الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعمال فدائحية تتصدع أمامها الروح

أعمال فدائحية تتصدع أمامها الروح
14 يوليو 2010 20:13
تمتلك أعمال الفنانة التشكيلية الإماراتية ابتسام عبدالعزيز أن تخلخل روحك.. بل تعرضها أمامك سائلة مثل دم حار طازج.. فلا تملك لكي تسلَم بالباقي من عقلك، في زمن يبتلع عقولنا بشهية مفتوحة، إلا أن تسلِّم لها طائعاً مختاراً وتدخل إلى العوالم التي تفتحها لك. هناك، لا ينفع البصر وحده بل لا بد من البصيرة، بصيرة نافذة، عميقة، لها من الوعي ما يمكنها من قراءة هذا البوح الفني المؤطر في سلاسل من الفكر والأنظمة، والخارج في الوقت نفسه على الأنظمة. هناك، لا ينفع السمع وحده بل لا بد من الإصغاء البالغ الرهافة لكي تلتقط الروح ذلك التعالق الخفي والشفاف بين مفردات العمل، وتأخذ حصتها الجمالية من العمل المطلوب منها المساهمة فيه أو الاندغام في مناخاته على الأقل. هناك، بين البصيرة والإصغاء يتحرر العقل من مألوفيات اليومي والفكري، ويشعر المرء انه ما زال يمتلك رأساً طازجاً لا بأس به، يمكنه أن يقرأ شيئاً مختلفاً، ويحلل خطاباً لا يخلو من السخرية والمرارة والهجاء المعلن والمبطن لرقمنة البشري، وإدخاله في طقس من الحالات الاستهلاكية التي تلد نفسها في متواليات لا نهائية من العبث، وإدراجه في عالم ديجيتالي لا يشكل فيه سوى رقم يتكرر في اشكال نظامية، يتدخلن فيها الحقيقي بالوهمي، كل هذا وغيره يصوغ عوالم هذه الفنانة الباحثة عن الخافي والسري والمسكوت عنه في كل ما يحيط بنا. تتميز أعمال الفنانة التشكيلية ابتسام عبد العزيز، بنظرتها التفكيكية لمظاهر الحياة اليومية، وقدرتها على تحويل الثيمات العادية إلى رموز فنية ذات دلالات سيميائية قابلة لاحتمالات قرائية تتوالد ولا تتوقف عند معنى او دلالة بعينها، علاوة على التغير الدائم في طبيعة الأعمال وعدم الركون الى شكل بعينه بحيث تقدم في كل مشروع من مشروعاتها شكلاً اقتراحياً مختلفاً عن سابقه. وهي تعزو هذا التغير وعدم النمطية في اعمالها الى اطلاعها المستمر على ما يجري عالمياً في الفن، وتأثرها بالفن النظامي المفتوح على الاضافة، علاوة على دراستها للرياضات وقراءاتها وترجماتها في حقل الفن التي أتاحت لها معرفة واسعة يمكن التماسها في اعمالها، وحجزت للرقم مكانة وحضوراً يلفتان النظر. السخرية إلى آخرها تستخدم ابتسام الرقم في تشكيلات تمتاز بالغنى والتنوع الشكلي والمضموني، وتستفيد منه كعلامة ذات بعد أيقوني تختزن الكثير من الدلالات، ومن خلاله تجسد حالة التشيؤ التي يعيشها الإنسان المعاصر وصراعه المستميت لإنقاذ روحه من ربقة الآني والاستهلاكي. في عملها سيرة ذاتية “03 - 05” ترصد أحداث حياتها اليومية في الفترة من 2003- 2005 فلا تجد أفضل من سلسلة الأرقام لتروي الأحداث التي مرت عليها فيما تتقمص هي شخصية الراوي الشاهد لما يجري والشاهد عليه في الوقت نفسه. فالسلسلة الرقمية (أوراق البنك التي جمعتها الفنانة طوال هذه الفترة الزمنية) صارت سيرة ذاتية تؤرشف الحدث والوقت والزمن وتختصر الواقع اليومي. وحسب ابتسام فإن “مجموعة الأرقام الطويلة عبارة عن تقارير مطولة تعتمد على أسلوب التراكم في تكديس الحوادث اليومية وتكرارها وصولا بالمتلقي الى صورة منظمة بشكل انتقالي. انما اختفت الاماكن والاشياء وبقيت عناصر الأرقام التي رمزت للبعد الزمني والإنساني، فالعمل يحمل طابع الخصوصية في اسلوب النسج القرائي الذي يخرج بانطباع عام مختلف في محاولة شبه تسجيلية ذات حقيقة ومصداقية”. وفي طريقة عرض العمل (لوحة مضاءة معلقة على الجدار موضحة عليها الارقام، والتواريخ والازمنة المسلسلة والمبالغ المالية) ومصاحباتها (فيلم يروي احداثاً توضح بأن فكرة العمل أبعد عن كونها مجرد ارقام رياضية، وان الفيديو ليس مجرد تصوير لواقعة تسجيلية، يعرض من خلال شاشة تلفاز داخل الكابينة التي تم تصميمها بنفس المواصفات والقياسات الخاصة بجهاز الصراف الآلي نفسه). هذه الطريقة التي ألغت سمة الآلة الوظيفية والمنفعية وحولتها الى جهاز لعرض الأفلام تجمع الى البعد الاجتماعي والإنساني بعداً آخر يتمثل في نقد البعد المتحجر الصارم، الذي يجرؤ على تحويل السيرة الحياتية الى ارقام.. تواريخ.. واوقات متسلسلة، وهو ما توضحه ابتسام بقولها: “من خلال تتبع المتلقي لهذا العمل يكون قد ادرج ضمنه وتحول من الحالة الاجتماعية الانسانية الى الحالة الاستهلاكية الرقمية التي تتصل بالاهتمامات الشخصية والمادية، فهنا يقف المتلقي بالطبع أمام عمل يتمرد على موضوعات وممارسات حياتية يومية ليتم ادراجها ضمن سياق العمل. هناك تضمين في هذا العمل لدرجة السخرية والعبث عن طريق تحويلها الى ارقام ورسوم تخطيطية، حيث كشفت عن أسلوب ساخر يزيد العمل إثارة، فمن هنا كانت الرؤيا العامة للعمل أقرب ما تكون للتعتيم والتجريح وصارت الخصوصية سمة جوهرية له”. ولا تبتعد ابتسام في عملها “سيرة ذاتية 03 -07” والذي تعتبره الجزء الثاني والمكمل لعملها السابق، عن فكرة التشيؤ لكنها هنا تمزج بين الجانب التوثيقي والجانب الدرامي المسرحي. ها هي ترتدي سيرتها الرقمية التي توثق أحداثاً مرت بها طوال الفترة من 2003 - 2007 وتخرج بها الى الشارع، تجلس في المقهى أو ترتمي فوق ركام من القمامة والمهملات. ها هنا عرض حي لتحول الإنسان الى مجرد شيء مهمل ومتروك وفائضاً عن الحاجة، تقول ابتسام: “التمثيل الحركي في الفيديو يعرض مشهداً حركياً مقصوداً، هو ذات المشهد الذي نؤديه بشكل يومي، إلا أنني أقدمه بطريقة ساخرة مناقضه لواقع الحياة، فالعرض يقدم نقدا ساخرا يصور فيه واقع العالم الاستهلاكي، ويشير إلى تحول الإنسان في سلوكه الى مجرد رقم، فكأنما جسد الفنان تحول الى (أيقونة مألوفة) أو أي ماركة تجارية معروفة تطبع على القمصان، أو حتى توضع على اللوحات الإعلانية الضخمة. وقد اتجهت في العرض إلى اختيار الأرقام ذات الألوان المبهرة واللافتة للانتباه أيضا باستخدام التقنيات الحديثة للإعلانات، والتي بدورها تشد انتباه المشاهد، تماما بنفس الطريقة التي تُفرض علينا وتستهلكنا بشكل يومي. هذا العمل كسائر العروض الادائية (عروض فن الجسد)، والذي غالبا ما يصبح جسد الفنان هو النقطة المركزية التي يلتقي فيها العنصر الفيزيائي والاجتماعي. فحين ارتدي هذا الزي (الذي يحمل سيرتي الذاتية) وأمضي به إلى الخارج، أرمز لأمور مجردة ضمن سياق أحداث الحياة التي تجري بمنطق العصر، سريعة ومتلاحقة، تتراكم أحداثها وتختزن في ذاكرتنا، في صورة تحمل إحساسا عميقا بالكبت الذي يعاني منه الملايين، فتبدو الأمور وكأنها عاديه، أو اعتيادية إلا أنها في حقيقة الأمر محزنة، فكأنما نقنع بأن الاستهلاك بات أمر مسلّم به”. توريط مع سبق الإصرار ليس في الأمر عفوية أو تلقائية، بل تسعى ابتسام عن سابق اصرار وتصميم، الى زج المتلقي في العمل الفني و توريطه في الحضور الشخصي ضمن مفرداته، ففي عمل لها بعنوان: “رؤية ووهم” وهو عمل فيديو يصور صندوق الضوء الذي يستخدمه الطبيب لفحص النظر لا تكتفي بالعرض او تسجيل الحوار المتكرر بين الطبيب والمريض، بل تلجأ الى طريقة في العرض تدخل المشاهد بشكل اجباري وقسري الى ممر ضيق معتم ينتهي في آخره بشاشة، في هذه اللحظات من السير في الغامض والمعتم يستحضر كل مشاهد خبرة ما او ذكرى ما ويهجس بشيء مختلف تماماً عن الآخر. بعضهم يتذكر عتمته الشخصية فيما يفكر البعض في العتمة العامة التي تلف بعض المجتمعات الفاقدة لحريتها وحقوقها او تلك التي تقاد الى مصائر لا تعرف نهايتها.. ها هنا شيء تقول ابتسام “لا يمكن رؤيته إلا ببذل مجهود جسدي مقصود”. وتضيف: “من خلال الطبيعة شبه الدكتاتورية لتركيبي الفني وبقيادة المشاهد خلال ممر غير معلوم، حاولت أن أمثل التلاعب الدكتاتوري الذي يمارسه بعض الحكام على رعاياهم”. كذلك في عملها “رقم وحياة” الذي يتكون من صورتين فوتوغرافيتين كبيرتين لأيادٍ وأرشيف مرتب أبجدياً لمئات من صور الأيدي التي التقطتها لأناس لا تعرفهم، وجعلتهم جزءاً من العمل، كما تركت للمشاهد أن يكون هو ايضاً جزءاً منه وكل ما عليه أن يلتقط صورة ليده لتنضم الى الأرشيف ثم تعرض مع العمل في المرات المقبلة. من جهة ثانية، عرضت ابتسام شيئاً من المعلومات عن صاحب اليد لكنها تركت كلاماً كثيراً مختفيا في اليد نفسها، اليد التي باتت علامة سيميولوجية يمكنها ان تقدم لنا سيرة ذاتية عن صاحبها، فيد العامل في قطاع البناء تختلف حتماً عن يد الموظف، ويد الفقير تختلف عن يد الغني، ويد المرأة تختلف عن يد الرجل، والرجل المسن عن الطفل وهكذا... تخبرنا اليد معلومات واسعة عن الإنسان بحيث تغدو مفتاحاً للشخصية وسجلاً لسيرة الإنسان وآثار الزمن التي ظلت تقيم على يده. كذلك في عملها الموسوم بـ “الرقم والزمن” الذي عملت فيه على اختبار العلاقة بين الإنسان والزمن في وجوهها المختلفة، لتفتح بابا واسعا على الأسئلة وتتحرش بشكل صدامي مع فكرة الموت والحياة التي ترتبط على نحو غامض بكيفية إدراك الزمن، ذهبت أيضاً إلى زج المتلقي في العمل نفسه بحيث وفرت له إمكانية التعامل بجسده مع العمل من خلال قيامه بتنفيذ أو أداء حركات معينة بيده بدلاً من ان يقف أمام العمل متفرجاً. وفي اشتغالها على العلاقة الخاصة بين الجسد والمعايير المختلفة للزمن والمرتبطة بالرقم الذي عبر عن التاريخ الزمني للحياة البشرية لم تكن الفنانة تقدم صورة على التعبير الزمني والداخلي للأشخاص الذين قامت برقمنتهم فقط، بل وضعت المتلقي في صورته الذاتية عن نفسه ولفتت انتباهه الى أثره الخاص والشخصي في مسيرة الزمن. وأمام الأرقام المتروكة يتساءل المرء عما إذا كان حضور البشري في هذه الحياة مجرد عبور مؤقت، مجرد رقم يمتلك إحالاته في بصمة تختزن فرديته وفرادته. أعمال تحريضية يمارس العمل الفني فعله التحريضي/ التساؤلي/ الاستكشافي داعياً الى التأمل وإعمال النظر والفكر فيما يسكن فينا ويسكن حولنا من ظواهر وأحداث وخبرات وسلوكيات لا تعود مع النظرة الجديدة تمر مرور الكرام، بل تكتسب (لؤمها او خبثها المعرفي – بالمعنى الجميل لهذه الألفاظ) بحيث لا يعود مرورها مروراً بريئاً. ولا تختلف اعمال ابتسام في هذا المنحى بل على العكس تماما تتوفر على الكثير من التحريض والاستفزاز العقلي، سواء لجهة الفكرة نفسها او شكل العمل او طريقة العرض، اذ غالبا ما تتضافر جميعاً لتنجز مقولتها الخاصة حول الفن والإنسان وعلاقة الفنانة بالاثنين، في سبرها لأغوار النفس البشرية وعتماتها وتشظياتها. تخبرنا الحقائب من غير ثرثرة كل شيء عن شخصية صاحبها؛ هنا ايضاً تختلف حقيبة الرجل عن المرأة، ورجل الاعمال عن العامل الفقير، والمهندس عن الحداد او النجار... أي أنها تقدم لنا معلومات عن طبيعة الشخصية والعمل الذي تمارسه والطبقة الاجتماعية التي تنتمي اليها واهتماماته و... وغيرها. الرياضات بوصفها فناً في أعمال أخرى مثل “المثلثات العشرة” و “الاحتمالات الأربعة” تتبدى علاقة الفنانة بدراستها الأكاديمية: الرياضيات، هذا التخصص العلمي البحت الذي يندر أن تترجم علاقته مع الحياة العملية إلا عبر الاقتصاد، يتحول مع ابتسام وفي أعمالها الى حامل فني وجزء رئيس من العمل. ها هنا تتجسد بشكل عملي العلاقة بين الفن والعلم، وهي بالتأكيد علاقة كانت على الدوام موجودة وتفاعلية، وتبدو الرياضيات فناً ثرياً شديد الغنى وقادراً على أن يترجم الأشواق الروحية والإنسانية. إنها أعمال تبرز جماليات التنظيم أو جمال النسق النظامي في شكله الهندسي او الرقمي، فلا يبقى الشكل محصوراً في انتظامه او مألوفيته التكرارية بل ينفتح على احتمالات شتى ويكتسي معان أخرى لا تفطن إليها العين على المستوى البصري، ولا ينتبه لها العقل على المستوى الإدراكي.. وإذ تعيد الفنانة صياغتها ووضعها في انساقها الفكرية الجديدة تتبدى ثراءات والوان من الاحتمالات تعكس غنى الحياة البشرية ذاتها وآفاق العقل الإنساني الذي لا يحده حد. تقول ابتسام عن هذا العمل: “الاحتمالات الاربعة” عمل تحرر من استخدام الدرجات اللونية ذات المزج اللوني الموحي بالجمال، فلا تهدف هذه النوعية من الاعمال الى ادراك الانسجام والتناسق اللوني، بل هناك ثبات وتكرار في ذات الوقت وفق نظام يتعامل مع الالوان و الاشكال و الارقام، ويتم من خلاله إثبات عدم التشابه لهذه الارقام. فإذا كانت عمليات الجمع في الرياضيات تبادلية (العملية ( 1+2=3) و (2+1= 3) إلا أن عمليات الجمع في الفن ينتج عنها أشكال مختلفة من حيث الرؤيا البصرية للعمل، فاختلاف ترتيب الألوان يؤكد أن هذه الاحتمالات تكون مختلفة وغير متشابهه في الالوان و في الشكل العام. دماغي في مرمى الرصاص تبحث ابتسام عن الفن في كل شيء، ما يخطر او لا يخطر على البال، ففي واحدة من سرحاتها الفنية المبتكرة قررت أن تسبر غور إنسان يتدرب على الرماية وأن تكتب سيرته فنياً، تقول: “عمدت الى جمع الأوراق التي يستخدمها كأهداف ليمارس تمارينه في الرماية، وبعد شهر من جمع هذه الأوراق قمت بحفر النقاط التي تبدو أشكالاً مجردة على الأكريليك المضاء من الخلف، لتعبر هذه النقاط عن الشعور الإنساني لهذا الشخص أثناء قيامه بتلك التمارين، وحالته النفسية بخلفياتها الاجتماعية التي يعيشها وهو يصوب، لتبدو وكأنها صفحة يومية من حياته كإنسان، أو كأنها كلمات خطها صاحبها لكي يعبر من خلالها عن حالته النفسية في ذلك اليوم”. كذلك تذهب ابتسام في عملها “دماغي” إلى منطقة ربما يصعب ان يجد فيها الفنان موحيات جمالية، لكنها تبحث في صورة الدماغ الملتقطة عبر الأشعة عن شيء آخر غير ما يبحث عنه الطبيب، تقول: “دراسة طبيبي لدماغي بيولوجيا، كانت مغايرة لدراسة الفكر الذي يحويه بوصفه ذو واقع ثقافي فكري نفسي واجتماعي، فالعلم يبحث عن تشريح مدى تعقيد هذا المركب، بينما ابحث عن الظواهر الانسانية داخل العقل البشري والذي لا يقوى اي منهج على رؤية التعقيد الشديد الذي يميزه، فمن المسلم به ان التوجه إلى دراسة العقل كانت تتم فقط ضمن السياق العلمي، إلا أن في اعماقي فضولا للتحقق من كيفية فهم حواسنا، من خلال اكتشاف العلاقة الداخلية بين ما هو مرئي وما هو مسموع وما هو ملموس، حيث أننا ملزمين بتفحص الارتباطات المحتملة بين الحواس لخلق اشكال جديدة من الادراك، والذي هو أساس عملي (My Brain ). حيث اطرح من خلاله طرقا مغايرة في رؤية، سماع، وفهم نظام الطبيعة”. أما عملها “مكعب الحياة” الذي يمتلك المتعة والغموض فتؤكد أنه “نظام تسويقي متكامل للعبة مكعب روبك (R bik C be) الشعبية، وفيه تتمرد على النظام، لتنجز مشروعاً ذو سياق شعبي، فكري، سياسي، سلوكي، اجتماعي، قانوني ومادي بشكل غير مباشر، ولتبرز من خلاله إدانتها للفكر الشمولي والاستبدادي. فنظام العمل، كما تقول، هو نظام شمولي، يشمل أوجه المكعب الستة، بالتالي هو نظام استبدادي يهيمن على جميع مستويات العرض، حتى انه يفرض على المشاهد طريقة جلوس معينة، وطريقة مقيدة لليدين، وذلك عند ادخالها في صندوق المكعبات الشفاف، هنا يصبح المشاهد جزءاً من العمل، بل ممثلاً يؤدي بنفس طريقة الأداء المتبع في اسلوب نظام حياته اليومي، ضمن خطط مكررة لكل الممارسات الحياتية المرتبطة مع بعضها بمجموعات من الانظمة غير المنظمة. إلا انه وبعد تلك الاستثارة وعمليات السلب، تأتي لحظة النسيان السعيدة والوصول الى التحرر المشروط، الذي يتسم بالقسوة، إلا أن مفهوم القسوة هنا، يتمثل في إدراك أن المعرفة تقودنا إلى تفضيل عدم المعرفة!. أخيراً، ربما تعتمد ابتسام عبد العزيز في “أشكالها الوهمية” على تناقض الخطوط السوداء مع الخلفية البيضاء، وربما تبحث عن عدم الثبات في النظم التي تبدو ثابتة وحقيقية، وربما تشعر، وهي تطارد أسئلتها المؤرقة حول تحرير الفنان والتغيير المرغوب، أن الفوارق معدومة بين الحقيقي والوهمي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©