الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجمع في قلبها العطر والجمر

تجمع في قلبها العطر والجمر
19 أكتوبر 2008 23:38
- حسناء فارعة يضوع منها المسك والعنبر·· تشبه غالباً جسداً بشرياً برأس مجمر يوضع فيه الفحم المشتعل والدخون والبخور·· وتجمع في تركيبتها، العناصر الأربعة الأساسية في الكون: الماء والتراب والنار والهواء· لا يخلو بيت في الإمارات -بل الخليج أيضاً- من وجودها، فهي دليل الجمال والذوق الرفيع وكرم الضيافة في المنزل، إذ تضم في حناياها مزيج البخور وخشب العود، لتعطّر الثياب والجسد، وتفوح في أرجاء البيت· كما تعكس مجسماتها التي تملأ الفنادق الكبرى والمؤسسات ومراكز التسوق ودوّارات تقاطع الشوارع الرئيسة، مكانتها الكبيرة في نفوس أبناء الدولة، إذ تعتبر إحدى التقاليد المتوارثة عن الأجداد الذين عرفوها منذ القدم· عبر الزمن يقول بشير سليم بشير- باحث في التاريخ ''حمل الفراعنة إلى الحثيين خلال معاهدة ''قادش'' مباخر خشبية عظيمة، مما يؤكد أنهم أحد أوائل الشعوب التي استخدمت المباخر والبخور·· وكذلك فإن بعض آثار الإغريق حملت رسومات لمباخر على هيئات بشرية أو طيور وحيوانات· كما تداولت المباخر شعوب وحضارات قديمة عديدة، كالصين والهند خلال احتفالاتهم بالأعراس والانتصارات والحصاد الوفير''· فيما يخص ظهورها في الجزيرة والخليج العربي، يشير بشير ''ارتبط ظهور المبخرة في المنطقة بتاريخ انتاج وتجارة اللبان والبخور خلال فترة النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد، عبر المحيط الهندي ''ساحل مالابار''· إذ يضم المتحف العماني مبخرة من حجر الكلس لها أربعة قوائم وبداخلها مادة سوداء، يعتقد أنها أثر لبان، وحدد تاريخ المبخرة من 2200- 2100 ق· م كأقدم مبخرة في العالم''· ويضيف بشير ''يبدو جلياً أن الجزيرة العربية ومنطقة الخليج عرفت المباخر على أنواعها في العصر الإسلامي أيضاً، وخلال مواسم الحج، بخاصة وأنه عثر على أوان في معظم دول المنطقة، أهمها اكتشاف الأواني الفخارية في قبور ''حفيت'' يرجع تاريخها إلى حوالى 2700 ق· م''· عروس المجلس وتقول كلثم الغانم- مؤلفة وباحثة في التراث الخليجي ''تعدّ المباخر توأم الدخون والبخور في الخليج، وهي مرتبطة بشيمة الذوق والكرم وحسن استقبال الضيوف، لذا تتربع في المجلس، ولها طقوس وتقاليد تتصل بتدخين وتعطير الضيف، حيث يُقدم له العود في المبخرة ليُنسم منه إليه بيده اليمنى، ويقوم بهذه المهمة شخص مخصص (هو نفسه ساقي القهوة العربي) أما في مجلس النساء فتقوم بالمهمة ربة البيت أو إحدى بناتها، مع مراعاة أن تكون كمية البخور والعطور ضعف كمية الجمر''· وتلفت الغانم إلى تعدد استخدامات المباخر ''تستخدم في مناسبات كثيرة كالخطوبة والزواج، والنجاح والاحتفال بسبوع المولود، وختان الأطفال، وتبخير الموتى، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ''إذا أجمرتم الميت فجمروه ثلاثا''·· وفي مناسبات عديدة أخرى''· الصانع والبائع تشجع الأسواق الشعبية في أبوظبي، سواء التابعة لنادي التراث، أو سوق الميناء، على ممارسة مهنة ''تصنيع المباخر'' من الفخار والجص والبرونز والنحاس الأصفر والأحمر والخزف والمعادن، بعدة أشكال ونماذج· يقول محمد كال طهراني- صانع مباخر ''تبدأ عملية صناعة المبخرة عبر اختيار نوع التربة وتنظيفها، وإضافة الماء عليها وتدويرها عبر الحرق بالنار وتصميمها، بحيث يحتاج تصميم مبخرة إلى نحو ساعتين، لكن التطور الذي مرّت به المبخرة منذ نحو آلاف السنين وحتى يومنا هذا الذي تصنع فيه من مواد معدنية مطورة وألمينيوم مُعالج، وتستخدم بالطاقة الكهربائية أو الغاز دون الحاجة إلى الجمر، جعل عملية التصميم تتطلب دقة في عمل التشكيلات والقوالب، قبل وضعها في فرن حراري حتى يجف، سواء كانت المباخر فخارية أو نحاسية أو معدنية''· و يقول أبو ياسين- بائع مباخر ''تدخل صناعة وتجارة المباخر في إطار إحياء التراث والمحافظة عليه، كونها إحدى مهن الأجداد التقليدية، لذا تنجز أندية التراث والجمعيات النسائية، مئات من أشكال الفخار، للبيع خلال مهرجانات التراث، أو لإهدائها كرمز بيئي محلي، وثمة قطع نستوردها من أندية التراث في الدولة، وأخرى نستوردها بالمئات من إيران وبلاد الشام· ويضيف أبو ياسين ''يتراوح سعر المباخر في الإمارات من 10 دراهم ''فخار إيراني'' إلى 10 آلاف درهم لمباخر ''كريستال''·· كما تتعدد أحجام ومقاسات المباخر بدءاً من ارتفاع 5 سنتمترات إلى 100سنتيمتر''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©