الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثوار ليبيا يبحثون عن مصادر للتمويل

6 مايو 2011 21:36
نقص الأموال ونفاد مخزون الوقود، وتوقف شحنات النفط الموجهة للتصدير ومعها تعطل الأنشطة المالية، لم تدفع المسؤول الليبي الذي يدير اقتصاد المناطق التابعة للثوار والخاضعة للمجلس الانتقالي إلى الغرق في القلق أو التشاؤم، فقد أشار "علي الترهوني" يوم الثلاثاء الماضي إلى أن "سفينة في طريقها إلينا" تحمل الوقود لتزويد المحطة الرئيسية لتوليد الكهرباء ببنغازي. وبعد مرور ثلاثة أشهر على طرد الثوار لقوات القذافي من المدينة تستمر الحياة كعادتها في المناطق التي يُطلق عليها الليبيون اسم: المحررة، وتحديداً في عاصمتها بنغازي، وسط أجواء من التفاؤل الحذر، إذ على رغم إفلاس المنطقة التي يسيطر عليها الثوار لا يوجد، مع ذلك، شعور بالارتباك، أو الندم، فهنا في شرق ليبيا يبقى آخر ما يريده الليبيون هو استمرار القذافي في السلطة أكثر من الأربعين عاماً التي قضاها جاثماً على صدورهم. والحقيقة أن المشهد في المناطق المحررة لا علاقة له بالفوضى ومظاهر النهب، أو انقطاع التيار الكهربائي التي سادت العراق بعد الاحتلال الأميركي في عام 2003 والإطاحة بنظام صدام، فما زالت المقاهي تغص بالرواد كالعادة والطلب متواصل على فناجين القهوة المحضرة على الطريقة الإيطالية. كما أن بنادق الكلاشنيكوف أصبحت بمثابة الزينة المفضلة لدى الرجال. وحتى حينما يُسمع صوت إطلاق الرصاص في بنغازي فإن ذلك يكون عادة تعبيراً عن الاحتفال ومظهراً من مظاهر الفرح أكثر من كونه إشارة إلى وجود مناوشات أو اندلاع للعنف. وإلى جانب ذلك ازدهر أيضاً بيع الأعلام الليبية الجديدة بألوانها الثلاثة التي تتوسطها النجمة والهلال. وفي أوقات الذروة تمتلئ الشوارع بالسيارات وتزدحم عن آخرها كأي مدينة أخرى في العالم. وحرصاً على تجنب أية اضطرابات اجتماعية بسبب نقص الخدمات أو قلة المال تعمل الحكومة المؤقتة التي تسير الأمور في شرق البلاد على توفير رواتب الموظفين وفي الوقت نفسه تتعاون مع المتطوعين ووكالات الإغاثة لتوزيع المواد الغذائية والطبية وباقي المستلزمات التي يوفرها مانحون أجانب ومحليون. كما أن انقطاع الكهرباء ظل إلى حد الآن محدوداً ونادراً، بل إن الحكومة المؤقتة اتخذت خطوة جريئة بإعلانها أنه حتى يتم الإطاحة بالقذافي فإنه سيتم تحويل مقر البنك المركزي وشركة النفط الرئيسية في البلاد إلى بنغازي بدل طرابلس التي تبقى المعقل الأساسي للعقيد القذافي وقواته. ولكن على رغم هذا الاستقرار المالي الظاهر والهدوء النسبي تواجه المناطق المحررة خطراً حقيقيّاً بالإفلاس والانهيار الاقتصادي، فالأموال المتوفرة حاليّاً لا تكفي لأكثر من ثلاثة أو أربعة أسابيع كما صرح الترهوني أمام الصحفيين يوم الثلاثاء الماضي. وعندما سُئل عن تكلفة إدارة الأمور أعطى تقديراً تقريبيّاً يتراوح بين 50 و100 مليون دينار في اليوم، أي ما يناهز 42 و84 مليون دولار. وأضاف الترهوني، أستاذ الاقتصاد بجامعة واشنطن الذي انضم إلى الثوار وعاد لمساعدة بني جلدته، أنه "من الصعب تحديد التكلفة بالتدقيق لأن الاحتياجات متجددة وأحياناً غير متوقعة، ولذا فمن الصعب الإجابة عن هذا السؤال". ويرغب الثوار في تحويل ما كان يعتبر اقتصاداً اشتراكيّاً إلى نموذج اقتصاد السوق، ولكنهم يفتقدون القروض، كما أن عمليات التصدير والاستيراد متوقفة، حيث تم الحد من سحب الأموال من البنوك لتوفير السيولة. ومع أن السفينة القادمة من أوروبا والمحملة بالوقود ستمنع نشوب أزمة انقطاع الكهرباء في بنغازي، فإن ثروة ليبيا النفطية وتدفقها إلى الخارج تبقى متوقفة بسبب تعطل بعض المنشآت النفطية التي يسيطر عليها الثوار. وبتضرر البنية التحتية النفطية في البلاد والتهديد الذي ما زالت تمثله قوات القذافي يستبعد المسؤولون إمكانية استئناف تصدير النفط في المدى المنظور، حيث يتم التركيز حاليّاً حسب الترهوني، على ترميم وإصلاح المنشآت النفطية المتوقفة، وهو ما يعني استيراد الاحتياجات الأساسية من "الديزل" والبنزين. ومباشرة بعد طرد قوات القذافي من بنغازي وضع الثوار أيديهم على مليار دولار كانت مودعة في فرع البنك المركزي بالمدينة، هذا في الوقت الذي قدمت فيه كل من الكويت وقطر منحاً مالية وصلت إلى 400 مليون دولار وإن كانت أغلب تلك الأموال استهلكت ولم يتبق منها كثير، ولذا تفكر العواصم الغربية في طلب الثوار بالإفراج عن مليارات الدولارات من الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج. ولكن تسليم تلك الأموال إلى حكومة مؤقتة لم يعترف بها العديد من البلدان يطرح إشكالات قانونية. ولا يحب الثوار الحديث عن احتمال تقسيم ليبيا بل يصرون على وحدة الوطن ويكررون ذلك في جميع المحافل، كما أن كثيراً من الليبيين في بنغازي لديهم عائلات في طرابلس وباقي المناطق الخاضعة لقوات القذافي. ولكن على رغم المصاعب المالية والتحدي الاقتصادي الذي يواجه الثوار ينظر المسؤولون الليبيون بعين إيجابية إلى اجتماع يوم الثلاثاء الماضي في روما لمجموعة الاتصال الدولية حول الوضع في ليبيا، والذي بحث آلية التمويل للثوار ودعم الاقتصاد في المناطق المحررة، بحيث يترافق الدعم العسكري الذي يوفره حلف شمال الأطلسي الرامي إلى حماية المدنيين مع الدعم المالي والاقتصادي الكفيل بحماية أرزاقهم والرفع من معنوياتهم لإتمام المهمة والتوصل إلى حل سياسي لا يكون القذافي جزءاً منه. باتريك ماكدونال - ليبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©