الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيطاليا.. حملة لزيادة المواليد

9 سبتمبر 2016 20:23
مثل العديد من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، تواجه إيطاليا مشكلة ديموغرافية مثيرة، مع انخفاض عدد المواليد على نحو متزايد. ومن أجل هذا، أطلقت وزارة الصحة مؤخراً حملة إعلانية لتذكير الناس بأن الثاني والعشرين من سبتمبر يوافق «يوم الخصوبة». وعلى إحدى لافتات الحملة، كُتبت عبارة «الجمال ليس له عمر محدد، ولكن الخصوبة لها سن محددة»، وعلى اللافتة صورة امرأة تحمل ساعة رملية. وكانت هناك لوحة أخرى تخاطب الآباء، وعليها صورة رجل يحمل سيجارة نصف مشتعلة وتعليق يقول: «لا تدع خصوبتك تضيع بسبب التدخين». ولم تعجب هذه الحملة بعض المعلقين على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وقد أصيب كثير من الإيطاليين بالحيرة بسبب إعلان آخر مؤداه أن الخصوبة كانت «صالحاً عاماً» - وهي المقارنة التي يزعم المنتقدون أنها تذكر بإحدى الدعايات الفاشية في عشرينيات القرن الماضي، كانت تحث النساء على إنجاب مزيد من الأطفال لدعم موقف الأمة. وقد تم سحب حملة الوزارة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ولكنها مستمرة في إحداث حالة من الغضب. وكتب أحد المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي: «أشعر بحرج شديد في العيش هنا»، وعلق آخر «إن حملة الخصوبة هي حملة هجومية وذات إحالات جنسية وخطيرة. إنني أشعر بالخجل». وكدولة تقدم الرعاية الاجتماعية، فإن نظام المعاشات والاقتصاد بشكل عام في إيطاليا يعتمدان على عدد معين من الشباب الذين ينضمون إلى قوة العمل كل عام. أما دول أخرى مثل ألمانيا فقد حاولت مواجهة انخفاض عدد المواليد من خلال جذب مزيد من المهاجرين. ولكن معدل بطالة الشباب في إيطاليا يبلغ نحو 35%. وبالمثل، لم يكن رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي معجباً أيضاً بالجهود التي تبذلها وزارة الصحة. وقال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «إذا كنت تريد خلق مجتمع يستثمر في مستقبله ولديه أطفال، عليك أن تتأكد من ظروف وسُبل بلوغ هذا الهدف»، ما يعني ضمناً أن حملة إعلانية لا يمكن أن تعوض وحدها بعض أوجه القصور المتهمة بها إيطاليا. وقد ألقى منتقدو الحكومة باللوم على انخفاض الأجور بالنسبة للنساء، وعدم وجود رعاية كافية للأطفال أثناء العمل، كونهما ضمن الأسباب في معدلات المواليد المنخفضة. ومع بلوغ معدل الخصوبة 1,35 طفل لكل امرأة، تصبح إيطاليا دون معدل الاتحاد الأوروبي الذي يبلغ 1,6. بيد أن إيطاليا ليست الدولة الوحيدة التي حاولت تحفيز المواطنين على إنجاب مزيد من الأطفال باستخدام حملات غير معتادة، وربما ينبغي على وزارة الصحة الإيطالية أن تركز عينها نحو الشمال لترى الدول الاسكندنافية، وهي تحاول أن تتغلب على تراجع النسل. وفي الدنمارك، على سبيل المثال، يتم تعليم تلاميذ المدارس في الفصل أنه يجب عليهم إنجاب مزيد من الأطفال. وتأتي الدول الاسكندنافية عادة في قمة العديد من التصنيفات العالمية في العديد من مؤشرات التنمية الإنسانية، ولكنها تتخلف أيضاً من حيث معدلات الخصوبة بالذات. ووفقاً لباحثين مختصين فإن عدم الرغبة في تربية الأطفال هو مجرد جزء من المشكلة، وليس كل المشكلة، بطبيعة الحال وفي حين أن التربية الجنسية قد ركزت حتى الآن على استخدام وسائل منع الحمل والوقاية من الأمراض، فقد نسي من يتولون التوعية الإشارة إلى بعض الجوانب البيولوجية المهمة. وتتراوح نسبة الدنماركيين غير القادرين على إنجاب أطفال ما بين 12- 20% بسبب كونهم بالفعل في سن متأخرة للغاية لاتخاذ قرار الإنجاب. واتباعاً لنصيحة مجلة متخصصة في هذا المجال، فإن لدى وزارة التعليم في الدنمارك الآن معلمين يتحدثون ليس فقط على مخاطر التكاثر والحمل، بل أيضاً عن فوائدهما. والشركات الخاصة لها أفكارها هي أيضاً، كشعار «افعل ذلك من أجل الدنمارك» وهو عنوان الحملة التي تطلقها شركة السياحة الدنماركية «سبايز». وفي فيديو إعلاني صدر عام 2014، أكدت الشركة أن 10% من الدنماركيين ولدوا خارج الدنمارك. وإذا نجح دنماركيون في إنجاب طفل، بينما كانوا في عطلة نظمتها الشركة، فإنهم مؤهلون للفوز بالحصول على حفاظات مجانًا لمدة ثلاث سنوات، علاوة على رحلة إلى الخارج، مع ابنهم، بالطبع. وفي دولة السويد المجاورة، تقدم الحكومة حوافز مالية، حيث تمنح الأب أو الأم مرتبهما كاملًا لأكثر من عام، نظير البقاء في المنزل. *محلل سياسي متخصص في الشؤون الأوروبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©