الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي مبارك: أتمنى أن أكون جزءاً من مشروع الطاقة البديلة

علي مبارك: أتمنى أن أكون جزءاً من مشروع الطاقة البديلة
6 مايو 2011 20:58
لم ينل اليأس من علي عندما فشل في الحصول على بعثة دراسية بسبب مجموعه في شهادة الثانوية العامة، وتابع تقديمه للحصول على البعثات، دون جدوى، لذا كان قبوله ببعثة التعليم العالي آخر المطاف بمثابة الجائزة الكبرى التي وضعته على بداية الطريق لتحقيق حلمه في الابتعاث إلى الخارج لإنهاء دراسته التي طالما تطلع إليها. يدرس الطالب المبتعث علي مبارك سالم بن زوبع الهندسة الكهربائية في جامعة فالباريسو الواقعة في مدينة فالباريسو بولاية إنديانا في الولايات المتحدة الأميركية، وهو نفس التخصص الذي تطلع إلى دراسته منذ طفولته، فقد كان يفكر دائما في الحصول على منحة ابتعاث إلى أي دولة في العالم كي يكمل مشواره في التحصيل العلمي، وعندما أنهى امتحان الثانوية العامة لم يوفق في الحصول على النتيجة التي تؤهله للابتعاث، ومع ذلك لم يقطع الأمل في الحصول على بعثة للخارج، يقول الطالب الإماراتي علي: «ترسخ حلمي في الحصول على بعثة دراسية إلى أي دولة، وصار أحد أهم أهدافي مع بداية الصف الثالث ثانوي، ولكن مع عدم توفيقي في الامتحانات النهائية، تحطمت أحلامي بالالتحاق بأي بعثة، ولكن بتوفيق من الله، تم قبولي ببعثة التعليم العالي، لدراسة الهندسة الكهربائية في الخارج». اللغة والبسكويت قد تواجه الطالب العديد من المعوقات والمصاعب قبل السفر وبعده، ولم تختلف الأمور كثيراً مع الطالب الإماراتي بن زوبع، بالمقارنة مع زملائه المبتعثين للخارج، ومع أن الإجراءات كانت ميسرة في بداية مراحل الابتعاث، مع أن ضعف اللغة الإنجليزية لديه شكّل عائقاً كبيراً، لدرجة أنه تناول البسكويت لعدة أيام بسبب عدم إتقانه للغة الإنجليزية، ولم يعرف أن يطلب له وجبة من مطعم! ومع ذلك لم يثبط ذلك من عزيمة من يعرف طريقه ومن حدد هدفاً لحياته ومستقبله. وعن ذلك يقول بن زوبع: «الحمد لله لم أواجه معوقات قبل السفر، كانت الأمور ميسرة، ولكن بعد السفر، عانيت جداً من ضعف لغتي الإنجليزية، واجهت بعض المتاعب في الأيام الثلاثة الأولى التي قضيتها في العاصمة واشنطن، وخاصة في طلب الطعام، لقد عجزت عن التواصل مع العاملين المطاعم، كنت أذهب إلى أقرب سوبر ماركت وأشتري بعض الخفائف مثل البسكويت والحلويات، وكان هذا طعامي طوال فترة وجودي في العاصمة، ومع ذلك لم يفلح هذا الشقاء في بداية اغترابي في التخلي عن حلمي»، لينتقل بعدها إلى ولاية انديانا متابعاً: «في اليوم الرابع انتقلت إلى ولاية إنديانا وهي مكان دراستي حاليا، أقمت عند عائلة أميركية لمدة أشهر فقط، فقد غادرتهم بسبب إهمالهم وتقصيرهم في بعض الأمور المهمة مثل توفير المواصلات وانشغالهم المتواصل عن المنزل». عند قبول علي في البعثة لم يكن لديه فكرة كافية عن كيفية انتقاء الجامعات، ولكن استشارة من صديقه الطالب محمد الحمادي الذي تخرج من الجامعة نفسها، كانت كفيلة باستقرار رأيه عليها، لأنها تتمتع بالهدوء الذي يحتاجه الطلبة، ولا يزيد عددهم فيها عن ثلاثة آلاف طالب، مما يسهل التواصل مع المحاضرين، فكانت تلك المعطيات سبباً كافيا كي يختار الطالب بن زوبع هذه الجامعة حسب تعبيره، وخصوصاً أنه في الفترة التحضيرية لدراسة اللغة الإنجليزية كان صديقه الحمادي قد نبهه بأنه يستطيع تغيير الجامعة في حال لم تكن مناسبة، يقول علي: «أفادني الحمادي بأن مسألة البحث عن الجامعات ستصبح أسهل عندما الوصول إلى أميركا بحكم سهولة الاستفسار عن الجامعات وأضاف أنه حين انتهائي من معهد اللغة التابعة للجامعة، يمكنني البدء بدراستي الجامعية فوراً، بدون تقديم امتحان «التوفل»، مما شجعني على الدراسة فيها اختصاراً للوقت». ألم وأمل باعتبار أنها المرة الأولى التي يسافر فيها الطالب علي مبارك وحيداً، إلى بلدٍ اجنبي، فقد انتابته أحاسيس متضاربة من الشعور بالحزن العميق إلى الفرح لتحقيق ما كان يرغب فيه، خصوصاً أنها ستكون تجربة مليئة بالمفاجآت، يقول علي: «عند مغادرتي لأراضي دولتي تملكني شعور مشتت، هل أحزن لمفارقة بلادي وأهلي، أم أفرح لتحقيق حلم أرغب بتحقيقه، وتساءلت كيف هي الدراسة في الخارج، خصوصا أني لم أتغرب من قبل». وكان الوصول إلى الولايات المتحدة اختبارا ميدانياً لقوة الإرادة بعد الابتعاد عن الأهل والوطن، ولينعم بطعم الفوز على مشاعره الحزينة في إحساسه بالوحدة، وخاصة أن لغته الإنجليزية الضعيفة لا تساعده في التواصل مع الآخرين، يقول: «أحسست بطعم الغربة وقساوة الحياة، لغتي الإنجليزية كانت ضعيفه جدا، الأمر الذي زادني هماً، ولكن مع كل هذا لم يتغير هدفي، فحبي للدراسة ورغبتي في اقتناص هذه الفرصة الثمينة تغلبت على كل هذه العقبات». كتابي منزلي يقضي علي معظم وقته في الجامعة، وذلك بسبب ظروف دراسته التي تتطلب منه البحث والجهد، وتبدأ الحصص الدراسية في الساعة الثامنة صباحاً لتنتهي حوالي الثالثة بعد الظهر، ليذهب إلى مبنى كلية الهندسة للعمل على الواجبات والمشاريع الدراسية، حيث من الواجب عليه استخدام البرامج على أجهزة الجامعة ليقفل عائداً إلى المنزل في منتصف الليل، لدرجة أن عمال النظافة يفتقدونه أحياناً إذا عاد إلى المنزل قبل موعد دوامهم، ويظن البعض أنه يقيم في مبنى الكلية، وهذا الجد عاد عليه بالعلا، حيث إن معدله التراكمي إلى الآن 3,52 من 4، وهو ما سيؤهله للتخرج بدرجة الامتياز. معاملة بالمثل تعتبر ولاية إنديانا من المناطق الشديدة البرودة، الأمر الذي عانى منه بن زوبع القادم من الإمارات ذات الأجواء الحارة، يقول: يستمر فصل الشتاء في ولاية إنديانا لمدة تتراوح من خمسة إلى سبعة أشهر، وتصل درجة الحرارة أحياناً إلى 35 تحت الصفر، وتهطل الثلوج يومياً وبغزارة، لقد عانيت في البداية، ولكن بعد مرور سنة من إقامتي في هذه الأجواء اعتدت عليها»، ويتابع: «أما في فصل الربيع فأواجه مشكلة الحساسية في العينين وكثيراً ما أعاني بسبب حساسيتي المفرطة تجاه الأزهار والزرع، ويستمر ذلك لأكثر من شهر، أواجه هذه المشكلة سنوياً، ولكن ما باليد حيلة سأكمل دراستي وأعود إلى بلدي». ويتعامل بن زوبع مع الناس في منطقة دراسته وسكنه انطلاقاً من المثل القائل: «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك»، بغض النظر عن الدين والجنس واللون، وهذا تماماً ما نشأ عليه تبعاً لتربية الأهل وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، لذلك لم يواجه أية مشاكل مع العلم أن أهل المنطقة التي يسكنها بادلوه في البدايات بنظرات استغراب واستهجان كونه عربيا ومسلما، ويقول: « أحترم كل الناس ودياناتهم، سواء كانوا مسلمين، مسيحيين، أو يهود، هذا جزء من أخلاقي وتربيتي، وأحببت أن أظهر للشعب الأميركي صورة حسنة عن الطالب الإماراتي المسلم، لقد كان بعض الأميركان ينظرون باستغراب ويتساءلون، هل صحيح أن المسلمين في بلادكم يحترمون الأديان والعادات؟ لله الحمد لقد استطعت تغيير بعض المفاهيم الخاطئة عن المسلمين عند من تواصلت معهم»، ويضيف: «الشعب الأميركي، متحضر ومتعلم، لم أجد في أخلاقهم عيوبا، بل كانت أخلاقهم سامية في كثير من المواقف اليومية». إنسانية وتآخٍ عديدة هي المواقف التي حدثت مع علي مبارك في بلد الاغتراب، والتي لن ينساها، وفي حادثتين منفصلتين ولكن مع نفس الأشخاص، في الحادثة الأولى عندما كُسر كاحله إثر حادث تعرض له، مما اضطره للاستعانة بعكاز ولمدة ثلاثة أشهر، حيث عاملته العائلة التي كان يقطن عندها وكأنه أحد أفرادها، فقد اعتنوا به، لدرجة أنه أحس بالحرج من كثرة اهتمامهم به، وفي المرة الثانية عندما أجريت له عملية جراحية لخلع أضراس العقل - وكانوا أربعة دفعة واحدة – فقد وقفوا بجانبه وكأنهم عائلته، وعن ذلك يقول: «كنت أقطن مع عائلة أميركية لمدة ثلاث سنين، عاملوني كأنني فردٌ من عائلتهم واحترموا ديني وعاداتي، لقد قمت بخلع ضروس العقل الأربعة في وقت واحد، وكانت العملية مؤلمة، لم أستطع التحدث أو الأكل، تعاملت معي أم العائلة بكل إنسانية، كانت تطعمني الأم كل صباح بيدها، وكانت تستأذن في وقت الغداء من عملها لكي تجهز لي طعام الغداء وتطعمني، لقد استمر ذلك لثلاثة أيام، لن أنسى فضلهم ولن أنسى كل ما فعلوه لأجلي. فأحسست أن واجبي أن أذكرهم أينما كنت عرفاناً لهم بالجميل». طالب وخطيب جمعة من أكثر ما يفتقد بن زوبع في الخارج صوت الأذان في أوقات الصلاة، بالإضافة إلى عدم المشاركة في الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية، ومع ذلك يحاول مع بعض أصدقائه الإماراتيين والعرب والمسلمين التعويض عن ذلك بالاجتماع في تلك المناسبات، وبسبب عدم وجود مسجد في المدينة التي يقطن بها، حيث يبعد أقرب مسجد حوالي نصف ساعة، فقد تواصلوا مع إدارة الجامعة لتوفير مكان للصلاة فيه خاصة أيام الجمعة، وإذا لم يكن هناك من ضغوط دراسية عليه، فإنه يتوجه إلى المسجد البعيد لأداء صلاة الجمعة مع أصحابه. العقل السليم في الجسم السليم يهوى علي مبارك كرة القدم والطهي، فيمارس هذه اللعبة باستمرار أثناء دراسته اللغة الإنجليزية، كما كان يشارك في دوري كرة القدم الجامعي، في سنته الأولى، ولكنه توقف عن مشاركته بحكم دراسته وعدم وجود الوقت الكافي لذلك، لأن تركيزه على الاجتهاد هو الأهم في الوقت الحالي، ومع ذلك تابع في ممارسته للرياضة انطلاقاً من المقولة «العقل السليم في الجسم السليم» ويخصص ساعة يومياً لرياضة الجري، كما كان الطهي وهي هوايته الثانية يخفف عنه عناء الأسبوع، حيث يدعو أكثر عددا من الأصحاب كي يشاركوه الطعام من جهة ولنسيان آلام الغربة من جهة أخرى على حد تعبيره. كما يشارك بن زوبع في الحفل السنوي الذي تقيمه الجامعة واسمه «العشاء الدولي»، حيث يعتبرها فرصة ليتعرف الآخرون على تقاليد وتراث دولة الإمارات. عميد المبتعثين في جامعته لم يتعرض المبتعث الإماراتي علي مبارك لأي مشاكل دراسية، ويتمنى ألا يواجه أيا منها، ويعرف أين سيتوجه في حال واجهه ذلك، كما يتواصل مع الطلبة الإماراتيين في نفس الجامعة والمدينة ويبلغ عددهم خمسة فقط بعد أن كانوا ما يقارب عشرين طالباً ويعزي تقلص عددهم إلى قسوة المناخ، وصعوبة الدراسة في الجامعة في تخصص الهندسة بشكل عام، يقول علي مبارك: «أتواصل مع الطلبة الإماراتيين في المدينة، أحب أن أجالسهم وأساعدهم إن احتاجوا، كما أحاول تخفيف عناء الغربة الدراسة، وبحكم أني الأكبر سناً من بين الطلاب الحاليين، فكان من مهمتي أن أجتمع بهم وأساعدهم ماديا ومعنويا، أعرف تأثير ذلك إيجاباً عند الطلاب الجدد، وفي أغلب الأحيان نجتمع في منزل أحد الطلبة الإماراتيين للتسامر» وعن التواصل مع الطلبة الإماراتيين في ولايات أخرى يضيف: «التواصل بيننا عن طريق الهاتف في أغلب الأحيان، لبعد المسافة، أتواصل مع طلاب من ولاية أورايجون وسياتل وألباما وفلوريدا وكاليفورنيا وبوسطن وإلينوي وكثير غيرها، وأحب زيارة إخواني الطلبة الإماراتيين لكي أشعر كأنني في بلادي». طموح وتخطيط خطط بن زوبع جيداً لحياته، وخاصة أنه سيتخرج في شهر مايو الحالي، وابتدأ في تنفيذ طموحه عندما تم قبوله في برنامج «نخبة للتدريب الصيفي»، وذلك لمدة 7 أسابيع في مدينة درسدن الألمانية، ويطمح إلى الالتحاق بشركة تشجع الابتكار وتركز على النمو المستمر، كي يساهم في خدمة الوطن الذي منحه الكثير، ويتمنى أن يكون جزءاً من المشروع العالمي في استخدام الطاقة الشمسية والموارد الطبيعة كطاقة بديلة، كي يفجر طاقاته وإبداعاته لتطبيق الأساليب الذي تعلمها خلال دراسته. مشروع تخرج طموح شارك المبتعث الإماراتي بمشروع التخرج مع فريق يتألف من خمسة طلاب هو سادسهم في تصميم وتصنيع ذراع آلية حساسة تستطيع تمييز حجم الأجسام وقدرتها على تحمل الضغط، لمعالجتها دون إتلافها أو إسقاطها، ويمكن استخدام هذا المشروع عند تطويره في جميع المصانع في فرز المواد والأشياء عن بعضها البعض. وتم صناعة هذه الذراع الآلية بنجاح، ثم تم اعتمادها لتدريس الطلاب الجدد في مختبرات الجامعة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©