الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما و«شي».. ودبلوماسية الشاي

9 سبتمبر 2016 20:21
لنقل إن رئيس الولايات المتحدة سيحل عليك ضيفاً في زيارة. ولنقل إن علاقاتكما عرفت مؤخراً أوقاتاً عصيبة -خلافات حول ما إن كنت مسؤولًا عن عمليات قرصنة تستهدف حكومته، والتنمُّر على أصدقائه، وسجن نشطاء بالمئات، فكيف لك أن تجري ذلك الحوار غير المريح؟ إذا كنت رئيس الصين، فإن جزءاً من الجواب قد يكمن في فنجان شاي. في وقت متأخر من ليلة الأحد، وبعد ساعات من الاجتماعات الثنائية التي تطرق فيها المسؤولون الأميركيون والصينيون للخلافات المعتادة والآمال المتبادلة في التعاون، دعا الرئيسُ الصيني شي جين بينج الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى القيام بنزهة ليلية. وبينما كان الزعيمان يتمشيان تحت أجنحة الظلام ليلاً في حديقة على ضفة بحيرة -يجريان دردشة أمام كاميرات وسائل الإعلام التي تتبعهما- دعا شي أوباما إلى التوقف عند سقيفة معبد بوذي تطل على منظر خلاب وارتشاف بعض الشاي. كانت تلك لحظة غريبة ومدروسة بعناية لالتقاط الصور، لحظة تعكس إلى حد كبير استراتيجية علاقات عامة جديدة يتبعها المسؤولون الصينيون منذ أن وصل شي إلى السلطة، وتوحي بطموحاتهم الكبيرة في وقت تواصل فيه البلاد تقدمها إلى الأمام. فخلال السنوات الأربع الماضية، وبينما كانت الصين تراكم نفوذاً عالمياً متزايداً، حاول مسؤولوها التخلص من انطباعات سلبية عن زعماء حزبها الذين ظلت تلازمهم صورة نمطية في الغرب، صورة عضو بيروقراطي في الحزب غير واثق من نفسه وحذر للغاية وتتميز لقاءاته مع الزعماء الأجانب بقراءة نفس السطور المعدة سلفاً من ورقة. ولكن منذ أن تسلم شي زمام السلطة، استعمل مناسبات التقاط الصور لإظهار صورة مخالفة عن نفسه، صورة زعيم إنساني واثق من نفسه، متحرر من البروتوكول الرسمي، وغير متوجس من العالم الخارجي. وفي هذا الإطار، رتبت الحكومة الصينية بعناية مناسبات لالتقاط صور لشي وهو يتناول قطعة خبز في أحد مطاعم بكين، وأخرى وهو يحمل مظلة تحت المطر وقد شمر سرواله حتى لا تتبلل أطرافه كأي رجل عادي، ولكن الصور التي رتبت لالتقاطها له هو وأوباما كانت لافتة بشكل خاص. فبعد عقود من النمو، تتوق الصين اليوم إلى استعراض عضلاتها وفرض احترامها في العالم. ولذلك، فإن صورة الزعيم الصيني الجديد إلى جانب زعيم العالم الحر، جنباً إلى جانب، وعلى قدم المساواة، وهو يبدو واثقاً من قوة بلاده المتنامية وفي حالة تخفف من البروتوكول، هي صورة يتوق الزعماء الصينيون لترويجها. وهكذا وجد أوباما نفسه ليلة الأحد في العاشرة والنصف تحت سقف هيكل معبد بوذي في حديقة جالساً على كرسي خشبي مصقول وهو يرتشف الشاي. وفي فيديو لهذا المشهد التقطه مصورو البيت الأبيض، يمكن سماع شي وهو يجري دردشة عفوية على نحو مفاجئ. وهكذا، سأل شي أوباما حول ما إن كان يقوم بتمرينات رياضية ثم تحدث عن الطقس فقال: «لا أعتقد أن الجو سيكون جيداً غداً مثل اليوم». وبالطبع، تحدث شي عن الشاي فقال: «هذا الشاي يسمى شاي لونج جينغ»، ثم راح يقدم لأوباما نبذة كاملة عن تاريخ الشاي الذي لا تعرفه سوى قلة قليلة من الناس، فتحدث مؤكداً أن هذا الشاي يأتي من قرية تدعى لونج جينغ، وأوضح لأوباما كيف أن معنى لونج جينغ الحرفي هو «بئر التنين»، في إشارة إلى أسطورة محلية تتعلق بآلهة التنين والماء، فرد أوباما بأدب: «هذا جيد جداً». وواضح من الفيديو أن أهم شيء بالنسبة لشي ليس الشاي أو ما قيل في الدردشة، وإنما الصور التي تلتقطها الكاميرات المتحلقة حول الزعيمين، صور مصممة بعناية للولايات المتحدة والصين -القوة العظمى للقرن الماضي والقوة الصاعدة في القرن الحالي- وزعيماهما جالسان جانباً إلى جنب، وهذا هو الأهم. *مراسل واشنطن بوست المتجول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©