم ''غل آغا شرزاي'' الزعيم ''ظهير'' رأيه فيما ينبغي عمله -بحكم أنه عضو في إدارته ومن أعيان المنطقة-، في البداية، تحدث ''ظهير'' مع شيوخ المنطقة، ثم أبلغ الحاكم ''شرزاي'' رأيه بالقول: ''قلتُ لشرزاي أن يعود إلى جلال آباد، وسأكون قادرا على الدفاع عن منطقتي ''· يذكر ''ظهير'' أنه قال للحاكم: ''لست في حاجة إلى دبابة، ولا إلى طائرة، بل إنني لا أحتاج حتى لرصاصة واحدة''؛ مضيفا: ''سأستعمل الهراوات، وسأستعمل الأسلحة التي يتوفر عليها رجالي للدفاع عن أنفسهم''؛ وبالتعاون مع الشيوخ، تمكن ''ظهير'' من جمع نحو 600 متطوع؛ يقول: ''حالما علموا (طالبان) بما قررناه، غادروا المنطقة''· مثل هذه الجهود هو ما تسعى الولايات المتحدة إلى دعمه، وجعله جزءا من الاستراتيجية في أفغانستان، وهو ما يمثل تحولا كبيرا عن المقاربة التي كانت متبعة قبل نحو عام من اليوم· مارك سابنفيلد- أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©