السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفلسطينيون··· بتسليم والسلاح السلمي

الفلسطينيون··· بتسليم والسلاح السلمي
20 أكتوبر 2008 02:21
تؤكد ''نهلة محمود'' -الفلسطينية التي تعيش في قرية ''عصيرة الشمالية'' بالضفة الغربية- أن الهجمات التي تتعرض لها منازل الفلسطينيين على يد المستوطنين اليهود تحدث تقريباً مع نهاية كل أسبوع، حيث ينتقل اليهود المتطرفون من مستوطنة ''يتزهار'' المجاورة لتخريب البيوت الفلسطينية وترويع سكانها؛ وما أن تسمع صراخهم حتى تسارع ''نهلة'' إلى إبعاد أطفالها وإدخالهم إلى البيت، ثم تخرج كاميرا فيديو صغيرة أعطتها لها منظمة ''بتسليم'' -التي تدافع عن حقوق الإنسان في إسرائيل- وتبدأ في التصوير؛ وبتلك الكاميرا الصغيرة تحاول المرأة الفلسطينية تصوير المستوطنين وهم يقطعون أنابيب المياه، ويهشمون النوافذ، أو يكتبون عبارات مهينة على جدران المنازل الفلسطينة؛ ويبدو أن الكاميرات تحولت في هذا السياق إلى سلاح جديد غير عنيف يستخدمه الفلسطينيون في مواجهة العدد المتنامي للهجمات التي يشنها المستوطنون اليهود القلقون على ما سيؤول إليه مصيرهم خلال المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية؛ ولذا تتحول الأحداث التي يصورها الفلسطينيون -غالباً ما يعرضها التلفزيون الإسرائيلــــي- إلى أداة للـــردع وأيضـــا لإحقاق العدالة· توضــــح هــــذا الأمر ''شاريــــت ميكائيلــي'' -المتحدثة باسم منظمة بتسليم- قائلة: ''إننا نلجأ إلى استخدام الكاميرات أملا في تقليص مستويات العنف، فعندما يرى المستوطنون الكاميرا نعتقد أنهم يصبحون أقل عنفاً، لكننا أيضا نريد من الإعلام أن يعرض مشاهد العنف حتى يرفع الوعي لدى الرأي العام، ويمارس الضغط اللازم على مؤسسات إنفاذ القانون لتقوم بعملها''؛ وفي إطار جهودها الرامية إلى التصدي للعنف قامت منظمة ''بتسليم'' الإسرائيلية بتوزيع حوالي 150 كاميرا كجزء من برنامج ''الرد'' على المستوطنين الذي بدأ يعطي أكله في الفترة الأخيرة، لا سيما أن بعض تلك المشاهد التي التقطتها كاميرات الفلسطينيين استخدمت لعرض ما لا يقل عن عشرين قضية أمام المحاكم الإسرائيلية التي تنظر حالياً حالات عنف تورط فيها المستوطنون· ففي إحدى الحالات التي عُرضت على نطاق واسع في شهر يونيو الماضي تم تصوير أربعة مستوطنين مقنعين أثناء اعتدائهم على أفراد أسرة فلسطينية كانت ترعى الغنم بالقرب من الخليل، لكن المتحدثة باسم المنظمة أكدت إطلاق سراح المشتبه فيهم بسبب الأقنعة التي كان يضعها المعتدون وتعذر التعرف عليهم من قبل الشرطة· تمتلك الشرطة الإسرائيلية 407 حالات جنائية توثق تورط اليهود في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية خلال السنة الأخيرة، هذا التصعيد في وتيرة العنف يؤكده ''داني بوليج'' -المتحدث باسم فرقة الشرطة المسؤولة عن الضفة الغربية- مشيراً إلى أنه بين يناير وأغسطس من السنة الجارية ارتفعت نسبة التبليغ عن أحداث العنف إلى 11 بالمائة خلال السنة الأخيرة؛ وعلى ما يبدو تحول الصدام بين المستوطنين اليهود والفلسطينيين في شمال الضفة الغربية إلى حوادث متكررة، لا سيما خلال موسم جني الزيتون عند الفلسطينيين، بحيث تتزايد الاحتكاكات بين الجانبين متسببة في اندلاع أعمال عنف بينهما· ويشتكي الفلسطينيون من استهداف مزارعهم وقيام المستوطنين بتجريف أشجار الزيتون ومنعهم من الوصول إليها، وهو ما ينفيه المستوطنون الذين يتهمون من جانبهم الفلسطينيين بالرغبة في التمدد داخل الأراضي وطردهم من أماكن تواجدهم؛ ومع أن عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل مازالت متعثرة في ظل المفاوضات المتواصلة وانشغال إسرائيل بالتطورات الداخلية، يخشى المستوطنون من إجبارهم على إخلاء المستوطنات في الضفة الغربية ضمن اتفاق سلام يتم التوصل إليه مع الجانب الفلسطيني، وهو ما يوتر العلاقة بين المستوطنين والجيش، بل حتى مع القيادات داخل المستوطنات التي يتهمها البعض بالتعاون مع الحكومة على حساب مصالحهم؛ ويسعى الجناح المتطرف داخل حركة الاستيطان اليهودي إلى تحذير الحكومة من أن أي تحرك يرغمهم على مغادرة المستوطنات سيواجه بمقاومة شرسة بسبب مخاوف حقيقية تسيطر عليهم في هذه اللحظة التي تتصاعد فيها الضغوط الخارجية على إسرائيل بشأن موضوع المستوطنات ودورها في إعاقة التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين· والأكثر من ذلك تشهد المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية تمرد جيل الشباب الأكثر تطرفاً على القادة الدينيين المؤسسين لحركة الاستيطان بسبب المرونة التي أبدوها في التعامل مع الحكومة على حساب المستوطنين؛ وبالرجوع إلى قرية ''عصيرة الشمالية'' التي تتعرض بين الفينة والأخرى لهجمات المستوطنين المتشددين، تقول ''نهلة محمود:'' ''إنهم البادئون دائما لأنهم يرغبون في طردنا من هذه الأرض، رغم أنها مسجلة بأسمائنا منذ عدة أجيال، ولو فقط يبقوا في أماكنهم ونبقى نحن في أماكننا لعم السلام''؛ وتسارع الأم الفلسطينية إلى النافذة لالتقاط صور المستوطنين وهم يخربون البيوت كلما اقتربوا من بيتها الذي يعتبر الأقرب إلى المستوطنة اليهودية، رغم ما يشكله ذلك من خطورة عليها بسبب سعي المتطرفين إلى انتزاع الكاميرا وتهشيمها؛ ولا تقتصر هجمات المستوطنين على البيوت، بل تمتد، حسب منظمة ''بتسليم'' الإسرائيلية، إلى رشق سيارات الفلسطينيين والاعتداء الجسدي على المزارعين، فضلا عن حرق المحصول الزراعي، وسرقة الماشية· وأمام هذا الوضع المتفاقم الذي يسلط الضوء على تناقضات المجتمع الإسرئيلي بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية، أمر وزير الدفاع ''إيهود باراك'' بإقامة قوة خاصة لتنسيق الجهود بين مختلف الأجهزة الأمنية والتصدي لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون لتضم ممثلين عن جميع الأجهزة، بما فيها الجيش والشرطة ووزارة العدل وجهاز الأمن الداخلي ''شين بيت'' لمواجهة عنف المستوطنين وضمان تطبيق القانون· إيلين بروشر-الضفة الغربية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©