شويكة (رويترز) - قرأ علي أسعد الزغل برهبة رسالة نصية قصيرة غامضة تلقاها في ساعة مبكرة صباح يوم الثلاثاء الماضي وهي «سامحني يا أخي». بعد بضع دقائق قتل شقيقه سلام مستوطناً إسرائيلياً يُدعى وإفياتار بوروفسكي قرب الحاجز العسكري الإسرائيلي في زعترة جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة أن يطلق الجنود الإسرائيليين الرصاص عليه ويعتقلونه مصاباً بجروح.
وبينما كانت عائلة المستوطن القتيل تنعي فقيدها أشادت عائلة الزغل في بلدة شويكة قرب طولكرم شمالي الضفة بما فعله ابنها واعتبرته رداً على العدوان الإسرائيلي. وقال والده أسعد الزغل وهو يجلس مع ابنيه الآخرين وأقارب محزونين في منزله أمس «هذا قدره ونحن كعائلة فخورون به». وأضاف أن تصرفه واجب على كل فلسطيني يعيش في ظل عدوان الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود. وفي حين أن ما فعله سلام قد يجلب الفخر لعائلته بين بعض الفلسطينيين إلا أنه قد لا يمحو وصمة قديمة في تلك القرية الفقيرة، حيث أدانت السلطات الفلسطينية شقيقه عبد الفتاح بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل. وتقول قوات الأمن الإسرائيلية إنها تحقق لمعرفة ما إذا كان مقتل بوروفسكي يستهدف تطهير سمعة العائلة وهو أمر تنفيه العائلة. ويمقت المجتمع الفلسطيني الجواسيس المشتبه بهم ونادراً ما تتخلص العائلات من عار ارتباطها بأحد هؤلاء.
ويلخص الهجوم الذي شنه سلام الزغل على ما يبدو تناقضات السياسة الفلسطينية في الضفة الغربية الممزقة بين التعامل مع عدو لدود ومهاجمته بعنف. وقال مصدر أمني فلسطيني إن عقوبة السجن عشر سنوات التي صدرت ضد عبد الفتاح تم تخفيفها بدافع الرأفة نظرا لفقر عائلته وقد أفرج عنه بكفالة انتظارا للبت في طعن على الحكم بعد أن أمضى عاما في السجن. وقال عبد الفتاح إن السلطات مخطئة لا تملك دليلا على اتهامه بالتجسس حتى الآن السجن.
وتعتمد إسرائيل على شبكة من العملاء الفلسطينيين لمراقبة الناشطين المشتبه بهم واعتقالهم وساهم ما يقوم به هؤلاء في الهدوء الذي تنعم به قوات الاحتلال منذ سنوات في الضفة الغربية. والسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب نفسها تزود إسرائيل بمعلومات وتندد بالعنف ضدها. وأفرجت سلطات الاحتلال عن سلام من أحد سجونها قبل شهرين فقط بعدما أمضى عقوبة بالسجن لمدة 3 أعوام ونصف العام بتهمة زرع متفجرات عند مقطع جدار الفصل العنصري الإسرائيلي في الضفة الغربية قرب شويكة ومحاولته خطف سلاح من جندي إسرائيلي. وقال شقيقه علي إنهم أفرجوا عنه من سجن ليعيش في سجن مفتوح. وأضاف أنه لم يجد عملا في الفترة الماضية وكان يكثر الحديث عن استشهاد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وكان متأثرا بشدة بمعاناتهم لكنه يتصرف بشكل طبيعي. ولا يهتم المستوطنون الإسرائيليون كثيرا بدوافع سلام وهو أب لخمسة أطفال. وطالبوا ببناء المزيد من المستوطنات في الأرض المحتلة وحظوا بتعاطف من الحكومة الإسرائيلية. وقال وزير الإسكان الإسرائيلي أوري أرييل في جنازة بوروفسكي «على شعب إسرائيل أن يواصل استعادة كل أرض إسرائيل».
عدد اليوم
