الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

البر في التقوى.. وليس إتيان البيوت من ظهورها

8 سبتمبر 2016 21:33
أحمد محمد (القاهرة) كانوا في الجاهلية إذا أحرموا أتوا البيت من ظهره، وكانت قريش لا تدخل من الأبواب في الإحرام، وكان الأنصار إذا حجوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم إذا رجع أحدهم إلى بيته بعد إحرامه قبل تمام حجه، لأنهم يعتقدون أن المحرم لا يجوز أن يحول بينه وبين السماء حائل، وكانوا يتسنمون ظهور بيوتهم، وكان سائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام، فأنزل الله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة البقرة: الآية 189». وقال الحسن البصري، كان أقوام من أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفراً وخرج من بيته يريد سفره الذي خرج له، ثم بدا له بعد خروجه أن يقيم ويدع سفره، لم يدخل البيت من بابه، ولكن يتسوره من قبل ظهره، وقال عطاء بن أبي رباح، كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا منازلهم من ظهورها ويرون أن ذلك أدنى إلى البر. قال ابن كثير، وقوله (...وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، أي اتقوا الله فافعلوا ما أمركم به، واتركوا ما نهاكم عنه لعلكم تفلحون غداً إذا وقفتم بين يديه، فيجزيكم بأعمالكم على التمام، والكمال. وقال السعدي، وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها وهذا كما كان الأنصار وغيرهم من العرب إذا أحرموا لم يدخلوا البيوت من أبوابها، تعبداً بذلك وظناً أنه بر، فأخبر الله أنه ليس ببر لأن الله لم يشرعه لهم، وكل من تعبد بعبادة لم يشرعها الله ولا رسوله فهو متعبد ببدعة، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها لما فيه من السهولة عليهم، التي هي قاعدة من قواعد الشرع. ويستفاد من إشارة الآية أنه ينبغي في كل أمر من الأمور، أن يأتيه الإنسان من الطريق السهل القريب، الذي قد جعل له موصلاً، فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينبغي له أن ينظر في حالة المأمور، ويستعمل معه الرفق، التي بها يحصل المقصود أو بعضه، والمتعلم والمعلم ينبغي له أن يسلك أقرب وأسهل طريق، يحصل به مقصوده. واتقوا الله، هذا هو البر الذي أمر به، وهو لزوم تقواه على الدوام، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، فإنه سبب للفلاح، الذي هو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب، فمن لم يتق الله تعالى لم يكن له سبيل إلى الفلاح، ومن اتقاه فاز بالفلاح والنجاح. قال الطاهر بن عاشور في «التحرير والتنوير»، كانوا إذا أحرموا بالحج أو العمرة من بلادهم جعلوا من أحكام الإحرام ألا يدخل المحرم بيته من بابه، وكان المحرمون إذا أرادوا أخذ شيء من بيوتهم تسنموا على ظهور البيوت أو اتخذوا نقباً في ظهورها إن كانوا من أهل المدر، وإن كانوا من أهل الخيام دخلوا خلف الخيمة، ومعنى نفي البر عن هذا، نفي أن يكون مشروعاً أو من الحنيفية، وإنما لم يكن مشروعاً، لأنه غلو في أفعال الحج، فإن الحج وإن اشتمل على أفعال راجعة إلى ترك الترفه عن البدن كترك المخيط وترك تغطية الرأس فإنه لم يكن المقصد من تشريعه إعنات الناس، بل إظهار التجرد وترك الترفه، والمقصود إظهار البر العظيم، ولكن البر من اتقى، المراد به من اتصف بالتقوى الشرعية بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©