الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التوتر الطائفي في لبنان··· طرابلس الضحية

التوتر الطائفي في لبنان··· طرابلس الضحية
19 أكتوبر 2008 01:36
بدأت الشوارع في مدينة طرابلس اللبنانية، تشبه إلى حد كبير ساحة معارك حقيقية بعد سلسلة التفجيرات الأخيرة التي شهدتها المدينة خلال الشهرين الأخيرين وخلفت أكثر من عشرين قتيلا، أغلبهم من أفراد الجيش اللبناني، بالإضافة إلى وقوع العديد من الجرحى؛ ويبدو أيضا أن بعض القادة السنة من المتشددين نجحوا في استقطاب أتباع جدد، ما يهدد بتأجيج العنف الطائفي الذي هز مؤخراً المدينة وأثر سلباً على اقتصادها؛ وقد كانت لافتة في هذا الإطار تصريحات الرئيس السوري ''بشار الأسد'' التي حذر فيها من تحول طرابلس والمناطق الشمالية في لبنان إلى ''مصدر حقيقي للتطرف يمثل خطراً على سوريا''؛ لكن في ظل الوضع الملتبس وبالغ التعقيد في لبنان، فإنه من الصعب تحديد ما إذا كانت الأحداث الأخيرة جزءا من موجة الإرهاب المتصاعدة، أم أنها تندرج في إطار الصراع الانتخابي المقبل، ناهيك عن عدم القدرة على رصد أيهما أخطر على مستقبل لبنان؛ ويعتقد العديد من الزعماء السياسيين في لبنان أن سوريا وحلفاءها، بما في ذلك ''حزب الله'' بنفوذه الضئيل في شمال لبنان، يحاولون كسب الأصوات في الانتخابات البرلمانية المقبلة عبر تشويه صورتهم وربطهم بتنظيم ''القاعدة''، بل هناك من يذهب إلى أكثر من ذلك متهمين سوريا بالوقوف وراء التفجيرات الأخيرة· وفي هذا السياق يقول ''أحمد فتفت'' -نائب برلماني في المنطقة الشمالية-: ''الشمال هو ضحية للإرهاب وليس مصدرا له، وهناك طرف ما يسعى إلى إيصال رسالة للناس تدفعهم إلى الاعتقاد بأن السنة في الشمال يمثلون الخطر الحقيقي في لبنان''؛ والحقيقة أن غياب أدلة قاطعة يعزز الاتهامات ويغذي الجدل الدائر حالياً بين مختلف الأطراف، فحتى عندما تلقي السلطات اللبنانية القبض على أحدهم، كما حصل يوم الأحد الماضي، وتوجيه الاتهام إلى خلية جهادية بالضلوع في تفجيرات طرابلس، تبقى الكثير من الأسئلة عالقة بسبب تاريخ التدخل الأجنبي واستخدام بعض الجهات للجماعات المسلحة في حربها بالوكالة داخل لبنان''· لكن رغم الغموض الذي يلف ما يجري في طرابلس هناك أمر واحد على قدر كاف من الوضوح يتمثل في الانتخابات المقرر إجراؤها في الربيع القادم والتي على أساسها ستتحدد الكثير من القضايا؛ فلو تمكن ''حزب الله'' وحلفاؤه من الحصول على أغلبية برلمانية ستكون تلك ضربة قاسية أخرى للسياسة الأميركية في المنطقة، وستدفع إسرائيل على الأرجح إلى التعامل مع جميع لبنان على أنه عدو في أي حروب مقبلة· وبالتزامن مع ذلك تتوارى خلف الاتهامات المتبادلة حول المسؤول عن التفجيرات الأخيرة في طرابلس، حقيقة لا جدال فيها تتمثل في التوتر الطائفي الذي تصاعدت حدته في الشمال اللبناني على وجه الخصوص، وهو ما يغذي مشاعر التطرف ويدفع المواطنين إلى تسليح أنفسهم تحسباً لأية مواجهات؛ ويذكر أن الغالبية العظمى لسكان الشمال هم من العرب السنة الذين يؤيدون سعد الحريري، زعيم الأغلبية الحكومية المعارض ''لحزب الله''، وكان اجتياج قوات الحزب للعاصمة بيروت وتدميرهم لبعض مكاتب تيار المستقبل الذي يتزعمه ''سعد الحريري'' أثر سلبي على السنة الذين أغضبهم التحرك العنيف لحزب الله في العاصمة؛ غير أن المواجهات لم تقتصر على بيروت، إذ مباشرة بعد سيطرة ''حزب الله'' على بيروت اندلعت حرب صغيرة في طرابلس بين السنة والعلويين المتحالفين مع سوريا· ورغم توقف العمليات القتالية خلال الشهر الماضي بالتوقيع على هدنة بين الطرفين، إلا أن أعمال العنف لم تتوقف تماماً، حيث يتوقع الخبراء تجدد الهجمات في الفترة القادمة، لا سيما في ظل انتشار التيار الديني المتطرف في أوساط شباب المدينة الذين يعانون من البطالة ويشعرون بالخبية إزاء القيادة العلمانية لسعد الحريري· إلى ذلك أصبح انتشار التيار السلفي لافتاً في المدينة، وقد أشارت إلى ذلك الصحافة اللبنانية في مناسبات عديدة، وهو ما يؤكده الصحفي من طرابلس ''فاخر الأيوبي'' بقوله: ''لقد انضم الكثير من الشباب إلى السلفيين منذ شهر مايو الماضي، ومع أن بعضهم لا يعرف حتى كيف يصلي، إلا أن أغلبهم تعجبهم فكرة مقاتلة العلويين وحزب الله''؛ وتضم طرابلس لوحدها العشرات من الفصائل المسلحة، وربما حصلوا على أسلحة جديدة منذ اندلاع المعارك بين الأحياء المختلفة طائفياً في شهر مايو الماضي، ولعل ما يزيد من تعقيد الوضع وجود مخيمات فلسطينية تزدهر فيها أفكار راديكالية تنهل من نفس أفكار ''القاعدة''، لا سيما في ظل منع دخول قوات الجيش اللبناني إلى هذه المخيمات؛ وقد سبق أن اندلع القتال في مخيم نهر البارد الفلسطيني في صيف 2007 عندما تعرض الجيش اللبناني لهجوم تبنته جماعة ''فتح الإسلام'' الموالية لتنظيم ''القاعدة''، ويعتقد العديد من المراقبن أن الهجمات الأخيرة التي شهدتها طرابلس جاءت انتقاماً لعمليات الجيش اللبناني ضد المخيم وتسويته أرضا؛ لكن الإسلاميين في طرابلس يتهمون سوريا بوقوفها وراء جماعة ''فتح الإسلام''، ويغضبون كثيراً عندما تشير بعض الأطراف إلى مسؤولية السنة في العمليات الإرهابية وتحملهم مسؤولية استهداف الجيش، وبخاصة أن العديد من العائلات في طربلس لها أبناء في الجيش اللبناني، بل أكثر من ذلك ينتشر معظمهم في المناطق الشمالية· روبرت ورث -لبنان ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©