الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الدولار يرتفع رغم الأزمة المالية العالمية

الدولار يرتفع رغم الأزمة المالية العالمية
20 أكتوبر 2008 00:02
بالرغم من الانهيار المريع في أسواق الأسهم وتجمد أسواق الائتمان وتوقعات الاقتصاديين بأن الولايات المتحدة قد أصبحت في طريقها لأن تفقد مكانتها كقوة مالية عظمى، فإن الدولار - الرمز الأكبر لقوة الاقتصاد الأميركي - ما زال يمضي الى ارتفاع· ففي الأسبوع الماضي ارتفعت قيمة العملة الخضراء الى أعلى مستوى لها طوال فترة تزيد على العام مقابل اليورو والدولار الكندي والعديد من العملات الأخرى· بل لقد ارتفعت قيمة الدولار من أجل إنقاذ البنوك والمؤسسات الماية في أميركا· وفيما يبدو فإن هذه الطفرة في قيمة الدولار تأتي مخالفة للمنطق والتوقعات، إذ أن الأزمات المالية السابقة التي اجتاحت آسيا وروسيا والمكسيك أدت الى انهيار العملات المحلية بعد أن أحجم المستثمرون عن الدخول الى هذه الأسواق، حيث ظلت عملات البات التايلاندي والروبل الروسي والبيزو المكسيكي تعتبر مقياساً حقيقياً لثقة الأجانب في هذه الأسواق الناشئة· وبمجرد أن تنهار هذه الثقة سرعان ما تتبعها أيضاً أسعار صرف هذه العملات في التراجع والانهيار· ولكن الدولار ليس عملة كسائر العملات الأخرى إذ أنه اكتسب وبحكم الواقع مكانة جعلته العملة الاحتياطية للعالم أجمع وبشكل ظل يتيح له أن يستفيد من الاضطرابات المالية التي تجتاح العالم وحتى تلك التي تنشأ في الولايات المتحدة الأميركية· وقال كينيث روجوف أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد الأميركية إن من المثير للدهشة أن يعمد المستثمرون الأجانب الى جلب المزيد من أموالهم الى هنا حتى في قمة أوقات الفوضى والأزمات · وفي 17 سبتمبر المنصرم عندما انهار مصرف ليمان براذر وتسبب ذلك في تراجع أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم اندفع المستثمرون الأجانب لشراء سندات الخزانة الأميركية وبشكل أدى الى انخفاض عائداتها قريباً من مستوى الصفر تقريباً· فلقد سارع المستثمرون للبحث عن ملجأ في أحضان الحكومة الأميركية حتى لو كان ذلك يعني أن استثماراتهم سوف تفقد جزءاً من قيمتها عندما يتم احتسابها وفقاً لمعدلات التضخم· وبالطبع فإن اختيار الولايات المتحدة الأميركية كملاذ إنما يعكس عدم وجود خيارات أفضل· ورغم مما اكتسبه اليورو من ارتفاع متواصل طوال فترة السنوات القليلة الماضية وكمنافس قوي للدولار، فإن أوروبا لا تعتبر ملاذاً آمناً يمكن المراهنة عليه خاصة في ظل كبر حجم الأزمة التي أصبحت تعاني منها· وكذلك فإن الأوروبيين، وعلى العكس من الأميركان لم يتمكنوا حتى الآن من صياغة نوع من التنسيق المحدد لمواجهة أزماتهم المالية على الرغم من الاجتماعات التي عقدها زعماء القارة مؤخراً من أجل التصدي لهذه الأزمة· أما البنوك في اليابان فهي أقل استقراراً بكثير عن نظرائها في الولايات المتحدة أو أوروبا حيث تعتمد هذه البنوك الين كعملة رئيسية وحيدة مقابل الدولار قبل أن تشهد اليابان وآسيا بأكملها الضعف والتباطؤ في ظل الكساد الاقتصادي العالمي· ويقول أشرف ليدي كبير محللي العملات في شركة سي إم سي للأسواق والتعاملات إن الأمر أشبه بعالم مليء بالمرضى، وكانت الولايات المتحدة أول من أصابته أعراض المرض وأدخلت الى قسم العناية المركزة ثم تبعتها الدول الأخرى في الدخول الى المستشفى · ويمضي ليدي مشيراً الى أن تجار العملة أخذوا يراهنون على أن الولايات المتحدة هي الدولة الأولى التي سوف تتماثل للشفاء لأنها الأولى التي أصيبت بالمرض· ويبدو أن هذا المفهوم قد اكتسب المزيد من الزخم بعد أن امتدت المشاكل الى أوروبا، حيث أصبحت المزيد من البنوك والمؤسسات المالية تعاني من الفشل وتحتاج الى الإنقاذ، بينما عمدت ألمانيا وأيرلندا الى ضمان كافة الإيداعات في سعي للحيلولة دون انهيار البنوك· ولقد تلقى الدولار أيضاً دعماً ملحوظاً من الاحتياطي الفيدرالي الذي سارع الى إنشاء شبكة لمقايضة العملة مع البنك الأوروبي المركزي وبنك اليابان وبنك انجلترا والبنوك المركزية الأخرى بهدف تموين هذه البنوك بالدولارات· وفي خطوة غير مسبوقة الحجم تمكن الاحتياطي الفيدرالي من توسعة حجم هذه المقايضة بمقدار 330 مليار دولار الى مستوى 620 مليار دولار· وكذلك فإن المرونة التي يتسم بها الدولار في مثل هذه الأزمات لا تعتبر مجرد أمر غير مألوف من الناحية الاقتصادية فقط، بل إن قدرة الدولار على الاحتفاظ بقيمته سوف تجعل من السهل أيضاً على الولايات المتحدة الأميركية تمويل خطة الإنقاذ البالغة 700 مليار دولار، لأن الأموال النقدية سوف تأتي من السندات التي سوف تباع معظمها الى المستثمرين الأجانب· وبالطبع فإن من شأن العملة القوية أن تؤدي الى لجم التضخم الذي كان يشكل الهم الأكبر للاحتياطي الفيدرالي قبل اندلاع الأزمة الأخيرة· فانخفاض معدل التضخم سوف يجعل من السهل على الاحتياطي الفيدرالي القيام بخفض أسعار الفائدة كما فعل مؤخراً· ولكن الدولار القوي لا يخلو أيضاً من الآثار الجانبية السالبة، حيث يجعل الصادرات الأميركية أكثر غلاءً في الأسواق الأجنبية· وهو الأمر الذي كان بإمكانه أن يقلل من الوتيرة التي تمضي بها عجلة الاقتصاد الأميركية· بيد أن القيمة الأكبر للدولار كما يتفق الخبراء تتمثل في أنه الرمز الأوحد لجدارة ومصداقية الولايات المتحدة الأميركية على المدى الطويل· وقال روجوف أثناء التحدث مع المستثمرين والأكاديميين وواضعي السياسات في جميع أنحاء العالم تجد أن لديهم ثقة كبيرة ليست في نظامنا الاقتصادي وإنما أيضاً في نظامنا السياسي · ولكن هذه الثقة بالطبع ليست بدون حدود· فإذا ما قدر للمستثمرين أن يفقدوا ولاءهم للدولار في نهاية المطاف، فإنهم سرعان ما سيعمدون الى بيع ديونهم الأميركية وسوف يتجه الدولار الى السقوط والانهيار كما ستزداد تكلف الأموال التي رصدت لإنقاذ البنوك والمؤسسات المالية كما يشير الخبراء والمحللون· ولكن وحتى الآن فإن الأزمة العالمية لا تزال تمثل الترياق المنشط للعملة في ذات الدولة التي اندلعت فيها الأزمة أول مرة· عن ''انترنانشيونال هيرالد تريبيون'
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©