الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صوت المرأة في السينما أهم من صورتها

صوت المرأة في السينما أهم من صورتها
19 أكتوبر 2008 02:31
هنا قراءة في عدد من الأفلام النسائية التي تضمنها البرنامج، والتي تثبت بمجملها أن صوت المرأة في السينما العربية أهم من وجهها: طيارة من ورق كانت المخرجة اللبنانية الراحلة رندة الشهال معروفة بإنجازاتها الرائعة على المستوى العالمي، فعرض فيلمها الأخير ''طيارة من ورق'' في افتتاح فعاليات المهرجان، وهو الفيلم العربي الوحيد الذي فاز بجائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا السينمائي لعام ·2003 والفيلم يجسد انشغال الشهال بموضوعات السياسة والحرب والمنفى والهوية في قالب روائي متخيل بنفس سياسي تؤكد المخرجة عليه وعلى تأثيره في ايصال الصوت الى الخارج وتثبيت الوجود· هو في العمق فيلم سياسي يتناول موضوع الاحتلال الاسرائيلي لأرض عربية والتأثير الذي يتركه الاحتلال في السكان على جانبي الحدود· وبقدر ما أن الفيلم سياسي في إطاره العام بقدر ما هو إنساني في تناوله للعلاقات القائمة بين الناس· تجري حوادثه على الحدود بين قريتين، الاولى ضمن الاراضي اللبنانية والاخرى ضمن الاراضي العربية التي ضمّت الى اسرائيل ويفصل بين القريتين برج مراقبة وطريق قصير يمكن عبوره للعرسان والتوابيت فقط! (هذا في الفيلم، لكن في الواقع فيمنع على الموتى العبور!)· لمياء هي شابة في السادسة عشرة من العمر تعيش في الجهة اللبنانية، قررت عائلتها ان الوقت قد حان لكي تتزوج من ابن عمها سامي ومع هذا القرار ستنتقل لمياء مرتدية فستان زفافها الى الجهة المقابلة للعيش مع زوجها· من ناحية اخرى، لمياء تعشق الحرية وتفضّل البقاء مع اخيها في الحقل واللعب بطيارة من ورق تحت مراقبة يوسف جندي عربي الاصل منخرط في صفوف العدو وما يجمعه بها هو المنظار الذي يتجسس عليها من خلاله، فوقع في حبها··· الفيلم يضم نخبة من الممثلين اللبنانيين: فلافيا بشارة (الناجحة في دورها)، رندة اسمر (بدور ام لمياء)، جوليا قصار (بدور جميلة)، ليليان نمري (بدور خالة جميلة) اضافة الى رينه ديك، نايف خوري، ماهر بصيبص، تميم الشهال، والممثلة القديرة علياء نمري وطبعا الفنان زياد الرحباني بدور الجندي الفيلسوف الذي يعاني مشكلة يوسف نفسها بعدما ضمّت قريته الى الجانب الاسرائيلي وبقي حبه لجميلة خالة لمياء بالجهة المقابلة·· وجود زياد في الفيلم كان مميزا وأضفى عليه نكهة خاصة· الفيلم الذي يسير على ايقاع يحمل الكثير من الشاعرية ومن التغلغل الى شغاف القلب، يتناول من دون شعارات موضوع الاحتلال ومساوئه ويضع الأصبع على جرح الحدود التي تجرح الأرض والبشر أسلاكها الشائكة· انه فيلم مميز وعميق يحمل نضجاً سينمائياً بإيقاعه وتصويره ومونتاجه ويجمع بين الدراما والكوميديا معالج بطريقة ذكية وادارة ممثلين موفقة واختيار موسيقي ناجح· وإضافة إلى فيلم الشهال، عرض ضمن هذا برنامج ''مخرجات من العالم العربي'' 10 أفلام أخرى منها الروائي والوثائقي والقصير وحتى أفلام الرسوم المتحركة من ثماني دول هي لبنان وفلسطين ومصر وتونس والمغرب والجزائر وسوريا وفرنسا· ومن بينها فيلم ''3 سنتيمتر أقل'' وهو فلسطيني من إخراج عزة الحسن، وفيلم ''شحاذون ونبلاء'' وهو مصري من إخراج أسماء البكري عام ،1991 ويتناول بشكل مبدع قصة ألبرت قصيري التي تدور أحداثها في مصر في أواخر الحرب العالمية الثانية عن رجل يقتل عاهرة مع سبق الإصرار، في حين ينتظر الضابط الشاب الموكل بالتحقيق في القضية لحظة المواجهة· وكذلك فيلم الرسوم المتحركة اللبناني ''يا ولدي!'' للمخرجة لينا غايبة وهو فيلم قصير يجسد الألم والمعاناة التي تنتاب الأمهات أثناء انتظار أبنائهن الذين غابوا في الحرب· ماروك وضمت قائمة الأفلام أيضا كلاً من الفيلم المغربي ''ماروك'' MA ROCK للمخرجة ليلى مراكشي الذي يحكي عن فترة الثمانينيات في المغرب من خلال فتاة مراهقة تنتمي إلى أسرة ثرية، وتدرس في احدى المدارس الفرنسية الخاصة التي يتردد عليها أبناء الطبقات الحاكمة المرفهة من اصحاب المصانع وغيرهم، وتدور أحداث الفيلم في مدينة الدار البيضاء التي تفرض حضورها كشخصية أساسية في الفيلم، وتقع البنت المغربية المسلمة التي تعيش حياتها على الطريقة الاوروبية، وتطالب بحريتها، وتكشف في الفيلم عن طبائع وتقاليد، زيف وادعاء ونفاق الطبقة التي تنتمي اليها، تقع في حب شاب يهودي مغربي يفكر في الفيلم مع اسرته، بسبب حرب الخليج كما يقول ان يهاجر من المغرب الى كندا، وينجح الفيلم في تصوير ذكريات مخرجتنا ليلى مراكشي التي عاشتها هي نفسها بالفعل، وتنتهي قصة الحب بين روميو اليهودي وجولييت المراهقة المغربية المسلمة، بحادث يقع له ويودي بحياته، وتقرر بطلة الفيلم أن تسافر لتكملة دراستها في باريس على عادة ابناء هذه الطبقة، وينتهي الفيلم بحضور صديقاتها لتوديعها في المطار، ثم نشاهد في آخر لقطة طائرة تغادر الدار البيضاء وتحلق بعيدا عن أسطح بيوتات المدينة التي شهدت جلسات البنات في الهواء الطلق، جلساتهن على الأسطح والتحليق مع الطيور السابحات والاحلام السعيدة والحنين الى ذكريات الماضي الجميل· صمت القصور أما فيلم ''صمت القصور'' للمخرجة التونسية مفيدة تلاتلي فتستعيد فيه أجواء قصور البايات القديمة وحكاية المغنية عليا التي تؤدي وصلتها في أحد فنادق العاصمة تونس، ليخبرها لطفي بموت ''سيدي علي'' الذي كانت أمها ''خديجة'' تعمل كخادمة له ولعائلته· تتجول الشابة في أرجاء القصر لتستعيد مأساة والدتها وغموض أبوتها والعوامل التي تجعله يرفض البوح بالسر ويحتفظ به في ''صمت القصور'' رغم شكوكها بأن سيدي علي هو الأب الذي اعتدى على أمها ذات يوم، في النهاية تعلن ''عليا'' قرارها الاحتفاظ بجنينها الذي نعرف أنها حامل به منذ البداية ورفض لطفي إبقاءه· في الفيلم يتوالى ''الفلاش باك'' على ذهن ''عليا''· وزمن مشاهدة الفيلم، مدة الساعتين إلا ربع الساعة، هو الزمن نفسه الذي تستغرقه زيارة البطلة للقصر··· وفي هذه الزيارة لا يكاد يحدث شيء سوى الاستماع إلى طرف من حديث السيدة العجوز، كبيرة الخدم، التي أضحت وحيدة، ضريرة، بالإضافة إلى ذكريات عليا التي قد تبدو مبعثرة، مشوشة إلا أنها، في مجملها، تصنع بنية الفيلم وتستعرض حياة المغنية، وتبين الأسباب التي أدت إلى أن تغدو عليا مغنية شهيرة محطمة الروح· وراء المرآة وفي الفيلم الجزائري ''وراء المرآة'' التفتت المخرجة نادية شرابي إلى إشكالية الطفولة المحرومة وإمكانية التسامح والنظر إلى الغد الأفضل دون التشبّث بالماضي المؤلم· ''وراء المرآة'' دراما اجتماعية تروي قصة ''سلمى'' و''كمال''، وتبدأ أحداثها بوتيرة بطيئة استهلتها المخرجة بوضع المشاهد أمام قصتين مختلفتين قصة ''كمال'' (رشيد فارس) الذي يعمل كناقل للسيارة المعطّلة في الصباح وسائق سيارة أجرة في الليل رفقة عائلته المتكوّنة من والدته وشقيقيه، وقصّة ''سلمى'' الفتاة التي تحمل رضيعا بين يديها وتهيم على وجهها في طرقات العاصمة بعد أن طردتها مؤجّرتها من المنزل الذي كانت تعيش فيه· تتعقّد الأمور بعد أن تقرّر الأم ''سلمى'' التخلي عن رضيعها في ليلة مظلمة وتركه في المقعد الخلفي لسيارة الأجرة بعد أن توهم السائق الذي لم يكن سوى ''كمال'' بأنّها تريد شراء بعض حاجياتها من كشك مجاور، وبعد انتظار طويل يكتشف ''كمال'' وجود الطفل فينزل للبحث عن والدته لكن دون جدوى· وأمام هذه المشكلة، يقرّر ''كمال'' تسليم الطفل إلى الشرطة، لكن وعلى مرمى خطوات من مقصده يعود أدراجه لتبدأ رحلة البحث عن هذه الأمّ اللامسؤولة في عيون ''كمال''، حيث يقوده العنوان الذي وجده في حقيبة الطفل إلى منزل الفتاة لكنه لا يجدها، وأمام استغرابه الكبير تطلب منه والدتها تحذير سلمى من العودة، في حين يسأله زوج والدتها (عبد الحميد رابية) إبلاغه بمكانها عندما يجدها· ويأخذ الطفل معه إلى البيت ويتركه في رعاية أمه ''دوجة''، وهنا يكتشف الجمهور جزءا من الحقيقة المتعلّقة ''بكمال ''بعد أن يسأل هذا الأخير مربيته ''الأم دوجة'' عن السبب الذي يمكن أن يجعل أمّا تتخلّى عن طفلها الرضيع لمصير مجهول وترحل كما فعلت معه والدته، عندما تركته في رعاية ''سيدي عبد الرحمان''، حيث وجدته ''دوجة'' التي طلّقها زوجها لعدم الإنجاب وتولّت رعايته رفقة طفلين آخرين· وبالمقابل، تتابع كاميرا نادية شرابي مصير ''سلمى'' التي تهيم في الطرقات وتنام على الأرصفة كاشفة من خلالها المعاناة التي تعيشها شريحة ''المشردين'' والمحرومين الذين يفترشون الأرض ويتّخذون من السماء غطاء، كما كادت تسقط في فخ شبكة متاجرة بالنساء الهاربات، لكنها تنجو بصعوبة وتصعد سلم عمارة هاربة، فتلتقي رجلاً ''شهماً'' يعيش وحده في شقة فيعطف عليها، وتعيش عنده بعض الوقت، فيعثر لها على عمل، ويشتري لها سيارة دون أي مقابل· بعدها بدأت خيوط اللغز تُفك، فيعثر ''كمال'' على ''سلمى'' فيعرفها بالرغم من تبدل أحوالها ويلومها على هجر طفلها ويحاكمها بقسوة، لكنها أقنعته بأنها فعلت ذلك مرغمة لـ''حماية'' رضيعها، واعترفت له بأنها تعرَّضت للاغتصاب على يد زوج أمها في غيابها، لكنها لم تصدِّقها ووقفت مع زوجها وطرداها إلى الشارع، فيتفهَّم ''كمال'' آنذاك مأساتها ويمد لها يد المساعدة ويمكِّنها من رؤية ابنها الصغير، قبل أن تقرر ''سلمى'' فجأة زيارة بيت والدتها، حيث وجدت زوج أمها وسحبت مسدساً لقتله، لكن ''كمال'' يتمكن من منعها من ذلك، فتصدقها أمها آنذاك وتنتابها نوبة بكاء لصدمتها في زوجها، بينما تجلس ''سلمى'' مع ''كمال'' على شاطئ البحر في إشارة إلى بداية نشوء علاقة عاطفية صادقة بينهما تنتهي باحتضان الطفل· أهمّ ما تضمّنه الفيلم الذي كتب نصه سيد علي مازيف وأنتج بالتعاون بين بروكوم أنترناسيونال والتلفزيون الجزائري، عنصر التشويق الذي جعل الجمهور مهتما ومتتبعا لصيرورة الأحداث على امتداد 105 دقائق، كما أنّ إدراج المخرج لجانب من الفكاهة في العمل سواء من خلال شخصية صالح (كمال رويني) صديق كمال أو عدد من المواقف المضحكة، أعطى الفيلم بعدا أكثر خفة وجاذبية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©