الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عرس الدم» بكل اللغات

«عرس الدم» بكل اللغات
14 يوليو 2010 20:13
كان الأدب الإسباني حاضرا بقوة على المشهد المسرحي بالأردن حيث قدمت مسرحيتان، الأولى “فصيل على طريق الموت” للروائي الفونسو ساستري، وتتحدث عن مجموعة من المحكوم عليهم بالإعدام يوضعون في كمين متقدم على الحدود تحت قيادة ضابط بالجيش لمواجهة هجوم متوقع للعدو خلال 45 يوما، ويمنحون حريتهم إذا نجوا، لكن الخلافات تنشب بينهم فيقتتلون ويموتون قبل وصول العدو. أما الثانية فهي “عرس الدم” التي نحن بصدد استعراضها والمقتبسة عن رواية غارسيا لوركا، وتتناول قضايا الثأر وجرائم الشرف وحق المرأة في الحب. ففي “عرس الدم” كائنات أحرقتها عاطفة عميقة لا جدوى من النضال ضدها واستعدادات لزواج تشوبها الهواجس والنذر حيث التنافس بين عائلتين ورجلين على امرأة تتنازعها جاذبية خطيبها الذي يمنحها سلام النفس وراحة البال وجاذبية الحبيب الطاغية من جهة أخرى. الثأر.. فكرة طاغية يقول مخرج المسرحية حسين نافع عن العمل: الفن يصيغ وجدان الإنسان جماليا وفكريا وخياليا، وبطبيعة الحال لا يوجد عمل فني لا يخلو من مضمون، ففي “عرس الدم” ثمة محاولة للمس التلقائي والعفوي في النفس الإنسانية التي تنتمي للطبيعة الأم، حيث تتصارع قوى وغرائز كامنة في الشخصيات لا يحد منها قانون، بحيث تنقاد لعفويتها ودوافعها الأولية بعيدا عمّا اصطلح على تسميته بالمجتمع المتمدن، وتتناقض هذه الدوافع والقوى بين مفاهيم الطهارة والدنس والشرف والكبرياء وغيرها من القيم التي تسود المجتمعات المحافظة، أو الأشبه بالمجتمعات القروية في عالمنا العربي، وتكون المرأة ضحيتها كالعادة. ويرى المخرج إن المرأة في “عرس الدم” وبسبب القيود في المجتمع لا تصرح عن رغباتها الدفينة، ولا تنقاد إليها إلا بحدود، وعندما تتجاوزها انتصارا للخلاص الروحي والعاطفي تكون نهايتها مأساوية. وحول قضية الثأر التي تركز عليها المسرحية يقول: إن الثأر قيمة اجتماعية وفكرة طاغية في مجتمع “عرس الدم”، ولا زالت موجودة في مجتمعاتنا العربية المعاصرة وإن كانت بشكل مختلف، كذلك فكرة وقيمة الشرف التي تتحدد كامتداد لثقافة مجتمع طبقي إقطاعي ساد ويسود إلى حد كبير في قرانا وأريافنا العربية، وهي جزء من كيان الطبيعة البشرية التي لا تنتمي للحضارة والمجتمع المتمدن الذي تحكمه قوانين تشمل الجميع. فالقتل في “عرس الدم” يعود في النهاية بالكارثة على الشخصيات كافة التي ما زالت حية بأجسادها لكنها منتهية معنويا وروحيا. ويضيف: رسالتي محاولة إعادة التفكير بهذه القيم وتفهم دوافع النفس الإنسانية في الحياة التي هي أعقد من أن تصاغ بقانون أو عرف وهناك إدانة للقتل بشكل عام وسخرية من الثأر، وهو ما يعبر عنه نص من المسرحية: “ملعونة كل السكاكين والشقي الذي اخترعها والبنادق والمسدسات وكل مدية مهما صغرت ملعون كل من يستطيع تمزيق جسد رجل”. تعريب النص وردا على سؤال حول تعريب النص قال نافع: نحن لم نعرب النص بل ترجمناه، ولم أكن معنيا بتعريبه من خلال العرض لأن هذه ليست مهمة الفنان، بل كنت معنيا بالمادة الإنسانية والصراع الإنساني والمحتوى الفكري الذي هو بالضرورة يتعلق بالإنسان في كل زمان ومكان. وأضاف: ولا يعني تقديم نص عالمي بأننا نفتقد النصوص، لكن المخرج أو الممثل في خياراته المسرحية معني بالفكر والمادة الإنسانية، وأي نص يشكل استفزازا للمخرج أو الممثل من خلال البناء والمحتوى والجمال الفني هي أساسيات تشد الفنان لتناولها وتقديمها للجمهور. ويتابع: في هذا العمل هناك رؤية الصورة البصرية المعتمدة على الحركة المموسقة وبين المشهد الدرامي المنطوق والتنوع في الأساليب الفنية، فكل مشهد يخضع لأسلوبية فنية مختلفة عن المشاهد الأخرى، وخلق وحدة تجمع هذا التنوع، وكان حضور لغة الجسد على المستوى التعبيري بقوة تضاهي دفق الكلمات ودوافعها العاطفية. أم فلسطينية وعن دورها في المسرحية قالت بطلة العمل الفنانة نهى سماره إنها تؤدي دور أم مفجوعة بفقدان زوجها وولدها لكنها تتمتع بقدرة غير عادية على الاحتمال رغم سيطرة مشاعر الثأر داخلها على الذين قتلوا زوجها وولدها، يرافقها الخوف الزائد على ابنها الوحيد من أن يلاقي نفس المصير. وتضيف إنها أحست وهي تقف على خشبة المسرح أنها تمثل الأم الفلسطينية “أمي” وقدرتها على التحمل غير العادي، وخاصة تلك التي ودعت شهيدا أو تنتظر أسيرا يتشوق للحرية وبقيت صابرة صامدة. ويرى المخرج بندر الشريف إن استخدام اللغة العربية الفصحى كان موفقا حيث ركز على قضية جرائم الشرف “رغم هربي ما زلت أحتفظ بطهارتي وأتحدى” في أشارة لكثير من الجرائم التي وقعت واكتشف الطب الشرعي أن الضحايا عذراوات. لكن الشريف رأى أن رقصات الفلامنكو لم تكن مبررة واستخدام القالب الغجري يحمل إسقاطات على البدو العرب الرحل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©