الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نصر حامد أبو زيد.. رائد تحليل الخطاب

نصر حامد أبو زيد.. رائد تحليل الخطاب
14 يوليو 2010 20:11
توفي يوم السادس من يوليو الجاري المفكر المصري الدكتور نصر حامد أبو زيد أستاذ الدراسات الإسلامية وعلوم القرآن، بجامعة القاهرة وجامعتي ليدن وأوتريخت بهولندا، وأحد رواد علم تحليل الخطاب في الثقافة العربية المعاصرة، عن عمر ناهز الـ 67 عاماً، بمستشفى الشيخ زايد التخصصي بمدينة السادس من أكتوبر، إثر إصابته بفيروس تسبب في التهاب حاد بغشاء المخ، لم تفلح معه محاولات علاجه. ود. نصر أبو زيد أستاذ أكاديمي ومفكر إسلامي، وباحث متخصص في العلوم اللغوية، وعلوم التأويل وتحليل الخطاب وعلوم القرآن والتفسير. اشتهر بدراساته الإسلامية الجريئة في اجتهاداتها، وطروحاته الفكرية المثيرة للجدل، وانتقاداته الحادة للتيارات الدينية المتشددة، التي هدف من خلالها لمنع استغلال السياسة للدين، كما هو الحال في العديد من الدول العربية والإسلامية، ورفض ما يمارسه دعاة التعصب الديني في ادعائهم لمرجعية الإسلام لتبرير أعمالهم، كما حدث في أوروبا العصور الوسطى، حيث تم تبرير محاكم التفتيش في أوروبا بالمرجعية الدينية المسيحية. يقول نصر أبو زيد، الذي كان في شبابه قريباً من جماعة الإخوان المسلمين: “خطابي يهدد خطاب الإسلاميين، لأني أحلله وأكشف النقاب عن الخطأ والتلاعب في خطابهم السياسي. إنهم يعلمون أني لست مرتداً ويعرفون أنه لا يوجد في كتبي وأبحاثي أي دليل يدل على ذلك”. وهي الأفكار والآراء التي حَدَتْ بكثيرين من أنصار التيارات الدينية المتشددة إلى اتهامه بالردة والكفر، مما اضطر معه نصر أبو زيد إلى مغادرة جامعة القاهرة، بل ومصر كلها، إلى هولندا التي عاش فيها منفى اختيارياً. ود. نصر أبو زيد من مواليد العاشر من يوليو عام 1943، بإحدى قرى طنطا بمحافظة الغربية، وأتم تعليمه الأولي بها، إلى أن حصل على دبلوم المدارس الثانوية قسم لاسلكي عام 1960، ليعمل بعدها فنياً لاسلكياً بالهيئة المصرية العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية (1961 ـ 1972م)، كي يستطيع أن يعول أسرته الكبيرة التي أصبح مسؤولاً عنها بعد وفاة والده في 1957م. ولطموحه الكبير ورغبته في استكمال تعليمه وتحقيق حلمه بالالتحاق بالجامعة، تقدم لامتحان الشهادة الثانوية العامة بنظام المنازل، التي حصل عليها بتفوق كبير، مما مكنه من الالتحاق بكلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة، حيث تخرج فيها سنة 1972 وحصل على درجة الليسانس بتقدير “ممتاز”، ثم حصل على درجة الماجستير عام 1976م عن أطروحته “مفهوم المجاز عند المعتزلة” بتقدير “ممتاز”، ثم على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 1979م عن رسالته “تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي”.. وتدرج في المناصب الجامعية من درجة معيد بقسم اللغة العربية إلى درجة أستاذ مساعد، “أستاذ فيما بعد”، وعمل كأستاذ زائر بعدد من الجامعات الأوروبية والمراكز البحثية، كما عمل خلال الفترة “1985-1989م” أستاذاً زائراً بجامعة أوساكا للغات الأجنبية، باليابان. وفي منتصف التسعينيات، أثارت كتابات نصر أبو زيد التيار الديني المحافظ في الوسط الجامعي، بعد أن تقدم إلى لجنة الترقيات بمجموعة من كتبه وأبحاثه العلمية، لكي يحصل على درجة الأستاذية، لكن اللجنة رفضت منحه الدرجة، بعد اعتراض عضو اللجنة الدكتور عبد الصبور شاهين الذي كتب تقريراً حاداً أدان فيه نصر أبو زيد وهاجم كتبه وأبحاثه. وبسببٍ من هذا التقرير، اندلعت أزمة بل محنة أبو زيد التي ظل يعاني منها إلى وفاته، واتهم نصر أبو زيد بالردة والكفر والخروج عن الملة، وتحولت الأزمة لأسباب سياسية من قضية علمية خلافية تناقش داخل أروقة الجامعة إلى قضية رأي عام، ظلت أصداؤها تتردد، طيلة سنوات ثلاث “1993-1995”، بين قاعات المحاكم ووسائل الإعلام. واستناداً إلى مبدأ “الحسبة” المعروف في الفقه الحنفي، والذي كان مطبقاً في قانون الأحوال الشخصية بالمحاكم المصرية، تم رفع دعوى تفريق بين د. نصر أبو زيد وزوجته، الدكتورة ابتهال يونس أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة القاهرة، باعتبار أنه كافر وملحد ولا يجوز لزوجة مسلمة أن تعاشر كافراً مرتداً. وصدر حكم محكمة الاستئناف، الذي أيد بحكم نهائي من محكمة النقض، بالتفريق قسراً بين نصر أبو زيد وزوجته، مما اضطر معه نصر أبو زيد لمغادرة مصر نهائياً هو وزوجته، وتوجها إلى هولندا، حيث عمل هناك أستاذاً زائراً للدراسات الإسلامية بجامعة ليدن، كما شغل كرسي ابن رشد بجامعة الإنسانيات بمدينة أوتريخت، “سمي بذلك تيمناً باسم ابن رشد الفيلسوف الذي كان بفكره جسراً بين الثقافات”، وليواصل هناك مسيرته الجامعية وأبحاثه ودراساته العلمية. ترك د. نصر أكثر من خمسة وعشرين كتاباً باللغة العربية والإنجليزية، هذا عدا عشرات المقالات والدراسات المبثوثة في بطون الدوريات المختلفة.. وتنقسم مؤلفات نصر أبو زيد إلى قسمين متكاملين، الأول، وهو القسم الأهم، يضم مؤلفاته التي تكون مشروعه العلمي الطموح في تأسيس منهج لقراءة التراث في كل علومه ومجالاته المعرفية، ومنها: “الاتجاه العقلي في التفسير ـ دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة”، “فلسفة التأويل ـ دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي”، “مفهوم النص ـ دراسة في علوم القرآن”، “أنظمة العلامات في اللغة والأدب والثقافة ـ مدخل إلى السيميوطيقا” (إشراف مشترك مع د. سيزا قاسم)، “إشكاليات القراءة وآليات التأويل”، “الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية”، “النص، السلطة، الحقيقة”، “دوائر الخوف ـ دراسة في خطاب المرأة”، “الخطاب والتأويل”، “هكذا تكلم ابن عربي”. أما القسم الثاني فيضم مؤلفاته التي قام فيها بنقد التيارات الدينية المتشددة، والكتب التي رد فيها على منتقديه، ودافع فيها عن أفكاره ومشروعه العلمي وعن نفسه ضد خصومه من أصحاب الفكر التقليدي المحافظ، وهي: “نقد الخطاب الديني”، “التفكير في زمن التكفير”، “القول المفيد في قصة أبو زيد”، “البحث عن أقنعة الإرهاب”، “التراث بين الاستخدام النفعي والقراءة العلمية”، “إهدار السياق في تأويلات الخطاب الديني”. ومثل كتابه “التفكير في زمن التكفير” أهمية خاصة في هذا السياق، حيث رد فيه أبو زيد على الاتهامات التي وجهت له ولاجتهاداته العلمية ورمته بالتكفير، كما قدم فيه محاولته لتأصيل موقف إسلامي اعتزالي معاصر من المشكلات التأويلية التي أثارتها كتاباته، التي كان من أهمها إبراز الفارق بين الفهم العلمي للنصوص الدينية وقراءتها من منظور منهجي وبين التوظيف النفعي لها، وكذلك إلقاء الضوء على مفهوم “التاريخية”، ومناقشة مدى الحرية المسموح بها للباحث في مناقشة آراء القدماء، والصراع الدائر بين أهل العقل وأهل النقل المحدثين، والإفادة من منجزات المناهج الحديثة في دراسة النصوص القديمة وتأويلها أو نقد الخطاب الدائر حولها.. البحث عن المنهج كانت الخطوات الأولى لنصر أبو زيد مع إشكالية “المنهج” التي اعترضته مع أطروحته الأولى للماجستير “قضيّة المجاز في القرآن عند المعتزلة”، وهو الموضوع الذي جمع بين ولعه بالفلسفة والأدب من جهة، وبين احتياج قسم اللغة العربية لمتخصّص في الدراسات الإسلامية من جانب آخر. وانتهج في هذا البحث منهج التحليل التاريخي الاجتماعي، الذي يتعامل مع الأفكار على أنها ثمرة العلاقة الجدلية بين حركة الواقع وموقف هذا المفكر أو ذاك من هذا الواقع المتحرك، لا على أساس الانعكاس الآليّ للبنية التحتية في بنية فوقية. كانت هذه بداياته الباكرة مع “المنهج” ومشكلاته. ونشرت هذه الدراسة بعنوان “الاتجاه العقلي في التفسير - دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة” “المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء، عدّة طبعات”. وامتداداً للدراسة السابقة، وانطلاقاً من النتائج التي توصل إليها في الماجستير، اتجه نصر أبو زيد إلى محاولة اكتشاف منهج التأويل في مجال الفكر الصوفي، من خلال أطروحته للدكتوراه “تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي”.. وذلك من خلال دراسته للعلاقة بين الفكر والنص الديني، واستكناه طبيعتها ومناقشة المعضلات التي تثيرها، وذلك استكمالا للجانبين الرئيسيين في التراث: الجانب العقلي كما يمثله “المعتزلة”، والجانب الذوقي عند “المتصوفة”.. وبهذا مثلت هاتان الدراستان “الماجستير والدكتوراه” حجر الأساس في مشروع علمي طموح ـ سيستكمل أبو زيد جزءاً كبيراً منه فيما بعد ـ ينبني على إعادة النظر في التراث الديني بكل جوانبه من خلال منظور علاقة المفسر بالنص، وما تثيره هذه العلاقة من معضلات على المستويين الوجودي والمعرفي على السواء، سعياً لتأسيس تيار اعتزالي عقلاني معاصر، يواجه متغيرات الدنيا، ويتصدى لمشكلاتها من منظور “علماني” يجسد الالتزام بالعقل، حجة الله على خلقه، ومرجعه في ثوابهم وعقابهم. الخطاب التأويلي تقوم قراءة الدكتور نصر أبو زيد، سواء من حيث منهجها العلمي أو من حيث مضمون نقدها للقراءات القديمة والحديثة للتراث على أسس خطاب تأويلي حديث، يقول د. نصر عن مشروعه في قراءة التراث وتحليل الخطاب، في مقدمة كتابه “النص، والسلطة، والحقيقة”: “إن الخطاب الذي يطرحه هذا الكتاب يعد في جانب منه تواصلاً مع خطاب عصر النهضة في جانبه الديني، ليس بدءاً من محمد عبده حتى محمد خلف الله أحمد، بل هو تواصل مع هذا التراث في بعده الأعمق المتمثل في الإنجازات الاعتزالية - الرشدية - ولكنه تواصل يمثل الامتداد النقدي لا لخطاب النهضة فقط بل للخطاب التراثي كذلك”.. ويقول د. محمد حافظ دياب في كتابه “الإسلاميون المستقلون” عن ملامح هذا الخطاب عند نصر أبو زيد: “وهو الخطاب “أي الخطاب التأويلي” الذي تبناه نصر أبو زيد في كتبه وأبحاثه، وهو الذي أثار ـ وما زال يثير ـ سجالاً حاداً وصل إلى إدانة صاحبه بتهمة الكفر والمروق من الدين، ولعل هذا يعود في الأساس إلى أن “التأويل” كفعل منطقي عقلاني لم يكتسب شرعيته إلى الآن في فكرنا العربي المعاصر، حيث يرى خصومه من أصحاب الفكر التقليدي المحافظ أنه جنوح عن المقاصد والدلالات الموضوعية، ودخول في باب إثبات عقائد وضلالات من خلال تحريف عمومي للدلالات والمعاني.. وفكرة “التأويل” عند أبو زيد، تعني لديه تمثل الدلالات الكاشفة والمشتركة بين أسئلة الحاضر والواقع المعاصر ومعطيات “النص”، وذلك عن طريق تجاوز منطوقه الظاهري والالتفات لكثافة معناه والمفاضلة بين أوجه احتمالاته المنطقية المتعددة..” أما عن مفهوم “النص” عند أبو زيد، الذي أثار الكثير من اللبس والالتباس وجعل كثيرين يتهمونه بالتجديف والمروق، فيعود بالأساس إلى استخدامه لهذا المفهوم المحوري في علم تحليل الخطاب، في معظم كتبه ودراساته، وبالأخص في كتاب “مفهوم النص - دراسة في علوم القرآن”، حيث أوضح أن القرآن الكريم نص لغوي، يمثل في تاريخ الثقافة العربية النص المحوري، ومن هنا يمكن وصف الحضارة العربية الإسلامية بأنها حضارة “النص”، بمعنى أنها حضارة انبنت أسسها وقامت علومها وثقافتها على أساس لا يمكن تجاهل مركز “النص” فيه.. وينتقد أبو زيد في هذا الكتاب القراءة “التفسيرات” التقليدية للقرآن، ويدعو إلى تفسير علمي منهجي مدعوم بالأدلة والحجج، ينطلق من النص ليصنفه في سياقه التاريخي، فيفرّق بين المعاني العقائدية والمعاني التي فرضها السياق التاريخي. ويؤكد أن القراءة المعاصرة للقرآن يجب أن تستعين بمناهج علوم اللغة والتاريخ، خاصة أن النص القرآني يحتمل قراءات وتفسيرات مختلفة. وقد ظهرت في التاريخ الإسلامي قراءات وتفسيرات متنوعة قبل أن يحتكر المسلمون المتشددون تفسيراتهم الأحادية المنفردة لمعاني القرآن الكريم، والتي حصروها في إطار المسموحات والمحرمات لا غير. ويفرق نصر أبو زيد، ومن منظور علم تحليل الخطاب، بين النص “الأصلي” والنص “الثانوي”.. وفي التراث الإسلامي يمثل القرآن الكريم “النص الأصلي”، والنصوص الثانوية هي التي تبدأ بالنص الثاني، وهو نص السنة النبوية المشرفة، التي هي في جوهرها شرح وبيان للنص الأصلي الأول “القرآن الكريم”. وبناء على التفرقة السابقة، فإن اجتهادات الأجيال المتعاقبة من العلماء والفقهاء والمفسرين تعد نصوصاً ثانوية أخرى، من حيث هي شروح وتعليقات على النصين الأول والثاني، “القرآن الكريم” و”السنة المشرفة”. وظّفَ أبو زيد مفاهيم “النص”، و”صياغة الذاكرة” في كتابه “الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية”، وهو الكتاب الذي أثار عليه ثائرة خصومه، والذي حاول فيه أن يقدم قراءة جديدة من حيث المنهج والرؤية والتناول، تبدأ من تحليل النصوص التي بنى عليها الإمام الشافعي مفهوم “الوسطية الدينية”، معارضاً رؤية الإمام الشافعي لتلك النصوص انطلاقاً من منظور مغاير. وقامت قراءة أبو زيد لمفهوم “الوسطية” لدى الإمام الشافعي، أو بالأحرى نقده لذلك المفهوم، على أساس أن بنية العقل العربي الإسلامي قد اعتمدت، منذ تدشينها وحتى يومنا هذا، على “سلطة النصوص” بعد أن تمت صياغة الذاكرة “الجمعية” في عصر التدوين - عصر الإمام الشافعي - طبقاً لآليات الاسترجاع والترديد والحفظ، وتحولت الاتجاهات الأخرى في بنية الثقافة أو الواقع الحي المعيش، كالاعتزال والفلسفة العقلية، إلى اتجاهات هامشية.. وواصل أبو زيد اجتهاداته العلمية، متسلحاً بمعرفته العميقة ودراسته المتأنية لعلوم اللغة الحديثة ونظريات التأويل “الهرمنيوطيقا”، وعلم تحليل الخطاب، حيث كان يطمح إلى تأسيس منهج نقدي لدراسة الخطاب الديني، بمختلف أشكاله وتجلياته، القديم منها والحديث، على أسس علمية حديثة، محللا خطابات المسلمين عن الإسلام، كاشفاً عن العناصر التكوينية لها ودلالاتها المستنبطة منها، موضحاً أن استخدامه لمصطلح “نقد الخطاب الديني” لا يعني نقد الدين، إنما يعني نقد مفاهيمه التأويلية وتصوراته التفسيرية في أذهان المؤمنين به أو الممارسين له أو الدارسين لنصوصه على السواء، يحكمه في كل ذلك إطار مرجعي يستند إلى الميراث العقلاني للمعتزلة على وجه الخصوص. سجال فكري أثارت قراءة نصر أبو زيد النقدية للفكر الديني والفكر التنويري، جدلاً كبيراً في الحياة الفكرية والثقافية، وعارضه البعض فيما قدم من آراء وأفكار وانتقده آخرون، وكانت هذه القراءة مادة خصبة للدراسة والرد والنقد بل والنقض في بعض الأحيان. وكان النصيب الأكبر من النقد بل من الهجوم الحاد العنيف من أصحاب التيار الديني، فرد عليه كثيرون، منهم: محمد جلال كشك في “قراءة في فكر التبعية”، ود. عبد الصبور شاهين في “قصة أبو زيد وانحسار العلمانية في جامعة القاهرة”، ود. رفعت عبد المطلب في “نقض كتاب نصر أبو زيد ودحض شبهاته”، وسيد العفاني في “أعلام وأقزام”، ود. محمد سالم أبو عاصي في رسالته “مقالتان في التأويل - معالم في المنهج ورصد للانحراف”، وطارق منينه في رسالته “أقطاب العلمانية في العالم العربي والإسلامي”، ود. محمد عمارة في “التفسير الماركسي للإسلام”، ود. محمد سليم العوا في “الحق في التعبير”، وغيرهم. وهناك من قدم قراءات حاولت تحليل مؤلفاته تحليلاً عقلانياً انطلاقاً من زوايا منهجية مختلفة لمشروع أبو زيد الفكري، محللاً وناقداً وكاشفاً عن الملامح العامة للمشروع الفكري له، منهم: د. جابر عصفور في فصل “مفهوم النص والاعتزال المعاصر” من كتابه “هوامش على دفتر التنوير”، ود. حسن حنفي في “حوار الأجيال”، ومحمود أمين العالم في فصل “منهج نصر أبو زيد في نقد الفكر الديني” من كتابه “مواقف نقدية من التراث”، والمفكر اللبناني د. علي حرب في كتابه “استلاب الإسلام من جارودي إلى نصر أبو زيد”. ويمكن القول، ختاماً، وكما جاء في تقرير اللجنة الثانية للترقيات الجامعية إن “جهده العلمي المتنوع الخصب يقدمه لنا باحثاً راسخ القدم في مجال البحث العلمي، قارئاً مستوعباً لتراثنا الفكري الإسلامي، محيطاً بفروعه المختلفة ما بين الدراسات الإسلامية من أصول وكلام وفقه وتصوف ودراسات قرآنية وبلاغة وعلم لغة... وهو لا ينتقد إلا بعد أن يستوعب القضايا التي يتعرض لها، ويستقصي بحثها، ويستعين في هذا البحث بالمناهج القديمة والحديثة. وهو بعد ذلك مفكر متحرر لا يتوخى إلا الحقيقة”.. إن مجمل دراسات وكتب نصر أبو زيد تنتسب، في النهاية، إلى “اتجاه عقلاني مستنير”، وتقوم على تأمل فاحص مدقق للتراث، ومناقشة للاتجاهات الحديثة والطاقات التنويرية المنفتحة على العالم في توجيه الخطاب الديني على أساس من الاعتراف بالدين بصفته جوهرياً في أي مشروع للنهضة التي بدأت مع مطالع القرن التاسع عشر ولم تكتمل حتى الآن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©